شر السياسة ما يُضحك

08 يناير 2016
عباس أكد تمسّكه بعملية السلام و"المفاوضات السلمية"(طوماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -


لا تخلو السياسة من الطرائف التي تخفف من سوداوية ما نشاهده ونسمع عنه من مجازر ودمار. غير أن الطرائف السياسية غالباً ما تكون من نوع "شر البلية ما يضحك". ثلاثة مواقف سياسية تناقلها الإعلام خلال السويعات الماضية، ومع ما فيها من كوميديا إلا أنها لا تخلو من التراجيديا.

الطرفة الأولى، كانت في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما أكد أنه متمسك بعملية السلام وبـ"المفاوضات السلمية". وقد أثارت العبارة الأخيرة موجة من التساؤلات الساخرة حول ما يقصده بالمفاوضات السلمية، وهل هناك مفاوضات مسلحة مثلاً؟ أم أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات كان يخوض مع الجانب الإسرائيلي مفاوضات خنادق مدججة بأعتى الأسلحة، ثم قرر عباس فجأة استبدال التكتيك وتهدئة جبهات المفاوضات، والارتكان إلى مفاوضات سلمية؟ أحد الظرفاء علق على عبارة "المفاوضات السلمية" بالقول إنها الدليل الوحيد على "تاريخية" خطاب الرئيس، لأنها أضافت إلى معجم العلوم السياسية مصطلحاً غير مسبوق حتى في مدرسة هنري كيسنجر.

الطرفة الثانية كانت على لسان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني الذي أكد رفض بلاده إجراء كوريا الشمالية تجربة لقنبلة هيدروجينية، مُعتبراً ذلك انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي. والمُضحك المُبكي في تصريح مومني أنه ذهب بعيداً نحو كوريا الشمالية التي تبعد آلاف الكيلومترات عن الأردن، ولا تهدد أمنه القومي بأي شكل من الأشكال، في حين أنه تجاهل الترسانة النووية الإسرائيلية التي تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي، وتتكدس على خاصرة الأردن وتهدد أمنه القومي والصحي والبيئي، فالإشعاعات المتسربة من مفاعل ديمونة النووي باتت تلوث هواء الأردن وزراعته ومياهه وتقتل مئات الأردنيين بالسرطان.

والطرفة الثالثة، أبهرنا بها اللواء حلمي الهياتمي محافظ السويس الجديد، الذي امتدح موقع مصر الجغرافي وزعم أن "الرياح الشمالية الغربية التي تهب على مصر تحميها من أي عدوان، حتى لو أن إسرائيل أطلقت صواريخ على مصر، فإن الرياح ستصد تلك الصواريخ وتعيدها إلى إسرائيل". وبتلك الطرافة المُبكية طمأن اللواء المحافظ جمهور مستمعيه إلى أن الأمن القومي المصري بخير، لا بفضل جهوزية القوات المسلحة ولكن بفضل الرياح.

المساهمون