في أقصى شمال قطاع غزة، تعتبر قرية أم النصر من أشدّ القرى معاناة من التهميش والبنى التحتية الرديئة، وتقيم فيها غالباً أسر من أصول بدوية، تعتمد على العادات والتقاليد القديمة في تسيير حياتها.
هناك، لا يسمح كثير من الرجال للزوجات بالعمل إلى جانب الأزواج بالرغم من أنّ غالبية القرية من الفقراء. كذلك، لا يحبذ البعض تعليم الفتيات، لكنّ القرية تشهد تطوراً عند نساء يصنعن الدمى ويعملن بكلّ طاقة وقوة وإبداع داخل جمعية زينة التعاونية. سارة أبو حشيش (29 عاماً)، واحدة منهن، بالرغم من أنّها لم تكمل تعليمها، وكانت جليسة المنزل لا تستطيع الخروج إلا في فسحات عائلية جماعية.
تقول أبو حشيش لـ"العربي الجديد": "تحكمنا عادات وتقاليد صعبة جداً، فما زلنا في القرية نخرج بحضور محرم، ونرتدي النقاب، ولا يريدوننا أن نتعلم، بالرغم من اختلاف الأمر في الجيل الحالي، إذ بدأوا يتقبلون أن تتعلم الفتاة. من جهتي، كنت أتمنى أن أعمل في أيّ مهنة، لكنّهم كانوا يقولون إنّ ذلك معيب، والعمل للرجال فقط، لكن وجدت عام 2015 مشروعاً لتعليم الشابات في القرية الخياطة، وبصعوبة حصلت على موافقة الأهل الذين وافقوا فقط لأنّ الجمعية في القرية".
اتجهت أبو حشيش إلى الجمعية، ووجدت فيها متنفساً، بالرغم من معارضة أشقائها. كانت تشعر بسعادة كبيرة في مرحلة التدريب، إذ يكفي أنّها تخرج من المنزل. تعلمت في البداية صنع الأدوات من الصوف ثم الخياطة، لكنّها دخلت مسابقة داخل الجمعية لأفضل تصميم يدوي، كأداة معينة أو دمية، وكانت الجائزة 100 دولار كحافز شهري، بالإضافة إلى العمل داخل مشغل الجمعية كمساعدة للمصمم.
صممت أبو حشيش دمية على الورق، ثم عادت في اليوم التالي لتصميمها وحشوها بالقطن، وبالفعل نجحت في ذلك، وساعدتها والدتها في تصميم رداء الدمية، وجرى تقييم الدمية كأفضل تصميم من المتطوعات والعاملات في ورشة الجمعية، وأصبحت الدمية "زينة" اليوم من الدمى الأساسية في إنتاج الجمعية وترويجها في معارض وطلبات لدى المحلات التجارية وغيرها.
أما سعدية سليمان (28 عاماً)، فلم تكمل تعليمها أبعد من الصف الثالث الابتدائي، نظراً لبعد المدرسة عن قريتهم إلى جانب تعرضها للتعنيف من معلمتها. تزوجت في سنّ السادسة عشرة. وقبل خمسة أعوام حصلت على دورة في الخياطة، وانضمت إلى المشغل داخل الجمعية، وكان زوجها مختلفاً عن رجال القرية، إذ شجعها على العمل والخروج من المنزل، وشاركت في صناعة مئات الدمى منذ ثلاثة أعوام، إلى جانب تصميم الألعاب التعليمية لبعض الروضات.
تقول سليمان: "أواجه انتقادات حتى من والدتي التي تطلب مني الجلوس في المنزل والبقاء بين أبنائي الثلاثة بحجة أنّ ذلك أفضل من العمل، لكنّي أصبحت قوية من خلال العمل، وهناك فتيات انضممن إلينا في الجمعية، لكن بعد زواجهن رفض الأزواج استمرارهن". تضيف: "وجودنا في الجمعية حفز شابات كثيرات على الانضمام وتلقي تدريبات والمشاركة في نشاطات عدة".
