شوقي الطبيب: 9000 ملف فساد اقتصادي في تونس بعد2011

07 مارس 2016
رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد(العربي الجديد)
+ الخط -

أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، أنه يوجد أمام الهيئة 9 آلاف ملف فساد اقتصادي- مالي قيد الدراسة والمتابعة، مشيراً في مقابلة لـ "العربي الجديد" إلى أن الوضعية الحالية للهيئة، وموازنتها الضئيلة لا تسمح بمكافحة الفساد فعلياً
وهنا نص المقابلة:

*ما هو عدد ملفات قضايا الفساد الاقتصادي المعروضة أمام الهيئة في الوقت الراهن؟
منذ 2011 إلى حدود التاريخ الحالي لدى الهيئة ما يعادل 9 آلاف ملف فساد مرتبط بقضايا اقتصادية تم النظر في 1700 ملف وتبين أنها تتوافق مع شروط واختصاص الهيئة أي أنها ملفات اقتصادية بحتة يتقدم بها أفراد أو مجموعات أو مؤسسات أو جهات معينة تضررت من الفساد المالي والإداري في مختلف المجالات الاقتصادية.

*هل أحالت الهيئة أي ملفات فساد أمام القضاء؟ وهل تم رفض شكاوى أو ملفات محددة؟
طبعاً، أحلنا حتى اليوم 48 ملفاً كامل الحيثيات وكامل الشروط المنصوص عليها في طور التقاضي، ولم يتم البت والحسم فيها بل مازالت في الأطوار العادية للتقاضي كغيرها من الملفات والقضايا.
وطبعاً تم رفض عدد من الملفات والشكاوى، على اعتبار أن العديد من الشكاوى والعرائض يتم تقديمها خارج اختصاص الهيئة وتكون عادة شكاوى حق عام أو للحصول على عمل وبالتالي ليست من اختصاص الهيئة على اعتبارها تنظر فقط في الملفات الاقتصادية.

*من هي الجهات الأكثر فساداً في تونس، وأي منها يتلقى أكبر عدد من الرشاوى؟ وأين يصنف رجال الأعمال في هذا الإطار؟
الإدارة التونسية في مختلف الأسلاك هي المتهم الرئيس بالفساد على اختلاف خطورته، وبالتالي الشكاوى والملفات المعروضة أمامنا تستهدف بالضرورة نظام الإدارة في تونس الذي اتسم بالفساد، وبالتالي فإن فرضية تورط رجال أعمال في ملفات الفساد مطروحة ولكن ليس بقوة كما هو الحال بالنسبة للإدارة التونسية.
أما الملفات الأبرز فهي التي لها علاقة مباشرة بالصفقات العمومية والمال العمومي، فقد استهدفها الفساد بدرجة كبيرة وخطيرة جداً وهي الآن محل متابعة قضائية في مجملها بسبب خطورتها على الوضع الاقتصادي الوطني بشكل عام.



*كيف وجدتم الوضع العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعد توليكم رئاستها منذ أكثر من شهر؟
الوضعية سيئة إلى حدّ كبير والتحديات كثيرة مقابل إمكانيات ضعيفة وإطار تشريعي ينقصه الكثير من التغيير والتجديد. إذ تشكو الهيئة من نقص كبير في المعدات والآليات اللوجستية وبخاصة العديد البشري نظراً لكمية الملفات المطروحة عليها وخطورتها على الاقتصاد الوطني. ولتسريع أداء الهيئة وتفعيل إمكانياتها ومهمتها من الضروري منحها أكثر ما يمكن من مجالات التحرك ومراجعة الاعتمادات المرصودة لها لضمان فاعليتها ونجاعتها في أداء مهامها.

*في موازنة الدولة التونسية لسنة 2016 تم رصد 390 ألف دينار تونسي اعتمادات لعمل الهيئة، ألا يعتبر هذا المبلغ كافياً؟
طبعا هذا مبلغ قليل جداً ولا يتلاءم واحتياجات الهيئة، خاصة أنها الهيكل الوحيد المعني بالملفات والقضايا الاقتصادية على كثرتها. وبالتالي هذه الميزانية قليلة مقارنة بحاجيات الهيئة وكنّا قد أعلمنا رئاستي الحكومة والجمهورية بالموضوع، وتجاوبتا إيجابياً، وأكدتا على الاستعداد لضخ اعتمادات إضافية. فعلياً، نحن انطلقنا بالعمل طبقا للموازنة الحالية في انتظار تجاوب الرئاستين والإيفاء بتعهداتهما.

