شركات النفط الصخري في أزمة... 28 منها أفلست

05 سبتمبر 2019
خسائر شركات النفط الصخري تتزايد (Getty)
+ الخط -




المصائب لا تأتي فرادى، فبعد الاضطراب الذي تعيشه، في الوقت الراهن، سوق "وول ستريت" بسبب حروب التجارة والعملات والتقنية، تواجه السوق المالية مصيبة إفلاس شركات النفط الصخري.

ولا تحدث موجة الإفلاسات الجديدة في الصناعة النفطية فقط بسبب تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، ولكن كذلك في نوعية القروض والسندات ذات الفائدة المرتفعة التي أخذتها العديد من الشركات الصغيرة والخاصة الباحثة عن الثراء السريع من ثورة النفط الصخري. وبالتالي، فإن ثورة النفط الصخري التي حولت أميركا من دولة مستوردة للنفط إلى دولة مصدرة تدخل المنعطف الخطر.

وحسب تقرير لشركة المحاماة الأميركية "هاينز آند بوون إل إل بي"، فإن هناك 28 شركة نفط صخري سجلت للحماية من الإفلاس خلال العام الماضي، وإن الرقم قد يرتفع خلال العام الجاري مع تدهور أسعار خام غرب تكساس إلى 54 دولاراً للبرميل، وفشل العديد من الشركات في الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين في الشهور الماضية. ويعد خام غرب تكساس الذي يتأرجح تحت 55 دولاراً، هو خام القياس الأميركي الذي يحسب عليه سعر النفط الصخري.

وفي ذات الشأن، تقول وكالة فيتش الأميركية للتصنيف الائتماني في تقرير حول القطاع النفطي الأميركي، إن معدل إفلاس الشركات التي أصدرت"سندات خردة"، أي السندات ذات المخاطر العالية، بلغ 5.7% من مجموع الشركات النفطية الأميركية في شهر أغسطس/آب الماضي.

وهو المعدل الأعلى منذ عام 2017، وينذر الرقم بالوضع المالي المتأزم الذي تعيشه صناعة النفط الصخري. وعادة تدفع الشركات التي تصدر "سندات الخردة" عوائد عالية على السندات التي تصدرها لجذب المستثمرين.

وكانت هذه الشركات الصغيرة قد دخلت مجال إنتاج النفط الصخري بدون رأس مال كاف، واقترضت بكثافة من البنوك أو أصدرت سندات خطرة للحصول على سيولة نقدية، على أمل اللحاق بركب الثروة، وفي وقت كانت أسعار النفط تحلق مرتفعة فوق 70 دولاراً.

ولكن ما حدث هو أن أسعار النفط انخفضت بسبب الحرب التجارية وضعف الطلب العالمي على النفط، وتبعاً لذلك انخفضت إيرادات هذه الشركات من مبيعات النفط المنتج، وأصبحت غير قادرة على خدمة أقساط الديون والعوائد على السندات.

وحسب نشرة "أويل برايس"الأميركية المتخصصة في الطاقة، فإن من بين شركات النفط الصخري التي سجلت للإفلاس خلال شهر أغسطس/آب الماضي، شركة هالكوم التي فشلت في الإيفاء ببعض التزامها المالية، وخفضت البنوك قروضها لها بمقدار 50 مليون دولار في بداية العام الجاري، وشركة "سانشيز إنيرجي" التي دخلت في نزاع قانوني حول الأصول مع شركة "أناداركو بتروليوم".

ويقول محلل الائتمان في شركة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، بول هارفي، إن العديد من الشركات تواجه معدل ديون مرتفعاً، وإن حلول آجال تسديد السندات يضايق البعض منها. ويضيف هارفي لنشرة "أويل برايس" أن العوائد على سندات هذه الشركات مرتفعة وتبلغ في المتوسط 7.0% سنوياً، مقارنة بعائد السندات في السوق البالغ 4.0%. وهذا يعني أن هذه الشركات مولت نفسها برأس مال مكلف، والآن تدفع ثمن هذه الكلفة.

ويرى محللون في صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المستثمرين في صناعة النفط الصخري باتوا يتشككون في قدرة شركات النفط الصخري الصغيرة على تسديد خدمة الديون، وبالتالي، فإن هذه الشركات باتت غير قادرة على جمع تمويلات جديدة.

وتعد الشركات الخاصة والصغيرة التي طرحت أسهمها في السوق وباتت شركات عامة، صاحبة الحصة الرئيسية في إنتاج النفط الصخري، وهي التي رفعت إنتاج النفط الأميركي فوق 12 مليون برميل يومياً، فيما يعرف بـ"فورة الذهب الأسود".

ويلاحظ أن شركات الطاقة الأميركية الكبرى لم تدخل مجال النفط الصخري إلا أخيراً. وترى شركة "آر أس"، أن إفلاس هذه الشركات بات يهدد مستقبل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، قال باتريك هيوز، الشريك في "هاينز آند بوون إل إل بي"، إن معظم الشركات الصغيرة لديها معدلات ديون مرتفعة، وإن عليها أن تأخذ جرعة العلاج المناسبة". ويقصد هيوز بذلك أن عليها أن تسجل نفسها للحماية من الإفلاس.

ومن بين الشركات التي باتت على شفا حفرة الإفلاس، شركة "أي آند بي" التي فشلت، في منتصف أغسطس/آب، في تسديد أقساط فوائد على ديون قيمتها 40 مليون دولار.

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن شركات النفط الصخري في مدينة هيوستن بولاية تكساس التي تعد من أهم ولايات النفط الصخري في أميركا، تعاني منذ أكثر من عام من تراكم الديون. ومنذ الربع الثاني من العام الجاري، بلغت ديون هذه الشركات 6 أضعاف دخلها.

وذلك بدون حساب الفوائد على هذه الديون وبدون حساب الضرائب المترتبة عليها. وهذا المعدل أعلى كثيراً من المعدلات الخطرة التي تجعل المستثمرين حذرين من وضع أموال فيها.
وكانت شركات النفط الصخري قد تعرضت لموجة إفلاسات ضخمة خلال عامي 2015 و2016، حينما انهارت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل في بعض الشهور.

وخلال تلك الفترة، أفلست نحو 70 شركة نفطية في كل من أميركا وكندا. ومن غير المعروف حتى الآن ما الذي ستفعله إدارة الرئيس دونالد ترامب لمساعدة صناعة النفط الصخري.

وكان ترامب قد نصّب نفسه مدافعاً عن الثورة النفطية في أميركا رغم أنه لم يصنعها. وربما تصبح صناعة النفط الصخري التي يفاخر بها مسمارا آخر يهدد مستقبل فوزه بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة نهاية العام المقبل.
المساهمون