عندما تركتْ فلسطين في عام 1948، كانت تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً. كانت قد حفظت كل تفاصيلها وما زالت، فيما تتمنى العودة إليها. هي الحاجة صبحية عوض البلعوس أو "أم علي مشعل".
في عام 1915، ولدت الحاجة صبحية في قرية سعسع في قضاء صفد، لتتخطّى اليوم المائة من عمرها بعيدة عن فلسطين وطنها وعن سعسع قريتها، وتعيش في مخيم نهر البارد، شمال لبنان، حيث تُعدّ أكبر معمّرة فيه. اليوم، لا تهتم إلا بالصلاة. هي شغلها الشاغل في حياتها اليوميّة، حتى أنها تواظب على صلاة الليل. إلى ذلك، تحاول الحاجة صبحية اقتناص بضع ساعات في النهار لتريح جسدها، فيما تجمع وجبتي الغداء والعشاء مع بعضهما بعضاً.
والحاجة صبحية التي ولدت في أثناء الحرب العالمية الأولى، شهدت ثورة عز الدين القسام في عام 1936 التي كانت ضد المحتل الإنجليزي لفلسطين. ومن ثم، "خبرت ويلات الحرب العالمية الثانية التي نتج عنها وعد بلفور، الذي أعطى الحق لمن ليس له حق، وهو أن تكون فلسطين لغير أهلها في عام 1948". في ذلك العام، تركت فلسطين مع طفليها، متوجهة نحو البقاع اللبناني وتحديداً إلى منطقة القرعون. وبعد سنتين من التشريد والجوع والفقر والبرد، توجّهت مع عائلتها وجيرانها الذين خرجوا معها من سعسع، نحو مخيم نهر البارد في شمال لبنان. هناك، أنجبت أربعة أولاد، وهي ما زالت مستقرّة فيه حتى يومنا هذا.
تابعت الحاجة صبحية الحروب التي توالت على الشعب الفلسطيني. بعد حرب عام 1967 التي أدت إلى احتلال العدو الصهيوني ما تبقى من أراض فلسطينية حرّة، أيقنت أن "الأسبوع الذي وعدنا به العرب عند خروجنا من فلسطين، لن ينتهي، ما دمنا نُباع في كل حين". ومن الحروب التي عاشتها، تلك التي كانت قامت بين "فتح الإسلام" والجيش اللبناني في مخيم نهر البارد، والتي أتت نتيجتها تدميراً للمخيم. لكن، بعدها، لم يكن أمامها خيار إلا العودة إلى المخيم، حتى ولو سكنت في خيمة متواضعة. لم يكن لديها مكان آخر، تلجأ إليه.
ما زالت الحاجة صبحية تتذكر اليوم، على الرغم من سنواتها، كل ما حلّ بشعبها من ويلات ومآس. تقول: "عشنا أيّاماً صعبة جداً في فلسطين. جعنا، لكننا صبرنا على كلّ ما حل بنا. كان المهم أننا نعيش في بلادنا. وحلّت نكبة عام 1948. خرجت مع زوجي وولدَيّ من فلسطين، وبقينا صابرين على الرغم من أننا تركنا وطننا. رحلنا في انتظار تنفيذ وعد العرب لنا. حينها، قال العرب لنا: اتركوا أرضكم، وسنعيدكم إليها بعد أسبوع. لكن ذلك الأسبوع لم ينته بعد".
لم تعرف الحاجة صبحية الخمول قط في حياتها. حتى اليوم، وقد تخطّت المائة عام من عمرها، لا تعرفه. أم علي كانت تؤازر زوجها في أعمال الزراعة، ولم تتوان يوماً عن الذهاب معه إلى البساتين والحقول، لمساعدته على تأمين قوتهما وقوت أولادهما. لم يهمها إن كان ذلك في الوطن، في فلسطين، أم في بلاد اللجوء.
أما اليوم، فتروي الحاجة صبحية أن "في كل صباح، أستيقظ باكراً وأؤدي صلاة الفجر. بعد ذلك، أحاول تنظيف ما أستطيع تنظيفه في الغرفة التي أسكنها". تضيف أن "حفيدتي التي تأتي لزيارتي بشكل يومي، تعمل على تنظيف ما لم أتمكن منه. غرفتي واسعة جداً وأنا أتعب في تنظيفها. كذلك تجهز لي الطعام وتطمئن على صحتي". يُذكر أن الحاجة صبحية تستطيع التحرك في الغرفة بشكل طبيعي، كذلك ما زالت تسمع وترى بشكل جيد. وهي أيضاً تتناول طعامها بمفردها.
تتمتع الحاجة صبحية بحيوية قلّ ما نجدها عند عدد كبير من المعمرين، وهي تتميّز أيضاً بوجه بشوش وبالمرح. ولعلّ ذلك هو ما يساعدها على متابعة حياتها بشكل طبيعي، مع الإشارة إلى أنها تدرك كل ما يدور من حولها. لكن أملها يبقى على الرغم من سنواتها التي تجاوزت المائة، العودة إلى فلسطين. تبرر: "هي الأرض التي ولدت فيها، وأوّد الموت فيها". وترفع يديها نحو السماء، لتدعو الله أن ينير قبرها ويجعله روضة من رياض الجنة وأن يحسن خاتمتها.
