وتمكّن ثلاثة شبان فلسطينيين، أمس الثلاثاء، من التوغّل 20 كيلومتراً، حتى مشارف قاعدة التدريبات البرية لجيش الاحتلال تسئيليم، قبل أن يتجوّلوا بحرية شبه مطلقة في طرقات كيبوتس تسئيليم، وفق ما أظهرته كاميرات المراقبة.
ورأى محللو الشؤون الأمنية والعربية في الصحف الإسرائيلية، أنّ ما حدث، شكّل فشلاً أمنياً كبيراً للجيش الإسرائيلي في ضبط الحدود، وفي منع فلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل، على الرغم من إعلان حالة استنفار وتأهب قصوى في صفوف الجيش، وفي قيادة المنطقة الجنوبية استعداداً لمواجهة أحداث "يوم الأرض"، بعد غد الجمعة.
وقالت صحيفة "معاريف"، إنّ ما حدث، أمس الثلاثاء، هو "حالة من الفشل الذريع، تتوج بثلاثة أحداث أمنية وقعت على الحدود مع غزة، بدءاً من تمكّن مجموعة فلسطينية، السبت الماضي، من اجتياز الحدود، ومروراً بالعصبية التي تجلّت في تفعيل منظومة القبة الحديدية، قبل يومين، ردّاً على إطلاق مدافع رشاشة في القطاع، وصولاً إلى عملية التسلل، أمس".
وبحسب مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية طال ليف رام، فإنّ "شيئاً ما يحدث في قيادة الجيش في الجنوب (الحدود مع القطاع)، فالسياج الحدودي الذي كان عصياً على الفصائل العسكرية الفلسطينية، بات سهل الاجتياز من قبل مواطنين فلسطينيين عاديين".
من جهته، اعتبر المحلل يوسي يهوشواع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنّ "سلسلة الأحداث الأخيرة، تؤكد أنّ شيئاً غير جيد يحدث في مفرزة قطاع غزة، في الأونة الأخيرة، ولم يعد بالإمكان التستر وراء ذرائع مختلفة"، في إشارة لقول قيادة الجيش الإسرائيلي إنّ الفلسطينيين الذي تمكّنوا، أمس الثلاثاء، من التسلّل إلى إسرائيل، واجتياز الحدود استفادوا من الضباب الكثيف، علماً أنّ التحقيق الأولي لجيش الاحتلال، أظهر أنّ شبكة الإنذار المرتبطة بالسياج الحدودي، تم إطلاقها، لكن القوة التي وصلت إلى المكان، قامت بعملها بشكل سطحي، ولم تفحص الموقع بصورة جيدة.
وبحسب يهوشواع، فإنّه حتى "لو سلّمنا بتقديرات الجيش أنّ الفلسطينيين الثلاثة ليسوا إرهابيين، فإنّنا نبقى أمام فشل مدوٍ ينضم لسلسلة من الأخطاء، لا يفترض أن يقع فيها الجيش الإسرائيلي، وبالتأكيد ليس في الوقت الذي يكون فيه الجيش في حالة استنفار وتأهب، على خلفية الاستعدادات لمواجهة فعاليات يوم الأرض ومسيرة العودة".
ووفق يهوشواع "إذا كان هذا وضع الجيش في حالات الاستعداد والتأهب، فإنّ ذلك يبعث على القلق".
بدوره، اعتبر يوآف ليمور محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أنّ "نقطة الضوء الوحيدة في عملية التسلل، أمس الثلاثاء، هو أنّها انتهت دون إصابات وضحايا، وهو ما يعود الفضل فيه ليس للجيش الإسرائيلي، وإنّما للفلسطينيين الذين تسللوا ولم يقوموا بأيّ عملية أو محاولة لقتل أو اختطاف إسرائيليين، رغم أنّ الفرصة كانت متاحة لهم".
ورأى ليمور أنّ "الفشل الذي وقع فيه الجيش، أمس الثلاثاء، يطاول، في واقع الحال، كافة الجهات والمنظومات ذات الصلة: الاستخبارات التي لم تعرف بعملية التسلل، نقاط المراقبة التي لم تكشف قصّ السياج الحدودي، والمطاردة التي امتدت لساعات طويلة بعد أن وقعت عملية اجتياز الحدود".
وكغيره من المحللين، أشار ليمور إلى أنّ "عملية التسلل، أمس الثلاثاء، هي الحادثة الثالثة، خلال أسبوع، التي يضطر فيها الجيش لفحص نفسه، فقد سبقتها عملية إطلاق منظومة القبة الحديدية، قبل يومين، بشكل عكس حالة عصبية زائدة في الجيش، وعملية تسلل سابقة، السبت الماضي".
وأضاف أنّ "تكرار هذه الحوادث خلال أسبوع، يعيش فيه الجيش في حالة استنفار، عليها أن تقلق القيادات العليا للجيش في المنطقة الجنوبية، وخاصة على ضوء اقتراب موعد مسيرة العودة".
وذهب ليمور إلى القول، إنّه "من الواقعي الافتراض أنّ تسلسل هذه الأحداث، لم يغب عن بال قيادة حركة حماس، بالرغم من أنّ التقديرات في إسرائيل، ما زالت على ما هي عليه، من أنّ حركة حماس غير معنية بمواجهة عسكرية أو تصعيد".
لكن على إسرائيل، بحسب ليمور، أن "تهتم بألا تنجر حماس وراء إغراءات لحصد إنجازات تكتيكية، من شأنها أن تتزايد في ظل الأخطاء وحالات الفشل الأخيرة من الجانب الإسرائيلي، ومما قد يبدو في غزة حالة نشوة أو ثغرة خطيرة، في أسوار وخطوط الدفاع والردع الإسرائيلية"، وفق قوله.