شكراً

10 فبراير 2016
...ونتصالح مع الحياة (Getty)
+ الخط -

شكراً لك. مع الشكر. أشكرك أجزل شكرٍ. شكراً جزيلاً على...

تتعدّد أشكال تلك العبارات التي تُعرب عن "الاعتراف والامتنان" أو "الاعتراف بالمعروف" أو "عرفان النعمة وإظهارها والثناء بها"، بحسب تعريف المراجع اللغويّة.

منذ صغرنا، نتعلّم أن نشكر جارتنا التي تقدّم لنا الحلوى، وجدّنا الذي يمنحنا "العيديّة"، والبائع الذي يسلّمنا الكرة التي اشتراها لنا والدنا للتوّ، والمدرّسة التي تهنّئنا على إجابة صحيحة، ووالدتنا التي تسمح لنا باللعب مع أولاد الجيران... وتطول القائمة.

ذلك "الشكر" بالفعل، هو تعبير عن امتنان، يبدأ كتدريب على التهذيب. ونحفظ "الدرس". هو تعبير عن امتنان، يترجم سعادة ما. سعادة بحلوى، بـ"عيديّة"، بكرة، بتهنئة، بإذن باللعب مع أولاد الجيران.

هذه الكلمة التي نلفظها صغاراً وقد حفظناها عن ظهر قلب، "شكراً"، هي أكثر من مجرّد دليل تهذيب نتفوّه به تلقائياً. هي قد تتحوّل إلى كلمة - مفتاح لفنّ العيش، تساعدنا على تنمية الشعور الذي تظهره.. الامتنان.

أن نعرف كيف نقول "شكراً"، هو أن نعبّر عن امتنان عميق تجاه الحياة وتجاه هؤلاء الذين يحيطون بنا. ويسأل التيار القائل بعلم النفس الإيجابي: ماذا لو كانت السعادة تبدأ من هنا؟ لكن الامتنان ليس بسهلٍ، لكثيرين. ليس من البديهيّ لهم، التعبير عنه. بالنسبة إلى هؤلاء، ذلك الشعور الصادق بالامتنان، يجعلهم في ضعف مؤقّت أمام الآخر. حينها، نقرّ بحاجتنا إلى هذا الآخر. وفي مجتمعاتنا التي تنزع اليوم صوب "الاستقلاليّة" وتثني عليها، يجعلنا نشعر بأننا "مدينون مرتهنون".

لكن قول "شكراً" - شكراً حقيقيّة - يساهم بفاعليّة في توازننا العاطفيّ. هذا ما يقوله هؤلاء الذين احترفوا الغوص في الذات البشريّة. الامتنان يساعد المرء على توجيه اهتمامه صوب الأمور المبهجة في حياته، وعدم التركيز على ما ينقصه. وهو لا يبدّد مشاعرنا السلبيّة فحسب، بل يحثّ على تنمية مشاعر إيجابيّة. والهدف هو الانتقال بحسب ما يقول الفيلسوف وعالم النفس الإيطالي بييرو فيروتشي، مِن "أريد هذا" إلى "أنا سعيد بما لديّ". إذاً، الامتنان يجعلنا نتصالح مع الحياة، إذ يحثّنا على تقدير ما نملك، بدلاً من التأسّف على ما ينقصنا.

إلى ذلك، تبيّن دراسة في علم الأعصاب، أنّ الشعور بالامتنان الذي نعبّر عنه بـ"شكراً"، يساهم في خفض مستوى الضغوط النفسيّة، وفي تحسين جودة النوم، وفي تقليص احتمالات الإصابة باكتئاب وبأمراض جسديّة مختلفة. كذلك، يجعل المرء أكثر تصميماً على مواجهة تحديات الحياة، ويحسّن جودة أدائه في مختلف ميادين الحياة.

شكراً لك..

اقرأ أيضاً: احتفالاً بالحياة
دلالات
المساهمون