اقرأ أيضاً: فرنيّة أم أكرم بنكهة فلسطينية
في عام 1915، ولدت الحاجة صبحية في قرية سعسع في قضاء صفد، لتتخطّى اليوم المائة من عمرها بعيدة عن فلسطين وطنها وعن سعسع قريتها، وتعيش في مخيم نهر البارد، شمال لبنان، حيث تُعدّ أكبر معمّرة فيه. اليوم، لا تهتم إلا بالصلاة. هي شغلها الشاغل في حياتها اليوميّة، حتى أنها تواظب على صلاة الليل. إلى ذلك، تحاول الحاجة صبحية اقتناص بضع ساعات في النهار لتريح جسدها، فيما تجمع وجبتي الغداء والعشاء مع بعضهما بعضاً.
والحاجة صبحية التي ولدت في أثناء الحرب العالمية الأولى، شهدت ثورة عز الدين القسام في عام 1936 التي كانت ضد المحتل الإنجليزي لفلسطين. ومن ثم، "خبرت ويلات الحرب العالمية الثانية التي نتج عنها وعد بلفور، الذي أعطى الحق لمن ليس له حق، وهو أن تكون فلسطين لغير أهلها في عام 1948". في ذلك العام، تركت فلسطين مع طفليها، متوجهة نحو البقاع اللبناني وتحديداً إلى منطقة القرعون. وبعد سنتين من التشريد والجوع والفقر والبرد، توجّهت مع عائلتها وجيرانها الذين خرجوا معها من سعسع، نحو مخيم نهر البارد في شمال لبنان. هناك، أنجبت أربعة أولاد، وهي ما زالت مستقرّة فيه حتى يومنا هذا.
تابعت الحاجة صبحية الحروب التي توالت على الشعب الفلسطيني. بعد حرب عام 1967 التي أدت إلى احتلال العدو الصهيوني ما تبقى من أراض فلسطينية حرّة، أيقنت أن "الأسبوع الذي وعدنا به العرب عند خروجنا من فلسطين، لن ينتهي، ما دمنا نُباع في كل حين". ومن الحروب التي عاشتها، تلك التي كانت قامت بين "فتح الإسلام" والجيش اللبناني في مخيم نهر البارد، والتي أتت نتيجتها تدميراً للمخيم. لكن، بعدها، لم يكن أمامها خيار إلا العودة إلى المخيم، حتى ولو سكنت في خيمة متواضعة. لم يكن لديها مكان آخر، تلجأ إليه.
ما زالت الحاجة صبحية تتذكر اليوم، على الرغم من سنواتها، كل ما حلّ بشعبها من ويلات ومآس. تقول: "عشنا أيّاماً صعبة جداً في فلسطين. جعنا، لكننا صبرنا على كلّ ما حل بنا. كان المهم أننا نعيش في بلادنا. وحلّت نكبة عام 1948. خرجت مع زوجي وولدَيّ من فلسطين، وبقينا صابرين على الرغم من أننا تركنا وطننا. رحلنا في انتظار تنفيذ وعد العرب لنا. حينها، قال العرب لنا: اتركوا أرضكم، وسنعيدكم إليها بعد أسبوع. لكن ذلك الأسبوع لم ينته بعد".
لم تعرف الحاجة صبحية الخمول قط في حياتها. حتى اليوم، وقد تخطّت المائة عام من عمرها، لا تعرفه. أم علي كانت تؤازر زوجها في أعمال الزراعة، ولم تتوان يوماً عن الذهاب معه إلى البساتين والحقول، لمساعدته على تأمين قوتهما وقوت أولادهما. لم يهمها إن كان ذلك في الوطن، في فلسطين، أم في بلاد اللجوء.
أما اليوم، فتروي الحاجة صبحية أن "في كل صباح، أستيقظ باكراً وأؤدي صلاة الفجر. بعد ذلك، أحاول تنظيف ما أستطيع تنظيفه في الغرفة التي أسكنها". تضيف أن "حفيدتي التي تأتي لزيارتي بشكل يومي، تعمل على تنظيف ما لم أتمكن منه. غرفتي واسعة جداً وأنا أتعب في تنظيفها. كذلك تجهز لي الطعام وتطمئن على صحتي". يُذكر أن الحاجة صبحية تستطيع التحرك في الغرفة بشكل طبيعي، كذلك ما زالت تسمع وترى بشكل جيد. وهي أيضاً تتناول طعامها بمفردها.
تتمتع الحاجة صبحية بحيوية قلّ ما نجدها عند عدد كبير من المعمرين، وهي تتميّز أيضاً بوجه بشوش وبالمرح. ولعلّ ذلك هو ما يساعدها على متابعة حياتها بشكل طبيعي، مع الإشارة إلى أنها تدرك كل ما يدور من حولها. لكن أملها يبقى على الرغم من سنواتها التي تجاوزت المائة، العودة إلى فلسطين. تبرر: "هي الأرض التي ولدت فيها، وأوّد الموت فيها". وترفع يديها نحو السماء، لتدعو الله أن ينير قبرها ويجعله روضة من رياض الجنة وأن يحسن خاتمتها.
اقرأ أيضاً: فرنيّة أم أكرم بنكهة فلسطينية