صابون الغار الحلبي في كندا... قصة نجاح ثلاثي سوري

19 فبراير 2018
أولى الخطوات لإنتاج وتسويق الصابون الحلبي بكندا(العربي الجديد)
+ الخط -


"لم يكن سهلا أن أتخلى عن مهنة توارثتها عن أجدادي، فهي مهنة نفتخر بها في سورية، لصناعة صابون الغار"، هكذا تحدث إلى "العربي الجديد" اللاجئ السوري في كندا عبد الفتاح صابوني. حتى كنية الصابوني ترتبط بالمنتج الذي صممه عبد الفتاح، يقول "، فأردت ربط الماضي وصقله في شكله الجديد بكندا، ليمتزج بصناعة سورية تقليدية".

واجه عبد الفتاح صابوني في كالكاري، بمقاطعة ألبرتا، العديد من الصعاب لكي ينطلق بمشروعه، ويذكر من بينها ما عمل على تخطيه بتصميم الباحث عن إثبات الذات والنجاح: "لم يكن الأمر سهلا، فقد واجهت مصاعب كثيرة، أهمها فهم طبيعة نظام سوق العمل الكندية، أضف إلى ذلك حاجز اللغة، وقد كرست سنة كاملة فقط لدراسة الأمر لكي أستطيع التواصل مع الناس".

وعلى عكس توفر ما يحتاجه صابون الغار في بلده سورية، وجد الصابوني أن عقبة إنتاجه في بلد لا ينتج زيت الزيتون ربما يعيق الحلم "فالمواد الأولية كانت عقبة أخرى، فلا إنتاج للزيتون هنا ولا جوز الهند وهما المادتان الرئيسيتان في صناعة الصابون، لكن ما يسّر الأمر وشجعني على المضي قدما، أني دعيت من قبل مؤسسة دعم القادمين الجدد من خلال مؤسسيها سام نمورة وسايما جمال، إلى أكثر من معرض، وعرضت بعض منتجاتي التي حملتها معي إلى كندا، ورأيت إقبالا كبيرا عليها، وفي نفس الوقت تعرفت على شخصين سوريين أحدهما قادم جديد والآخر مهاجر إلى كندا من 25 سنة وعقدنا العزم، ومن هنا انطلقنا لتأسيس مصنعنا الأول في كندا".


وبالنسبة للشريك الثاني في هذا المشروع السوري، وليد بلشة، فقد وجد نفسه بعد عامين من اللجوء إلى كندا خارج خبرته في العمل "فقد عملت في سورية كمستورد لإطارات السيارات، لكن ذلك غير ممكن في كندا، وبقيت عامين وأنا أفكر بانطلاقة أخرى، بمشروع مختلف أبدأ فيه ولو من الصفر، وحين التقيت بعبد الفتاح بدأنا بدراسة المشروع مع الشريك الثالث، حسن حاضري، الذي لديه خبرة في المهجر كونه يقيم هنا منذ 25 سنة".


وبالنسبة لحاضري فقد وجد نفسه أيضا يخوض في مشروع مختلف عن عمله السابق في كندا "فأنا عملت في مجال التصميم الإلكتروني وإنشاء المواقع، لكني حين التقيت بعبد الفتاح صابوني وجدت نفسي مندفعا وشجعني حماسه لمشروع إنتاج الصابون، وجدت الفكرة جميلة، وخصوصا لناحية الخوض في تعريف المجتمع الكندي عليه، بانفتاحه وحبه التعرف على الثقافات الجديدة".

اعتمد منتجو هذا الصابون السوري على تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ما ينتجونه في المجتمع الكندي "الذي بات يقبل على صابون حلب اليوم".
ويذكر الشركاء الثلاثة لـ"العربي الجديد" كيف أنهم خاضوا في "التجريب مرارا، وقمنا بعرض المنتج على المحيط شارحين بأنها، رغم جدتها بالنسبة للكنديين، فهي منتوجات سورية عريقة، ويميزها أنها تختلف عن منتجات الصابون في الغرب كونها خالية من المواد الكيميائية وتعتمد على مواد طبيعية، إضافة إلى أنه منتج يدوي حتى الآن وليس عبر المكائن".




بعد وقت قصير من الانطلاق ، ينتج "صابون حلب" يوميا 1000 قطعة صابون يدويا، وتلقى قبولا من المستهلكين الكنديين "فنحن فخورون بأننا ننقل منتج الغار السوري الأصيل والعريق إلى محيطنا الجديد في كندا"، يضيف هؤلاء المهاجرون. ويتمنون "أن نتوسع في المستقبل ونستورد أدوات إنتاج تفيدنا في توسيع خطوط الصناعة وفتح أسواق أوسع في كندا والتصدير إلى الخارج".

مؤسسة دعم المهاجرين
من ناحية أخرى كان لمؤسسة "دعم المهاجرين في كالكاري" دورها في مساندة إطلاق المشروع، كما في مشاريع أخرى. وعن هذا الانطلاق، يقول مؤسس المؤسسة، سام نمورة، لـ"العربي الجديد" إنه:"منذ الأيام الأولى لوصول السيد عبد الفتاح صابوني إلى كندا قمنا بتقديمه إلى المجتمع الكندي، لكي يتعرف المجتمع على أنواع المهن والحِرف التي يحترفها السوريون القادمون إلى كندا، ومنها حرفة صناعة الصابون الحلبي. وكان لدينا مهرجان الفيلم العربي في 2016، ودعونا السيد صابوني، مع مجموعة من السوريين لتقديم حرفهم ومنتجاتهم المتنوعة إلى المجتمع الكندي، وقد لفت نظري أنه تمكن من بيع جميع الصابون الذي جاء به إلى المعرض، لأن الزائرين لحظة دخولهم إلى الصالة جذبتهم رائحة الصابون المعروض".


ويضيف نمورة "من هنا تعرف عليه المجتمع الكلكاري، وكلما كان أنتج صابوناً وجّهنا له دعوة في أنشطتنا المختلفة ليعرض منتجه. وأننا بدورنا نقوم بتقديم الدعم لكل قادم جديد من العرب  وغير العرب فعملنا حلقة وصل بين القادم الجديد والمجتمع الكلكاري في مقاطعة ألبرتا، ونوجه الدعوات إلى وسائل الإعلام الكندية لتحضر فعالياتنا وتنقلها إلى المجتمع الكندي، بما يفيد مبادرات اللاجئين والمهاجرين وانطلاقهم نحو المستهلكين".
المساهمون