صادق الفرّاجي.. رسائل طفل من العراق

08 ديسمبر 2015
(من أعمال المعرض)
+ الخط -

عادةً، يرسم الأطفال ما يدور في خلدهم؛ فنرى بيوتاً وزهوراً وطيوراً وما إلى ذلك من تفاصيل طفولية. أحياناً، تبتعد الرسومات عن هذه الأحلام الوردية، وتبدو سوداوية ومُقلقة، لكن يجري تجاهلها واعتبارها مخيّلة طفولية محضةً، لا تعني شيئاً.

في معرضه "مدفوعاً بالعواصف"، الذي يتواصل في "غاليري أيام" في بيروت حتى التاسع من كانون الثاني/ يناير المقبل، لم يتجاهل الفنان العراقي صادق الفرّاجي رسائل ابن أخيه، علي (11 سنة)، التي أرسلها إلى عمّه المقيم في هولندا.

يحوّل الفرّاجي هذه الرسائل إلى سكيتشات مُرتجلة على دفتر، ناقلاً من خلالها هواجس علي، كاتباً بعض ما ورد فيها من عبارات، أبرزها: "أريد أن أرحل عن العراق". ترافقها رسومات لوجه طفلٍ يبكي، ويحدّق في طائرة "تُرسل"، من جهتها، قذائفها.

تتكرّر عبارة "أريد أن أرحل عن العراق"، وأحياناً نقرأ "أحلم" بدلاً من "أريد". في إحدى الصفحات، نجد مساحةً بيضاء واسعة كُتب في منتصفها "يقتلني العراق". لعلّ الرسائل فيها دلالات مُضادّة لما جاء في قصيدة السيّاب "الباب تقرعه الرياح"، حيث يقول مخاطباً أمّه: "أتسمعين صرخات قلبي وهو يذبحه الحنين إلى العراق".

فبينما يشتهي السيّاب الرجوع إلى وطنه، يعبّر علي، أو عمّه صادق، عن رغبات معاكسة تماماً؛ إذ يتمنّى لو أنه يخرج من بلاده، لاجئاً إلى رسم القارب الذي سيشكّل، بالنسبة إلى الطفل، وسيلة المغادرة.

هكذا، برسومات عفوية وبسيطة، يختزل الفرّاجي أحلام وكوابيس العراقيين؛ مصوّراً أسباب مغادرة من رحل، وأسباب من يريد الرحيل، طارحاً المسألة من وجهة نظر طفل، هو واحد من آلاف يعيشون زمناً، ربما، هو أقسى كثيراً من أن يكون زمنهم.


اقرأ أيضاً: كريم رسن: جدران من المهجر

المساهمون