شُبهة تلقّي زوجة فيون أموالاً تخلط الأوراق الانتخابية بفرنسا

27 يناير 2017
فيون يبحث عن مخرج من الزوبعة (اريك فيفيربيرغ/فرانس برس)
+ الخط -



لم يكن المرشح الأوفر حظاً للفوز بانتخابات الرئاسة الفرنسية، فرانسوا فيون، الخارج بانتصار لا غبار عليه من انتخابات حزب "الجمهوريين" اليميني، يتوقع البتة أن يصاب بشوكة في قدميه، بعدما فتحت النيابة العامة تحقيقاً بشأن إساءة استخدام أموال عامة في أعقاب تقرير عن تقاضي زوجته، بينيلوب راتباً عن عملها مساعدة له وهو دور لم تقم به قط.


ولم يكن يتصور فيون، الذي شغل في السابق منصب رئيس الوزراء، أن تعيق حملته الانتخابية، السهلة، في ظل تشرذم اليسار، ما بدأت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، تطلق عليه "فضيحة بينيلوب" (بينيلوب-غيت). وبدأت "الفضيحة" بعدما كشفت صحيفة "لوكنار أونشينيه" الأسبوعية الساخرة الأربعاء الماضي خبر تلقي زوجة فيون، خلال ثماني سنوات، 600 ألف يورو، مقابل وظيفة-شبح، كملحقة برلمانية، رغم أنها لم تضع قدميها في الخارج إلى جانب زوجها إلا أياماً معدودات.

ولعلّ ما يمنح بعض مصداقية للاتهام ما كشفته الصحافية الفرنسية، كريستين كيلي، وهي التي نشرت سيرة مرخَّصة عن فرانسوا فيون، لـ"لوكنار أونشينيه"، من أنها لم تسمع قط بأن السيدة فيون تشتغل. "لا أحد حدثني عن هذا. حدثتني فقط عن حضورها لاجتماعات فيون أثناء الحملات (الانتخابية)، ولكنها كانت، بالنسبة لي، ربّة بيت تهتم بأبنائها".

وإذا كان الخبر لقي صدى واسعاً في صحف ومواقع اليسار الفرنسي، فإن تعامل وسائل الإعلام اليمينية كان متردداً ومحترساً، إذ أن بعضها قلل من أهميته وخطورته على المرشح فيون، فيما تجاهله البعض الآخر. كما أن وسائل إعلام حزب "الجبهة الوطنية"، اليميني المتطرف لم يوله أهمية كبيرة بسبب ضلوع بعض من قياداته في قضايا قضائية ومالية.


لا جدال في أن هذه الزوبعة ستكون لها تداعيات سلبية على مرشح اليمين والوسط، كما تكتب صحيفة "لوباريزيان". ويبدو أن فيون لم يحسب لها أي حساب، خصوصاً، وأنه ركّز حملته الانتخابية على "تخليق" الحياة السياسية الفرنسية، ولم يتردد في انتقاد مرشحي اليمين الذي نافسوه على تمثيل الحزب في السباق الرئاسي، إما بالأحكام الصادرة بحقهم، أو القضايا القضائية التي يلاحقون فيها.


ولأنّ القضية لها ما بعدها، فقد سارع المرشح فرانسوا فيون إلى مصارحة الرأي العام الفرنسي، وخاصة ناخبيه، ببيان سريع أكد فيه استعدادَه لإرساء الحقيقة، في أقرب الآجال، أمام القضاء الفرنسي، منوّهاً بسرعة فتح تحقيق قضائي في هذه القضية. ولم يُخْفِ المرشح فيون ذهوله لـ"تسرّب قضايا قديمة جرت بشكل قانوني، خلال فترة الحملة الانتخابية، قبيل الانتخابات الرئاسية بثلاثة أشهر". ووعد بالكفاح من أجل انتصار الحقيقة ومن أجل الدفاع عن شرفه، وتوعَّد من أراد الوصول إليه.

وإذا كان الأمر يثير غضب الفرنسيين، خصوصاً في فترة الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، والتي يطالبهم فيون، في حال فوزه، بشدّ إضافي للأحزمة، فإن ضخامة المبلغ المالي، 600 ألف يورو، يمكن أن يلطخ سمعة وصورة فيون. إلا أنّ الأمر ليس سهلاً، لأسباب عديدة، منها أن التحقيقات القضائية ستكون بالغة التعقيد، بخصوص التحقق من الأشغال والمهمات التي أنجزتها بينيلوب فيون، نظراً لكثير من الغموض الذي يلفّ مهنة الملحق البرلماني.

وقبل أن يصل الأمر إلى القضاء، والذي قد يصدر، في حال ثبوت الاتهامات الموجهة لزوجة فيون (تهم اختلاس الأموال العامة وأيضاً تهم الاستخدام غير المشروع لممتلكات الدولة)، أحكاماً تتراوح ما بين عشر سنوات سجناً و1 مليون يورو غرامة وبين 5 سنوات سجناً و375 ألف يورو غرامة، فإن كثيراً من الحقائق غالباً ما تغيبها الاتهامات المتعجلة. ومنها أن فيون وغيره من النواب الفرنسيين لديهم الحق في تشغيل نسائهم وأقربائهم، كملحقين برلمانيين (فرانسوا كوبي وظف زوجته ملحقة برلمانية). كما أن زوجة فيون لها المكونات العلمية لشغل المنصب.

ويبقى على التحقيق القضائي الفرنسي أن يبرهن على أن السيدة فيون أنجزت أعمالاً ومهمات مقابل هذه الوظيفة.

وبغض النظر من نتائج التحقيق القضائي الذي يريده فيون سريعاً، حتى يكرس ما تبقى من وقته للدفاع عن برنامجه الانتخابي، الذي تترنح بعض فقراته، فإن هذه الزوبعة تكشف في حقيقتها عن مرض فرنسي عضال اسمه "المحسوبية" لطّخ سمعة فيون، بطريقة ما، في الوقت الذي ينتظر فيه الفرنسيون أناساً جدداً أنقياء ولا غبار عليهم.