شنيديرمان يحلل فوز إسرائيل في "يوروفيجن": تسويق الكذب للتغطية على المجازر

22 مايو 2018
ارتكب الاحتلال مجازر بحق المدنيين في غزة (Getty)
+ الخط -
كرّس الصحافي الفرنسي، دانييل شنيديرمان، مقالته الأسبوعية في صحيفة "ليبراسيون ميدياتيك"، لفوز المغنية الإسرائيلية نيتا بارزيلاي، في سباق "يوروفيجن" الذي جرى في لشبونة، في طبعته الثالثة والستين هذا العام، وعنوانها "إسرائيل، الدجاجة والغولة".

وخلُص شنيديرمان، في مقالته، إلى أن فوز الإسرائيلية في سباق "يوروفيجن" غطّى على صُوَر مجازر غزة

وكتب "يعرف المرء أنه لا يجب الضغط على هذا الفيديو، كما لا يجب مشاهدته، يعرف أنه سيكون مؤلماً، ولكنه يضغط، رغم ذلك. الأمر جيد. لم نخطئ. بنيامين نتنياهو يحاكي الدجاجة مع نيتا بارزيلاي". 

من هي نيتا بارزيلاي؟ إنها المغنية الفائزة في "يوروفيجن"، بفضل أغنيتها "توي" المستوحاة من حملة #MeToo (أنا أيضاً) العالمية ضد التحرش الجنسي. "تصميم الرقص التمثيلي للأغنية يستعير تصفيق أجنحة الدجاج. وبعد الإعلان عن فوزها، عبرت بارزيلاي عن السعادة من أجل بلدها، مقدّرةً أن هذا الفوز سيحسّن صورته، ويبرزه على حقيقته"، وفقاً للكاتب.      

ثم يتحدث الصحافي عن الاستثمار السياسي لهذا الإنجاز الفني، فيوضح "عند عودتها إلى إسرائيل، استقبلها رئيس الحكومة الذي حرّك، بشيء من الرشاقة، أمام المصورين، ساعدَيه، وهو يقلّد المغنية التي تقلّد الدجاج". 


ومن الصُّدَف التي تقول كثيرا من الأشياء أن الاستقبال جرى يوم 17 مايو/أيار، أي بعد مرور ثلاثة أيام على المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأدّت إلى مقتل أكثر من ستين غزّياً، كانوا يأملون في عبور الأسلاك الشائكة على الحدود، كما أدّت المجزرة إلى جرح نحو 2000 شخص.         

وأضاف الصحافي أن "هذا المقطع (الدواجنيّ) انتشر عبر فيديوهات قصيرة، على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم بأسره. وكان مئات من الشباب الإسرائيلي قد اقتحموا، قبل أيام، باحات المسجد الأقصى للصلاة (وهو ما يعتبر محظوراً عليهم، نظرياً). البعض منهم كان يؤدي رقصة الدجاجة. وأخيراً، لنقل بأننا كنا نعلم أنه سوف نرى، عاجلاً أم آجلاً، نتنياهو أو بارزيلاي وهما يصنعان معا خمّ الدجاج".   

وتساءل الصحافي الفرنسي: ما الذي تقوله "توي"؟ وأجاب بنفسه: "في أغنية واحدة، يوجد على الأقل خطابان. الأول، هو أن إسرائيل أصابتها، مثل الجميع، ظاهرة (أنا أيضاً). إسرائيل، ليست فقط تقطنها عائلات المستوطنين الأصوليين التي تضم 12 فرداً. ثانياً، إسرائيل لا تخشى تصدير مغنية خارج المعايير، بوزن زائد، إسرائيل ليست عبداً لإكراهات الموضة والورق المصقول، إسرائيل تكافح ضد فوبيا البدانة".

وبعدها، وجّه الصحافي، بشكل ساخر ولاذع، إهداءً إلى الكيان الصهيوني: "أولاً، البلد يرفض إجراء تحقيق دولي حول مجازر غزة. صحيح أنه بلد ينتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكنه ديمقراطية، بل ديمقراطية حقيقية، والنقاشات مفتوحة. والدليل؟ (أنا أيضاً) وبارزيلاي، إذن. وكوت كوت كوت، رقصة الدجاج لدى نتنياهو... هل رأيتم سكان غزة الذين يتدافعون نحو الأسلاك الشائكة على الحدود؟ هل رأيتموهم يؤدون رقصة الدجاجة؟ لقد تجاوزتهم الموضة. كوت كوت".     


هذا الفوز غير المنتظر للمغنية جاء، كما يكتب الصحافي الفرنسي، ليقدم صورة أخرى لانتصار البلد، صورة مُعدَّة سلفاً ومبرمجة، منذ فترة طويلة: إيفانكا ترامب، في ثوب أبيض نقي، وهي تفتتح السفارة الأميركية في القدس (التي نُقلت بقرار من أبيها من تل أبيب). 

"وخلال بضع ساعات، كانت الصورتان متنافستين، من أجل تجسيد الانتصار الإسرائيلي. صراع غير متساو. ومن دون التسبب في إهانة عائلة ترامب، نقول إن صورة نيتا تفوقت بعشرة أضعاف. يمكن انتقاد إيفانكا ترامب. وبمقدور صحيفة نيويورك دايلي نيوز (معادية لترامب) صناعة مونتاج فوتوغرافي عنها مع قتلى فلسطينيين، ووصفها على الصفحة الأولى بغولة متعطّشة للدم. إيفانكا هدفٌ شرعي. ولكن نيتا، غير قابلة للكسر"، وفق الكاتب.

وأضاف "هذا يسمى بالقوة الناعمة. ثلاثة تصفيقات سواعد جمّدت في الرؤوس الأوروبية صُوَر قتلى وجرحى غزة الذين سقطوا تحت رصاص قنّاصة النخبة، الذين لا يؤدون، على الأرجح، رقصةَ الدجاجة. كيف يمكن اعتبار الحكومة الإسرائيلية لاإنسانية، ما دام رئيس الحكومة يؤدي رقصة الدجاجة؟ ما دام أن النقيضة لتوب موديل تمّ اختيارها لتمثيل البلد؟ وما دام أن إسرائيل متماهية مع الموضة، واحتفالية، وبهلوانية، قليلاً". 

ويختم شنيديرمان مقالته بهذه النفحة الساخرة: "إن بعض الدول تعاني كثيرا من أجل بناء وسائل قوة ناعمة. فالولايات المتحدة شيدت صناعة سينما بأكملها. روسيا بوتين (فلاديمير بوتين) تنفق كثيراً من أجل تشييد مواقع وقنوات تلفزيون. أما الإسرائيليون فقد نجحوا بضربة معلم، بفضل مغنية وأوركسترا".

المساهمون