شروط واشنطن لـ"أف 16" العراقية: الطيارون والقيادة وتحديد الأهداف

25 يوليو 2015
شروط أميركية على العراق لتسليمه "أف 16" (علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
كشفت مصادر سياسية وعسكرية عراقية مطلعة على الأوضاع في المنطقة الخضراء، أن تسليم الولايات المتحدة طائرات "أف 16" للعراق كان مقابل شروط قاسية فرضتها، ووافق عليها رئيس الحكومة حيدر العبادي، لقاء وصول تلك الطائرات إلى قاعدة بلد شمال بغداد.

اقرأ أيضاً: صفقة أسلحة أميركية للعراق بمليار دولار

وأبلغ مصدر عسكري رفيع بمكتب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، فضل عدم نشر اسمه، "العربي الجديد"، أنّ "إصرار العراق وإلحاحه على واشنطن لتسليمه دفعة الطائرات "أف 16" ضمن صفقة مجمدة منذ العام 2010 بضغط من الكونغرس الأميركي، دفع بها إلى فرض شروط صعبة على العبادي لقاء تسليمه جزءا من الطائرات المتفق عليها، تبدأ بوضع أجهزة قراءة وتعقب داخل تلك الطائرات مرتبطة بقاعدة أميركية في الكويت، وتمر باختيار الطرف الأميركي أهداف العدو ولا تنتهي باختيار هوية الطيارين ومكان هبوطها وإقلاعها".

وأوضح المصدر نفسه، أن "أبرز تلك الشروط التي تحرص حكومة العبادي على إبقائها سرية قدر استطاعتها، هي أن تكون إدارة الطائرات من قبل الولايات المتحدة تحديداً، دون أيّ تدخل عراقي بتحديد الأهداف والطلعات، وأن يكون الطيارون الذين يقودون تلك الطائرات من الأكراد فقط. كما حدّدت واشنطن قاعدة بلد الجوية شمال بغداد كقاعدة للطائرات كونها تضم فريقا عسكريا أميركيا مؤلفا من 271 جنديا ومستشارا، ومنعت استخدام أي قاعدة أخرى للهبوط فيها إلا بموافقة الأميركيين وفي حالات الضرورة".

وأكّد المصدر أنّ "اختيار قاعدة بلد كان لعدة أسباب، منها بعدها عن الوسط المليشياوي والتأثير الإيراني، وقربها من كردستان"، مشيراً إلى "دعم الولايات المتحدة وتمسكها بشراكة قائد القوة الجوية العراقية الكردي أنور حمة أمين؛ إذ إنها تعتبره شريكا موثوقا في الفترة الحالية وهو ما أزعج القيادات الشيعية العراقية إلى حد كبير"، على حدّ تعبير المصدر.

وقال المصدر إنّ "حاجة العراق إلى تلك الطائرات بسبب سوء الوضع الأمني والإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أجبرت الحكومة على القبول بتلك الشروط والتوقيع عليها، فضلاً عن أن وجود طائرات "أف 16" بالعراق له أثر معنوي كبير بالمعركة"، مبيناً أنّ "الشروط الأميركية جاءت بسبب عدم الثقة بالعاملين في سلاح الجو العراقي، خصوصاً الطيارين الحكوميين الذين تم تدريبهم في روسيا وإيران والذين أمعنوا بقتل المدنيين في الموصل والفلوجة والرمادي وصلاح الدين ومدن أخرى، أسفرت عن إزهاق أرواح مئات المدنيين خلال الفترة الماضية، غالبيتهم نساء وأطفال، بواسطة طائرات السوخوي التي يمتلك العراق منها خمس طائرات فقط، بحيث قدمت له إيران وروسيا سبع طائرات، سقطت واحدة والثانية خرجت عن الخدمة نهاية العام الماضي، لتبقى خمس".

وبحسب المصدر نفسه، فإن "تلك الطائرات (أف 16) مزودة بأجهزة تعقب وتصوير داخلي ولا يمكنها أن تتحرك بالسماء دون مراقبة لها بواسطة غرفة خاصة موجودة بقاعدة أميركية في الكويت".

وأشار إلى أنّ "عدد الطيارين الذين أرسلوا إلى واشنطن للتدريب على طائرات "أف 16" كان 40 طياراً، 20 منهم أكراد وستة مسيحيون والباقون سنة وشيعة، إلا أن الأميركيين اختاروا الأكراد وطيارا مسيحيا آخر لإدارة تلك الطائرات، وهذا يعني أن الأميركيين على قناعة أن الحرب بالعراق تحمل شقا انتقاميا طائفيا". وأكد أن الأهداف التي سيتم معالجتها بتلك الطائرات ستكون محددة من قبل الأميركين وليس العراقيين".

من جهته، قال عضو تحالف القوى العراقية أحمد سلمان، إنّ "الولايات المتحدة تشترط على الدول التي تصدر لها الأسلحة الأميركية، ألّا تستخدمها بحروب طائفية وتقتل المدنيين بها".

وأضاف، سلمان لـ"العربي الجديد"، أنّ "الشرط الأميركي يتناقض مع سياسات الحكومة العراقية التي تعمل وفقا لأجندة طائفية، ولا تتورع عن قتل المدنيين، وهذا ما شهدته كثير من المناطق العراقية وتحديدا الفلوجة".

ورأى  سلمان أن الشروط الأميركية "مهمة جدا في العراق وتصب في صالح البلد، لأنّ الطائرات في حال تمت إدارتها من قبل الحكومة قد تستخدم من قبل طيارين إيرانيين أو تكون إدارتها من قبل هيئة مليشيات الحشد الشعبي، كي تشعل حرباً طائفية في البلد".

غير أن عضو لجنة الأمن البرلمانية النائب عن التحالف الوطني عدنان المياحي، انتقد الشروط الأميركية. وقال لـ"العربي الجديد"، إنّه "يجب تحقيق التوازن في قيادة طائرات "أف 16"، بين المكونات العراقية وألا تكون حكراً على مكون دون آخر"، مؤكّداً أنّ لجنته "طالبت في كتاب رسمي، مكتب القائد العام للقوات المسلحة بتزويدها بأسماء الطيارين العراقيين الذين دربوا على قيادة الطائرات وانتماءاتهم". وأوضح أنّ "المكتب لم يرد حتى الآن على الطلب".

وحلقت اثنتان من تلك الطائرات في سماء كردستان العراق بعد يومين من وصولها للعراق بشكل منخفض، وهو ما استنكرته قيادات التحالف ومسؤولون عراقيون، ما دفع بقائد القوة الجوية العراقية أنور حمه أمين إلى إصدار بيان أكد فيه "تحليق طائرتين من نوع  "أف 16" في سماء إقليم كردستان" مؤكّدا أنّ "قائدي الطائرتين من الأكراد".

وكان العراق قد تسلم نهاية الأسبوع الماضي أربع طائرات من طراز "أف 16"، من الولايات المتحدة، كأول دفعة من أصل 36 طائرة تم عقد صفقة بشأنها منتصف العام 2010. وتعثرت عملية التسليم لعدة أسباب أبرزها معارضة قوية من الكونغرس إبان حكم نوري المالكي للبلاد واندلاع تظاهرات ضده تتهمه بالطائفية وانتهاك حقوق الإنسان، إضافة إلى حاجة العراق إلى طياريين للتدرب عليها.