صراع "الجهات السيادية" يضعف المتعاونين مع الجيش المصري

10 يناير 2018
طالَب السيسي بضرورة توحيد جهود كل الجهات السيادية(فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن صراع المؤسسات والجهات الرسمية في مصر لم ينتهِ، رغم محاولات الرئيس عبد الفتاح السيسي إنهاء هذه الخلافات وإرساء أسسٍ للتعاون بين كل الأطراف. وحاول السيسي خلال العامين الماضيين، مع تصاعُد عمليات تنظيم "ولاية سيناء" التابع لـ"داعش"، توحيد جهود كل الجهات السيادية، وتحديداً بين جهازي الاستخبارات الحربية والعامة. ولم تقتصر محاولات السيسي على ملف سيناء فقط، ولكن أيضاً حول عدم التضارب بشأن ملفات عدة مهمة تتعلّق أيضاً بالأزمة الليبية، ولكن دون جدوى حتى الآن. وتلقّى بعض أبناء القبائل المتعاونة مع الجيش والأجهزة الأمنية في سيناء ضربة قوية أخيراً، بمحاولة أشخاص مجهولين القبض على أحد قادتهم خلال وجوده في القاهرة خلال اليومين الماضيين.

وفوجئ موسى الدلح، وهو أحد أبناء قبيلة الترابين المتعاونين مع الجيش، ويعمل في مجال المقاولات، بمحاولة بعض الأشخاص، مجهولي الهوية، القبض عليه واصطحابه إلى جهة غير معلومة. وكشف الدلح عن تفاصيل الواقعة عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، وقال إن أشخاصاً زعموا أنهم تابعون لـ"جهة سيادية"، حاولوا القبض عليه للتحقيق معه في ما ينشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وشنّ الدلح هجوماً حادّاً على الأجهزة السيادية في مصر، موجهاً نداءً إلى السيسي بسرعة التدخل، خصوصاً وأنه يدعم الدولة المصرية في حربها على الإرهاب، بحسب قوله. وشدد على أنه حصل على تعهُّد من قائد قوات مكافحة الإرهاب اللواء أركان حرب محمد المصري، بعدم الاقتراب منه. وبحسب الدلح، فإن الاتصال بالشرطة وتجمُّع بعض سكان العقار الذي يتواجد فيه، حال دون القبض عليه.

وقالت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية، إن الجهة المسؤولة عن الأوضاع في سيناء، والتعامل مع القبائل، هي الجيش المصري في المقام الأول، وبالتالي فإن الدلح يعتبر فعلياً تحت وصاية القوات المسلحة. وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن الدلح ومجموعة "اتحاد قبائل سيناء"، يتعاملون مع الاستخبارات الحربية وقيادات الجيش، في ما يتعلّق بنقل أية معلومات لديهم حول تحركات العناصر الإرهابية، مشيرةً إلى أنّ "الاستخبارات العامة ليست فاعلة في ملف سيناء كما كانت في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، والمسيطر هناك الآن هي الاستخبارات الحربية، نظراً لطبيعة العمليات العسكرية وإدارة المشهد بما يخدم جهود مكافحة الإرهاب".


ولفتت المصادر إلى أنه "من المؤكّد أن محاولة القبض على الدلح كانت من قبل الاستخبارات العامة، لمحاولة فتح خطوط اتصال مع أطراف في سيناء، حتى يكون لها عيون ومصادر للمعلومات من هناك"، مشددةً على أن الاستخبارات العامة "لم تكن ترغب في تصعيد الموقف والقبض على الدلح بالصورة المتعارف عليها، ولكن ربما كان الغرض محاولة الحصول على المعلومات منه، باعتباره ضمن المجموعة التي تتابع تحركات تنظيم "ولاية سيناء".

وحول موقف المؤسسة العسكرية من الدلح، أشارت المصادر ذاتها، إلى أنه "مشمول بحماية القوات المسلحة، وإلاّ لما كان خرج بالأساس من سيناء متوجهاً إلى القاهرة، ولو أراد الجيش المصري القبض عليه لكان نفّذ ذلك في سيناء من دون الحاجة لضبطه في القاهرة". وأكدت أن الواقعة "ربما تسبّب أزمة بين المؤسسة العسكرية والاستخبارات العامة، خصوصاً وأن ملف سيناء وتحديداً المجموعة المسماة "اتحاد قبائل سيناء" قريبة من الجيش، ولديها مصالح اقتصادية معه".

وشهد مقر الاستخبارات العامة اجتماعات تنسيقية عدة بين الاستخبارات الحربية والعامة خلال الأشهر الماضية، بعد طلب السيسي توحيد الجهود في ملفات عدة، في فبراير/شباط 2016، وهو ما كشفته "العربي الجديد" حينها.

وظهر الاستياء على السيسي حول ضعف الأداء العسكري والاستخباراتي في التعامل مع ملف سيناء. وأكّدت مصادر حينها، أن اجتماعاً عُقد بين الطرفين، للتأكيد على ضرورة تبادل المعلومات بينهما، وتكثيف جهود تجنيد عدد كبير من الأهالي في سيناء، لنقل تحركات وأخبار تنظيم "ولاية سيناء"، لكي يسهل التعامل معه. وأوضحت أنّ هناك نية لدى القيادة العسكرية في التوسّع في التشاور حول الطريقة المثلى للتعامل مع التنظيم المسلح، من الناحية الاستخباراتية ومحاولة زرع عناصر داخله، في محاولة لتفكيكه.

وبحسب المصادر، فإن الاجتماع كان في إطار توجيهات السيسي الذي طالَب بضرورة التنسيق بين الاستخبارات العامة والحربية، بدلاً من التخبط والصراع بين الأجهزة السيادية في الدولة، وهو ما يضرّ أكثر مما يفيد.

دلالات