صحافيو اليسار: الصراع ليس مع المسلمين

18 يناير 2015
(Getty)
+ الخط -
ما من شك في أن يساريين كثرا في الدول الاسكندنافية كانوا يرون في ماضي "شارلي إيبدو" تعبيراً عن يسارية جيل الـ68 بعد ثورة الشباب. ذلك الجيل، ومن اتبع النهج نفسه، لديه انتقادات كثيرة على الصحيفة الساخرة، وغيرها من صحافة اليسار التي يتهمونها "بالتوجه نحو الوسط، وترك اليسار". في حالة شارلي يوجّه هؤلاء لها نقداً مختلفاً. يقولون: "أصبحت ذراعاً إعلامية في ماكينة بروباغندا النخبة الحاكمة والمتسلطة".

ويعطي هؤلاء بعض الأمثلة، التي لا تتعارض مع التعاطف مع الضحايا ورفض الاستهداف مهما كانت أسبابه، "فكيف لو كانت لإخراس الأصوات الناقدة" على ما يذهب بعض هؤلاء. فهم بالعموم يرون أن "الإسلام السياسي يتعارض مع اليسار".
ولا يخفي "يساريون ثوريون" كثر منهم علاقتهم الفكرية والكفاحية مع اليسار الفلسطيني والكردي. غضبهم على الإسلام السياسي، وتحديداً على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يستند لعلاقة وفهم ثورات وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. هم يرون مهمة "داعش" في سورية "وأد الثورة، وضرب حق الأكراد في تقرير المصير". لهذا يتمثل برأيهم دور اليسار العالمي في قراءة الإسلام السياسي؛ مثل قراءة الإمبريالية في تعرضها مع مصالح الشعوب.

لا يخفي الكاتب اليساري الدنماركي بيلا درواستيد قراءته بأن "التبرير القائل إن انتقاد البغدادي وفكر التطرف الإسلامي مجرد عنصرية أو أنه السبب في استهداف شارلي إيبدو هو تبرير خاطئ". بل يرى الأمر في سياق آخر مرتبطا بنضال أشمل يجري تشويهه من الغرب ".
فالجهاديون في الشرق الأوسط يستخدمون وبفعالية ازدواجية المعايير الغربية، مشيرين بأصابعهم إلى قتل إسرائيل مئات الأطفال بلا ردة فعل غربية. إن صور غوانتانامو وأبو غريب أفادت الجهاديين كثيراً. لكن لا يمكن إغفال أن كثيرا من هؤلاء الجهاديين يستندون على تهميش طبقات مختلفة، وأهمها الشباب والفقراء في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وبقاء القضية الفلسطينية بلا حل وعدم وجود سياسة دمج حقيقية وفعالة للأقليات المسلمة في الغرب".

يظن هؤلاء الكتاب والصحافيون اليساريون أن النخب الغربية تسيء استخدام شعارات حرية
التعبير والرأي في مجالاتها التي تبقي على حالة تهميش لملايين البشر، إضافة إلى لامبالاة بمعاناة العرب في ظل أنظمة تقتل من ناحية، وتشجع على بروز هؤلاء الإسلاميين كفزاعة بوجه الشعوب.

ينتقد كتاب وصحافيون يساريون في الدنمارك والسويد والنرويج غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ محملين الغرب مسؤولية كبيرة في دعم "بقاء الوضع على ما هو عليه لتبقى إسرائيل تستمتع بالأمن، والادعاء بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

من بينهم أيضاً من يعتقد بأن "الثورة في سورية هي محاولة تدخل إمبريالي في البلاد"، رغم أنهم من الناحية الأخرى مع "كفاح الشعب الكردي في سورية لنيل حقوقه وتقرير مصيره ولو بالكفاح المسلح".

يبقى موقف كتاب وصحافيي اليسار الاسكندنافي وبصحفهم ومواقعهم أفضل بكثير من صحف تحاول جر الشعوب نحو ردود فعل، ومواقف تعميمية تعزف على وتر: "ألم نقل لكم؟". وهؤلاء يحاولون في كل وسيلة إعلامية ولقاء عام أن يفرملوا تقدم شعارات فاشية، وسيطرتها على الفضاء العام. رغم أنهم يبدون كمن يسبح عكس التيار؛ واصفين التحليلات التي تقدمها صحف اليمين ويمين الوسط بأنها "سطحية واستشراقية".


المساهمون