شيزوفرينيا نعيمة... تعدّد الزوجات وشمولية اللغة

13 فبراير 2018
+ الخط -
مع كل مكسب وانتصار تُحققه الأمازيغية في الجزائر، لا يملك المرء إلا أن يكون فاغر الفاه، مندهشا بلا إرادة أمام التصرفات القاصرة، التي تمثلت في التهجم العنصري لبعضهم على اللغة الأمازيغية والأمازيغ، وتحذيرهم من خطر قادم وهو الأمازيغية، وترديد أسطوانة الفتنة والتخوين والعمالة والصهيونية، ويؤكد خدمة "النعرة" الأمازيغية لأجندات خارجية مؤدّى عنها، وغيرها من المواويل التي تمل منها الأذن، ويدحضها المنطق السليم والفكر السوي.

وقع هذا عندما هاجمتها السيدة نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان الإسلامي عبر بث مباشر على صفحتها على "فيسبوك"؛ صاحبة الشطحات المتهورة، التي سبق أن خرجت تلوك الكلام وتجتره، مطالبةً ومناصرة لتعدد الزوجات، ها هي تنقلب على مبدأ التعدد، في جغرافيا وطن أكبر من بيت زوجيٍّ يتسع لكل الهويات والمشارب.

فهاجمت اللغة الأمازيغية وحرضت ضدها بشكل علني وصريح، بكلام متطرف يصدر من رئيسة حزب جزائري لا ترى في اللغة العربية إلا المخرج الوحيد لجزائر مربوط بالشرق، حتى لو تم الدوس على ملايين الأمازيغ الذين يحق لهم التكلم بلغتهم والتعلم والتواصل بها مع العالم الخارجي.


تحريض خطير استغلت فيه نعيمة صالحي مكانتها السياسية، وهي تهدد ابنتها بالقتل إن هي تحدثت بالأمازيغية، وهذا الأمر يضرب صورتها السياسية في مقتل بسهمين قاتلين؛ تهديد بالقتل لمواطنة جزائرية وهو ما يعاقب عليه القانون، ضرب مبدأ حرية الفرد في الاختيار عرض الحائط للتهجم على الأمازيغ ولغتهم، وضرب نضالهم من أجل القضية الأمازيغية عرض الحائط رغم أن الدولة الجزائرية والدستور الجزائري، وحتى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أبان عن عهد جديد لهذه القضية التي لم ترَ فيها نعيمة صالحي إلا موضع إهانة!

إن التشكيك في أصالة القضية الأمازيغية ومشروعيتها وربطها بالأجندات الخارجية وتخوين كل مدافع عنها يُعد قمة العبث الفكري والخبط المرجعي الذي يسعى من ورائه بعض المتملقين إلى الارتقاء الإجتماعي ونيل رضا وعطف بعض التيارات في البلد.

فلتعلم نعيمة صالحي وأمثالها من أصحاب الفكر الإقصائي، أنهم يخوضون معركة خاسرة منذ البداية، ذلك أن المروءة في أن نختلف ونقبل اختلافنا ونتعايش معه، لا أن نفتح جبهات لا يمكن التنبؤ بآفاقها بحجة نصرة "الرموز" حيناً، والغيرة المزعومة على الوطن والحرمة المغلوطة للدين أحيانا كثيرة.

هل من يتشبث بأصله يعتبر داعيا إلى الفتنة؟ هل الإسلام ألغى وجود الفوارق العرقية واللغوية بين المسلمين واعتبرهم عربا؟ هل الإسلام مرادف لكلمة عروبة؟ هل المطالبة برد الاعتبار للأمازيغية جريمة وفتنة في الدين؟ هذه الأسئلة تحتاج منا إلى تدقيق وتمحيص والكثير من التفكير العقلاني البعيد عن العاطفة المزيفة قبل أية إجابة عنها.

إن القضية الأمازيغية قوية بأصالتها قبل مشروعيتها، قوية بمشروعيتها قبل مشروعها، قوية بمبادئها ومرجعيتها، قوية برجالاتها وقيمها الكونية، قوية باستنادها إلى العلوم الحقة والإنسانية التي تؤمن بالعقل والمنطق والنسبية والاختلاف.

ليست العبرة بالتهجم والتجني والتنكيت على الأحرار، ليست بالركوب على المقدس المشترك واستعطاف الناس بالدين لمآرب سياسوية ضيقة ومحدودة، وليست بنصرة الظلم والآثام.

إن المصداقية تتأسس بحداثة وواقعية الخطاب وصداه الإيجابي على الوطن، ومدى استجابته لآمال المواطنين أيا كانت انتماءاتهم العرقية والعقدية واللسانية والبشرية.

مختصر الكلام، أوقفوا مشاريع الفتنة التي تؤسسون لها، أوقفوا دعواتكم المغرضة التي تطلقونها؛ فالجزائر وطن التنوع والتسامح، وطن التآخي والتعايش، وطن كل من يعيش على هذه الأرض المعطاء المضياف.
696514F6-4461-4027-94DF-EB517228F721
صهيب شنوف

كاتب وناشط مدني يبحث عن نفسه.. مهندس جزائري، ومؤسس موقع MTAPOST المغاربي.