*أي المقاييس تعتمدها الهيئة في ترتيبها لأولويات الملفات الاقتصادية؟
نحن نعمل وفق أولويتين في دراستنا للآلاف الملفات المعروضة علينا، وهما الأولوية في الزمن بمعنى أن الملفات القديمة تاريخياً هي الأولى في تناولها ودراستها، لإنجاز الملف تلو الآخر. والأولوية الثانية الملفات التي لها علاقة بالفساد الخطير الذي يهدد الاقتصاد الوطني، على اعتبار أن الهدف الأساس للهيئة هو مكافحة الفساد الاقتصادي المتفشي في مختلف المجالات والعمل على الحدّ منه وفق التشريعات والقوانين.

*وقوفاً عند التشريعات والقوانين، هل تجدّ الهيئة نفسها مكبلة بتشريعات قانونية جانبية بعيدة عن قانونها الأساسي؟
وفق القانون المنظم لأعمال الهيئة، لا تجد حواجز أو حدود أو إسقاطات تشريعية تحدّ من مجال تحركها وحريتها، ولكن هذا لا يعني أن الهيئة ليست بحاجة إلى تشريعات جديدة لتحقيق أهدافها، ولعلني هنا أذكر ما تطالب به الهيئة في هذا المجال وهو تشديد الرقابة على قانون التصريح بالممتلكات وسنّ قانون يحمي المبلغين عن عمليات الفساد المالي والاقتصادي والشهود عليه، إضافة طبعاً إلى ضرورة سنّ قانون يقاوم الإثراء غير المشروع بخاصة قانون "من أين لك هذا"، وغيرها من التشريعات.

*في الآونة الأخيرة تحدثت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، عن تلقيها الملفات ذات الطابع الاقتصادي والمتعلقة بقضايا فساد اقترفت زمن حكم بن علي، فهل هناك تعامل بين هيئتكم وهيئة بن سدرين في هذا الاتجاه؟
هيئة الحقيقة والكرامة تهتم بالملفات السياسية والاجتماعية وربما الاقتصادية المتعلقة بحقبة زمنية سبقت الثورة، وهيئة مكافحة الفساد تهتم بالملفات الاقتصادية منذ 2011 ومع ذلك هناك تواصل وتعاون بين الهيئتين لتحقيق هدف مكافحة الفساد وكشف المتورطين فيه ومتابعتهم قضائياً وفق ما هو منصوص عليه في القوانين المنظمة لعمل الهيئتين.

*هل تملكون كفاءات قادرة على متابعة ملفات الفساد المعقدة؟ وهل وضع الهيئة الحالي يمكن أن يعمل على مكافحة الفساد حقاً؟
أكيد نملك الكفاءات، لكن على المستوى العددي عملت الهيئة منذ تأسيسها في 2012 بجهود ثلاثة مختصين فقط للنظر والبت في تفاصيل ومكونات آلاف الملفات، وهذا كان سبباً مباشراً في تباطؤ عمل الهيئة، ولكننا حرصنا منذ تولي رئاستها أن نعزز الفريق بـ 5 كفاءات في الوقت الراهن لتسريع النظر في الملفات وفتحنا الباب أمام الكفاءات المتطوعة خاصة من مراقبي الدولة ومن مكونات المجتمع المدني.
وفي الوضع الراهن للهيئة لا يمكن مكافحة الفساد، إذ نحتاج إلى خطة وطنية لمكافحة الفساد تشارك فيها كل الأطراف المتضررة والمعنية بظاهرة الفساد المالي والاقتصادي. إضافة إلى أنه من الضروري إعطاء كل الإمكانات المادية واللوجستية والتشريعية اللازمة للهيئة لضمان تحقيق هدف مكافحة الفساد.

اقرأ أيضاً:عبد الله طمين: 40 مليار دولار فاتورة الفساد الجزائرية
المساهمون