شعوب تقاطع ودول تُطبِّع

08 اغسطس 2016
تتخوف إسرائيل من سلاح المقاطعة (Getty)
+ الخط -
اختتمت، أول من أمس السبت، في مدينة الحمّامات التونسية، أعمال مؤتمر "إستراتيجية المقاطعة في النضال ضد الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي: الواقع والطموح"، الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع فرعه في تونس. لم يكن هذا هو المؤتمر الأول لبحث أشكال المقاطعة لإسرائيل، ولكنه قد يكون الأشمل والأوسع، بجمعه لبحوث من دول مختلفة، وزوايا نظر متعددة، وبهدوء علمي لافت، يقطع مع حالات الصراخ العربية كلما تعلق الأمر بإسرائيل، لينتهي بِنَا الأمر، كما العادة، إلى شعارات ننساها مع أول مباراة في الكرة.

غير أن المؤتمر سبّب حالة من الإرباك الحقيقي بطرحه لجملة من الحقائق الصادمة للموقف العربي، شعبياً ورسمياً، إذ كشف للحاضرين، ويا ليته يفعل مع الغائبين، أن بيد العرب سلاحاً يمكن أن يهزم السلاح النووي، وينهي حالة الاستسلام الرهيبة، والتسليم بالعجز أمام القوة الإسرائيلية والدعم الغربي.
وحمل الباحث محمد ناظري إسماعيل من ماليزيا أسئلة من بلده "لماذا نقاطع شركات إسرائيلية ويهودية والعرب يتعاملون معها؟ ولماذا نقاطع إسرائيل والعرب لا يفعلون ذلك؟".
بدوره أشار الباحث الفلسطيني المقيم في واشنطن، أسامة أبو أرشيد، إلى أنّ المواطن العربي يفترض أن حكوماته مقاطعة لكنها عملياً ليست كذلك.
وردّد آخرون، كيف نقاطع وماذا نقاطع وما هي أفضل الطرق لوضع إستراتيجية واضحة، وكيف تجمّع كل هذه المبادرات المشتتة في كل أنحاء العالم؟

تدرك إسرائيل، المتخوفة جداً من سلاح المقاطعة، أن الشعوب العربية لا تنتظر أكثر من إشارة لتحويل هذا الشعار إلى حقيقة، ولذلك وضعت إستراتيجية لإفشال المقاطعة، لعلها تبدأ أولاً بالتطبيع مع الدول، والالتفاف حول الشركات المقاطعة للمنتوجات الإسرائيلية بكل الوسائل، ولكنها بمعيّة الدول العمياء الداعمة لها أدركت أن القرار الشعبي العربي في طريقه إلى التحرر، وسيبدأ بها، مثلما أكدته الشعارات التي رفعتها بدايات الربيع العربي، ما يستدعي إجهاضه فوراً.

لكن المقاطعة، بقيت في المنطقة العربية وغير العربية شعبية في العموم، ولم تتخذها الحكومات سياسة واضحة تقطع مع لا إنسانية الكيان الصهيوني وممارساته العنصرية، ما يفترض ضربها في هذا المكان تحديداً. ومع انشغال الدول العربية بهمومها، وتلاحق مصائب بعض البلدان، تراجعت حملات المقاطعة، برغم أنها انطلقت بقرار جامعة الدول العربية منذ سبعين عاماً، عندما كانت مشروعاً للتجميع، لا مؤسسة للتفريق.

المساهمون