شكراً لهن

09 يناير 2015
خبيرتا آثار تعملان في صيدا جنوب لبنان(محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -
سُئلت عضوة في إحدى البلديات عن سبب عدم مشاركتها في اجتماعات المجلس البلدي، فكان جوابها أن "الاجتماعات تحصل في أوقات غير مناسبة. علي أن أكون إلى جانب أولادي وأسرتي في هذه الأوقات!".

يُتوقّع من النساء اختيار مهن تتلاءم مع ما يعتبره المجتمع دوراً طبيعياً لهن. أو على الأقل العمل بعد الزواج في مجالات قريبة من أدوارهن في الأسرة، أي رعاية شؤون الأسرة. أمرٌ تؤكده الإحصاءات. على الرغم من الانخراط شبه المتكافئ لكلا الجنسين في التخصصات العلمية، إلا أن النساء ما زلن يسيطرن على تلك التي تتناسب وأدوارهن التقليدية.

بحسب دائرة الإحصاء المركزي خلال عامي 2009 و2010 حول التعليم في لبنان، فإن 91 في المائة من طلاب التربية، و70 في المائة من طلاب الصحة، و61 في المائة من طلاب العلوم الإنسانية والفنون، إناث. هذا الفرز في التعليم ينعكس على سوق العمل. ثمة زاوية محددة جديرة بالنظر. هناك نتيجة تلقائية في حال اختارت المرأة ممارسة حقها بإعطاء دورها الإنتاجي أولوية على الدور الرعائي، تتمثل في توريث هذا الدور والعمل المنزلي لامرأة أخرى. بات الأمر طبيعياً في المجتمع. كيف لا وفكرة قيام الزوجين سوياً بهذا الدور الرعائي غير واردة؟

ينظر المجتمع للعمل المنزلي بدونية، وينيطه بالنساء. أيضاً، تحيله بعض النساء لأخريات في مقابل بدل مادي قليل. يتفننون في إيجاد أسماء لهذه المرأة البديلة: صانعة أو خادمة أو بون (باللغة الفرنسية وتعني العاملة في المنزل) أو سيرلنكية أو بايبي سيتر. هي ببساطة امرأة عاملة في المنزل. اختارت أن يكون دورها الإنتاجي الدور الرعائي الذي أنيط بامرأة أخرى. هي امرأة أوكل إليها دور رعائي في بلدها. لكنها تركته بحثاً عن فرصة عمل أفضل. ولولا هؤلاء النساء العاملات غير المرئيات، لما حصلت أخريات على فرصة للتقدم والتمكن، وتحصيل بعض حقوقهن في مجال العمل.

هنا اذاً لبّ الموضوع. لا تمكين سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا حقيقي من دون حل معضلة الدور الرعائي المرهون بالمرأة. يجب أن تؤمن النساء بأمرين. الأول أن هذا الدور له قيمة اقتصادية ومقابل مادي وإن كان غير مثمن. وثانياً أنه دور يمكن لأي كان القيام به، الصبي والفتاة، الرجل والمرأة. كذلك، عليهن الاعتراف بالجميل للنساء الأجنبيات العاملات في المنازل. جل ما يلّخص هذا الأمر زلة لسان إحدى الناشطات النسويات، التي قالت ذات مرة إن "الاهتمام بطفل بحاجة إلى امرأتين على الأقل لضمان اهتمام كل امرأة بحاجاتها أيضاً".

(ناشطة نسوية)
المساهمون