صحافي يتسلل في الشرطة الفرنسية... ليفضح انتهاكاتها

09 سبتمبر 2020
كشف فلانتان جاندرو العنصرية والعنف (جويل ساجيه/فرانس برس)
+ الخط -

أصدر الصحافي الفرنسي فلانتان جاندرو كتابه "فليك" (شرطة) الذي يوثق فيه حوادث عنف وانتهاك للقوانين كان أبطالها رجال الشرطة في الدائرة الـ19 من العاصمة باريس، حيث تمكن جاندرو من العمل في مركز الشرطة هناك لمدة سنتين مُخفياً هويته كصحافي.

الكتاب أحدث جلبة كبيرة في فرنسا، إذ إنه يأتي في وقت تشهد فيه البلاد انقسامات كبيرة بين المدافعين عن جهاز الشرطة والمنتقدين له، حيث نظمت عشرات التظاهرات مؤخراً ضد العنف والعنصرية والتمييز التي تمارسها الشرطة الفرنسية، حشدت عشرات الآلاف في شوارع العاصمة ومدن فرنسية كبرى.

يوثق جاندرو في كتابه حوادث مثل تزوير الشرطة تقارير عن وقائع كانت تحصل، ويقول إنه في إحدى المرات تلقوا اتصالاً يشكو مجموعة من المراهقين كانوا يحتفلون وأزعجوا أحد الجيران بصوت الموسيقى المرتفع، وعند توجه الدورية إلى المكان انهال أحد عناصر الدورية على مراهق بالضرب، ولاحقاً تم تزوير التقرير، الذي شارك جاندرو في كتابته، لتبرئة ذمة ضابط الشرطة وتحويله إلى "إهانة الشرطة" لإدانة المراهق. ومع صدور الكتاب، أعلنت قيادة شرطة باريس أنها أبلغت المدعي العام بكل هذه "الحقائق المفترضة"، وأعلن مكتب المدعي العام في باريس أنه فتح تحقيقاً في "الادعاءات التي ذكرها الكتاب".


وكان وزير الداخلية جيرالد درمانان، أحد الشخصيات الكبيرة المناصرة للشرطة، قد طلب من محافظ شرطة العاصمة ديدييه لالما، التحقيق فيما ورد في الكتاب. وأصدر لالما بياناً في وقت لاحق قال فيه، إن التحقيق سيشمل كذلك "تحديد أسباب عدم إخضاع الوقائع المزعومة لتقرير فوري للمدعي العام".
وقالت مديرية الشرطة إنه "في هذه المرحلة، لم يتم التعرف على ضباط الشرطة المتهمين ولا يتم التحقق من الحقائق المزعومة (..) يؤكد قائد الشرطة مجدداً دعمه الكامل لضباط الشرطة الذين يقومون بمهامهم اليومية بمهنية في ظروف صعبة غالباً". في المقابل، واجه الكاتب انتقادات لقيامه بهذا التحقيق من دون التعريف عن نفسه كصحافي لجهاز الشرطة؛ المحرر السياسي الشهير في صحيفة "لوباريزيان" دومينيك دو مونتفالون، اعتبر ما قام به جاندرو أنه "غير أخلاقي تماماً"، حيث قام باتباع "وسيلة غير عادلة" للحصول على المعلومات، وهذا ينتهك ميثاق "الأخلاقيات المهنية للصحافيين"، بحسب ما نقلت عنه قناة "فرانس انفو".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

لكن فلنتان جاندرو ليس أول من قام بهذه الخطوة، فقد سبقه صحافيون كبار مثل فلورنس أوبيناس (لوموند) التي عملت، من دون ذكر وظيفتها الحقيقية، كعاملة تنظيف في نورماندي لكتابة قصة "رصيف ويسرهام"، وجيفري لو جيلشر الذي تسلل إلى مسلخ بريتون ليكتب "ستيك ماشين".
من جهته، يبرر جاندرو ما قام به في مقابلة تلفزيونية مع "لوميديا تي في" بالقول، إن "الشرطة قضية تثير الانقسام للغاية. هناك قسم من السكان يدعم الشرطة ويركز تعليقاته وملاحظاته على التنديد بظروف عملهم. وهناك جزء آخر من السكان يكره الشرطة ويفضل أن يدين عنف الشرطة. ما أثار اهتمامي هو التعامل المباشر مع اثنين من المحرمات الكبرى للشرطة، عنف الشرطة، ومدى صعوبة أن تكون شرطياً". ومن المقرر أن تنظم تظاهرات جديدة في 12 سبتمبر/أيلول المقبل في معظم المدن الفرنسية، بعد تعبئة قامت بها جماعة السترات الصفراء، وانضمت إليها لاحقاً جمعيات ومؤسسات مناهضة للشرطة والعنصرية. وكانت أكبر تلك التظاهرات على الإطلاق قد خرجت منتصف شهر حزيران/يونيو الماضي، حيث شارك بها أكثر من 120 ألف شخص في العاصمة وحدها، في حين خرجت تظاهرات مماثلة في عدد من كبرى المدن الفرنسية بالتزامن.

المساهمون