أم النصر قرية صغيرة لا تتعدى مساحتها 800 دونم، ويعيش فيها ستة آلاف نسمة نصفهم من النساء والأطفال، والأغلبية منهم لم يكملوا تعليمهم وتوقفوا عند المرحلة الابتدائية، إذ اقتصرت مجالات عملهم على رعي الأغنام والزراعة، لكنّ معظمهم يعيش في حالة فقر مدقع.
تشير المديرة التنفيذية لجمعية زينة التعاونية، حنين السمّاك، إلى أنّ نساء القرية يعتبرن الجمعية بيتهن الثاني الذي يجدن فيه الراحة والطاقة الإيجابية والابتكار، كما أنّها متنفس لهن في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه أسرهن. وأتاح مشروع صنع الدمى، ومشغل الألعاب الخشبية والأدوات التعليمية، دورات تدريبية، أكسبت عدداً من نساء القرية حرفة تعود عليهن بمدخول جيد.
اقــرأ أيضاً
تقول السمّاك لـ"العربي الجديد": "الدمى صناعة جميلة وقد لاقت رواجاً كبيراً في قطاع غزة، خصوصاً في مواسم الأعياد. في نهاية السنة الميلادية، صنعت نساء الجمعية أشكال بابا نويل بطرق مبتكرة، إلى جانب الدمى المحلية، كالبدوي والفلاح وغيرها، بألوان بشرة متباينة، وأحجام مختلفة، بالإضافة إلى دمى مستمدة من شخصيات كرتونية".
لكنّ السمّاك تؤكد أنّ القرية تحتاج إلى توعية بخصوص كثير من شؤون الحياة، خصوصاً مع حرمان النساء من الخروج إلا لزيارة رياض الأطفال، مشيرة إلى أنّ الجمعية تساهم في هذا الانفتاح من خلال تدريب النساء وتشغيلهن لاحقاً في مشغلها، إذ يبلغ عدد النساء العاملات تسع عشرة سيدة حالياً.
هناك، لا يسمح كثير من الرجال للزوجات بالعمل إلى جانب الأزواج بالرغم من أنّ غالبية القرية من الفقراء. كذلك، لا يحبذ البعض تعليم الفتيات، لكنّ القرية تشهد تطوراً عند نساء يصنعن الدمى ويعملن بكلّ طاقة وقوة وإبداع داخل جمعية زينة التعاونية. سارة أبو حشيش (29 عاماً)، واحدة منهن، بالرغم من أنّها لم تكمل تعليمها، وكانت جليسة المنزل لا تستطيع الخروج إلا في فسحات عائلية جماعية.
تقول أبو حشيش لـ"العربي الجديد": "تحكمنا عادات وتقاليد صعبة جداً، فما زلنا في القرية نخرج بحضور محرم، ونرتدي النقاب، ولا يريدوننا أن نتعلم، بالرغم من اختلاف الأمر في الجيل الحالي، إذ بدأوا يتقبلون أن تتعلم الفتاة. من جهتي، كنت أتمنى أن أعمل في أيّ مهنة، لكنّهم كانوا يقولون إنّ ذلك معيب، والعمل للرجال فقط، لكن وجدت عام 2015 مشروعاً لتعليم الشابات في القرية الخياطة، وبصعوبة حصلت على موافقة الأهل الذين وافقوا فقط لأنّ الجمعية في القرية".
اتجهت أبو حشيش إلى الجمعية، ووجدت فيها متنفساً، بالرغم من معارضة أشقائها. كانت تشعر بسعادة كبيرة في مرحلة التدريب، إذ يكفي أنّها تخرج من المنزل. تعلمت في البداية صنع الأدوات من الصوف ثم الخياطة، لكنّها دخلت مسابقة داخل الجمعية لأفضل تصميم يدوي، كأداة معينة أو دمية، وكانت الجائزة 100 دولار كحافز شهري، بالإضافة إلى العمل داخل مشغل الجمعية كمساعدة للمصمم.
