شهادات قيد الاحتجاز في غزة

15 فبراير 2018
لم يتخرجن بعد (محمد الحجار)
+ الخط -

لا يحصل آلاف الخريجين الجامعيين في قطاع غزة على شهاداتهم، قبل أن يسدّدوا رسوم دراستهم كاملة، إلا أن هذا لا يتحقق دائماً

أكثر ما يرغب فيه الشباب بعد التخرّج من الجامعات في قطاع غزة هو الحصول على شهاداتهم وبدء رحلة البحث عن عمل. إلا أن هذا ليس متوفراً دائماً، إذ إن بعضهم يبدأ بالتفكير في آليات لتسديد ما تبقّى عليهم من مستحقات مالية، خصوصاً أن عدم تسديدها يحرمهم من الحصول على الشهادة والدرجات.

ومنذ نحو خمس سنوات، يطالب عشرات آلاف خريجي الجامعات بتخفيض مستحقّاتهم المالية، إذ يعجزون عن تسديد هذه المبالغ مع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تؤثّر على غالبية العائلات الغزية. بعد التخرّج، يبدأ الشباب في البحث عن فرص عمل لتسديد مستحقاتهم المالية، إلا أن هذا ليس بالأمر السهل. ويشهد القطاع أزمة مالية دفعت غالبية المتاجر والمصانع والمعامل إلى تنفيذ عدد من الإضرابات احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية وانعدام القدرة الشرائية. ويحتاج الخريجون إلى شهاداتهم ودرجاتهم لتقديمها وحجز مقاعد لهم، خصوصاً أن عشرات آلاف الخريجين ينتظرون أدوارهم للحصول على وظائف. أحمد الدهشان (24 عاماً) هو أحد الخريجين الذين يعملون لتسديد ما تبقّى عليهم من رسوم، والحصول على الشهادة. يقول لـ "العربي الجديد": "حصلت على عمل بعد شهرين من التخرج في أحد المخابز في غزة، لكن براتب قليل جداً. يتوجب عليّ تسديد 80 ديناراً أردنياً (نحو 113 دولاراً) شهرياً من أصل 800 دينار أردني (نحو 1130 ديناراً)، هو ما تبقى من رسوم جامعية. بقي خمسة أشهر وأحصل على شهادتي".

درس الدهشان إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية في جامعة الأزهر في غزة. يقول إنّه بعد حصوله على شهادته سيتقدم بطلبات توظيف في عدد من الوزارات، ويتابع إعلانات الوظائف في الصحف، وقد حصل على بعض الخبرة في مجال الإدارة. وإن لم يحالفه الحظ، سيسعى إلى الهجرة إلى الخارج. أما هاله أبو أمون (23 عاماً)، فلم تجد أية وسيلة لتسديد مبلغ 500 دينار أردني (نحو 700 دولار) للحصول على شهادتها، هي التي درست التمريض في الجامعة الإسلامية. تلفت إلى أن والدها موظّف لدى حكومة غزة السابقة، ولا يتقاضى سوى نصف راتبه الأساسي منذ أكثر من عامين. أحياناً، تتمنّى لو كانت شاباً، حتّى تتمكن من العمل في أية مهنة لتحصل على شهادتها الجامعية. تقول لـ "العربي الجديد": "يمكن للجامعة أن توفر لي نظام دفع بالتقسيط. لكن للأسف، بالكاد يستطيع والدي توفير الطعام. وأخشى أن يطول الوقت قبل أن أتمكن من الحصول على شهادتي الجامعية".

هل يحصلون على شهاداتهم؟ (محمد الحجار) 


من جهته، يقول إبراهيم أبو ناجي (25 عاماً) إنه توقّف عن البحث عن عمل، وقد سئم الاستغلال. هذا الشاب الذي عمل مدة أربعة أشهر في أحد المطاعم، وجد أن المقابل المادي الذي كان يتقاضاه لم يكن يكفيه لتأمين مصاريفه الشخصية وبدل مواصلاته. في ظل هذا الواقع، يرى أن الحصول على شهادة الرياضيات من جامعة "الأقصى" بات صعباً. يقول لـ "العربي الجديد": "كنت أتقاضى مئتي دولار شهرياً مقابل عملي في المتجر. سعيت إلى توفير بعض المال مما كنت أتقاضاه، لكن كان ذلك مستحيلاً. سعيت إلى تغيير العمل، لكن الراتب كان ضئيلاً أيضاً. في الوقت الحالي، لم أعد أبالي، على الرغم من أنّني أنتظر الحصول على الشهادة علّني أسترجع كرامتي".



إلى ذلك، نظّمت جمعيات ومؤسسات خيرية عدة حملات للضغط على الجامعات والمعاهد في قطاع غزة، لتخفيض الرسوم الجامعية، حتى يتسنّى للطلاب الحصول على شهاداتهم من دون معوقات، أهمها "الحملة الوطنية لتخفيض رسوم الجامعات الفلسطينية". ويقول منسق الحملة، رامي محسن: "قبل عامين، نجحنا في إيقاف قرارات بعض الجامعات برفع الرسوم الجامعية، إلا أننا واجهنا معوقات عدة خلال العام الماضي، في ظل الأزمات المالية".

 قبل الامتحان (محمد الحجار) 


في هذا الإطار، يقول وكيل وزارة التربية والتعليم العالي في غزة، زياد ثابت، إنّ ملف تحرير شهادات الخريجين الجامعيين من أكثر الملفات الحساسة ضمن لوائح أعمال الوزارة، وقد بحثنا إمكانية تمويل مشاريع لتسديد مستحقات الجامعات على أن يحصل الطلاب على شهاداتهم.
وموّلت اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي في غزة مشروع تحرير شهادات الخريجين، وشمل سبعة آلاف طالب. ويقول ثابت لـ "العربي الجديد": "يرغب آلاف الطلاب في تحرير شهاداتهم الجامعية. صحيح أن أعداد الطلاب الذين ما زالوا ينتظرون تحرير شهاداتهم أكبر من الفئة المستهدفة، إلا أننا سنستمر في مساعينا لتمويل مثل هذا المشروع". ويشير إلى أنّ جميع الطلاب الذين اختيروا سيحرّرون شهاداتهم خلال الشهر المقبل، مضيفاً: "نفاوض الجامعات لتكون لها مساهمة نسبية في المبالغ المطلوبة من كل طالب، من خلال خفض نحو 30 في المائة لكل طالب".
المساهمون