صممت أبو حشيش دمية على الورق، ثم عادت في اليوم التالي لتصميمها وحشوها بالقطن، وبالفعل نجحت في ذلك، وساعدتها والدتها في تصميم رداء الدمية، وجرى تقييم الدمية كأفضل تصميم من المتطوعات والعاملات في ورشة الجمعية، وأصبحت الدمية "زينة" اليوم من الدمى الأساسية في إنتاج الجمعية وترويجها في معارض وطلبات لدى المحلات التجارية وغيرها.
أما سعدية سليمان (28 عاماً)، فلم تكمل تعليمها أبعد من الصف الثالث الابتدائي، نظراً لبعد المدرسة عن قريتهم إلى جانب تعرضها للتعنيف من معلمتها. تزوجت في سنّ السادسة عشرة. وقبل خمسة أعوام حصلت على دورة في الخياطة، وانضمت إلى المشغل داخل الجمعية، وكان زوجها مختلفاً عن رجال القرية، إذ شجعها على العمل والخروج من المنزل، وشاركت في صناعة مئات الدمى منذ ثلاثة أعوام، إلى جانب تصميم الألعاب التعليمية لبعض الروضات.
تقول سليمان: "أواجه انتقادات حتى من والدتي التي تطلب مني الجلوس في المنزل والبقاء بين أبنائي الثلاثة بحجة أنّ ذلك أفضل من العمل، لكنّي أصبحت قوية من خلال العمل، وهناك فتيات انضممن إلينا في الجمعية، لكن بعد زواجهن رفض الأزواج استمرارهن". تضيف: "وجودنا في الجمعية حفز شابات كثيرات على الانضمام وتلقي تدريبات والمشاركة في نشاطات عدة".
أم النصر قرية صغيرة لا تتعدى مساحتها 800 دونم، ويعيش فيها ستة آلاف نسمة نصفهم من النساء والأطفال، والأغلبية منهم لم يكملوا تعليمهم وتوقفوا عند المرحلة الابتدائية، إذ اقتصرت مجالات عملهم على رعي الأغنام والزراعة، لكنّ معظمهم يعيش في حالة فقر مدقع.
تشير المديرة التنفيذية لجمعية زينة التعاونية، حنين السمّاك، إلى أنّ نساء القرية يعتبرن الجمعية بيتهن الثاني الذي يجدن فيه الراحة والطاقة الإيجابية والابتكار، كما أنّها متنفس لهن في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه أسرهن. وأتاح مشروع صنع الدمى، ومشغل الألعاب الخشبية والأدوات التعليمية، دورات تدريبية، أكسبت عدداً من نساء القرية حرفة تعود عليهن بمدخول جيد.
تقول السمّاك لـ"العربي الجديد": "الدمى صناعة جميلة وقد لاقت رواجاً كبيراً في قطاع غزة، خصوصاً في مواسم الأعياد. في نهاية السنة الميلادية، صنعت نساء الجمعية أشكال بابا نويل بطرق مبتكرة، إلى جانب الدمى المحلية، كالبدوي والفلاح وغيرها، بألوان بشرة متباينة، وأحجام مختلفة، بالإضافة إلى دمى مستمدة من شخصيات كرتونية".
لكنّ السمّاك تؤكد أنّ القرية تحتاج إلى توعية بخصوص كثير من شؤون الحياة، خصوصاً مع حرمان النساء من الخروج إلا لزيارة رياض الأطفال، مشيرة إلى أنّ الجمعية تساهم في هذا الانفتاح من خلال تدريب النساء وتشغيلهن لاحقاً في مشغلها، إذ يبلغ عدد النساء العاملات تسع عشرة سيدة حالياً.