شركات المحمول الروسية تواجه خسائر ضخمة

19 اغسطس 2016
روس ينهمكون في لعبة بوكيمون في حديقة لينسكي بموسكو(Getty)
+ الخط -
منذ تبني السلطات الروسية في يوليو/تموز الماضي حزمة قوانين "مكافحة الإرهاب" التي تشدد الرقابة على الاتصالات، أثيرت تساؤلات حول خسائر فادحة قد تتكبدها شركات المحمول للالتزام بها. علماً أن القوانين الجديدة تقضي بحفظ البيانات حول المكالمات وتسجيلاتها وصورالرسائل والملفات المرسلة لمدة نصف عام.
ومع دخول حزمة القوانين حيز التنفيذ اعتباراً من بداية يوليو/تموز 2018، ستضطر شركات المحمول الروسية لإنفاق عشرات مليارات الدولارات لشراء المعدات اللازمة لتطبيق أحكام "حزمة ياروفايا"، وهو اسم أطلق على قوانين "مكافحة الإرهاب" التي اقترحتها رئيسة لجنة الأمن ومكافحة الفساد بمجلس الدوما (مجلس النواب) الروسي.
وفي حال تطبيق هذا الإجراء، لن تقتصر الخسائرعلى شركات المحمول وتعذر الاستثمار في تطوير تقنياتها، وإنما ستؤثر أيضًا على ميزانية الدولة بسبب تراجع إيراداتها من جني الضرائب، كما أنه قد يؤدي إلى ارتفاع التعريفات لعملاء الشركات.
وقدر مجلس الخبراء التابع للحكومة الروسية تكلفة التزام قطاع الاتصالات بحزمة القوانين الجديدة بـ2.2 تريليون روبل (حوالي 34 مليار دولار)، وهو مبلغ يفوق إجمالي إيرادات شركات المحمول الأربع الكبرى في روسيا خلال العام الماضي. وتوقع المجلس ألا تقل نفقات كل شركة محمول عن 200 مليار روبل (حوالي 3 مليارات دولار)، وذلك لإنشاء مراكز تخزين البيانات وشراء المعدات.
وقدرت شركة "البريد الروسي" نفقاتها جراء تطبيق حزمة القوانين الجديدة بما لا يقل عن 500 مليار روبل (أكثر من 7 مليارات دولار) لشراء معدات مراقبة محتوى الطرود وتعيين موظفين إضافيين بـ42 ألف مكتب بريد في مختلف أنحاء روسيا، بالإضافة إلى أكثر من 100 مليار روبل (حوالي 1.5 مليار دولار) سنوياً لخدمة المعدات ودفع الأجور.
وأكدت كبرى شركات المحمول الروسية، وهي "إم تي إس" و"ميجافون" و"فيمبيلكوم" ("بيلاين")، أن نفقات إنشاء مراكز معالجة وحفظ البيانات ستفوق أرباحها كثيراً.
واقترح مدير عام شركة "ميغافون"، سيرغي سولداتينكوف، فرض ضريبة إضافية على شركات المحمول بواقع 1% من إيراداتها حتى تقوم الدولة بإنشاء مراكز تخزين البيانات بنفسها، بدلاً من القوانين الجديدة التي "تقضي مالياً على قطاع الاتصالات"، على حد تعبيره.
ويشير فاسيلي بيمينوف، مسؤول التنمية بشركة "بورصة تيليكوم"، إلى أن رد فعل كبرى شركات المحمول الروسية يدل على أنه لم يتم أخذ رأيها بعين الاعتبار عند وضع القانون. ويقول بيمينوف لـ"العربي الجديد": "جميع الأرقام لا تزال تقديرية حتى الآن، ولكن في حال تطبيق شروط صارمة، سيدفع ذلك بشركات المحمول إلى حافة الإفلاس".
ويضيف: "سيتطلب القانون الجديد إنشاء ما لا يقل عن عشرات مراكز التخزين ذات سعات ضخمة، واستثمارات وتعيين موظفين جدد، وستكون النفقات كبيرة جداً، ومع ذلك، لن يتم تطبيق هذه الإجراءات إلا بعد وضع آلية وتحديد الكيفية".
وفي نفس السياق، يشير إلى أن قانون حفظ البيانات الشخصية للمواطنين الروس بخوادم داخل روسيا لا يطبق بنسبة 100% في ظل عدم وجود آليات محددة، وقد يتكرر الأمر مع قوانين "مكافحة الإرهاب".
ومنذ بداية سبتمبر/أيلول 2015، يلزم القانون جميع المواقع التي تحصل على بيانات شخصية من العملاء بحفظها في روسيا فقط والكشف عن أماكن وجود قواعد البيانات، مع استثناء المواقع الأجنبية لحجز تذاكر الطيران من هذا الشرط. ومما يزيد من صعوبة تطبيق القانون، هو تعريفه الواسع لمفهوم البيانات الشخصية بأنها "أي معلومات تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بشخص طبيعي معين".
وحول تأثير النفقات الإضافية المتعلقة بـ"حزمة ياروفايا" على التعريفات للعملاء، يقول بيمينوف: "هناك احتمال ارتفاع التعريفات حتى من دون شراء معدات إضافية، لأن أسعار الاتصالات في روسيا أقل من المتوسط عالمياً، وقد تستخدم الشركات القانون الجديد كذريعة لزيادة أسعار خدماتها".
ويوضح أنه ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية في روسيا وانهيار قيمة الروبل الروسي من نحو 30 روبلاً للدولار إلى أكثر من 60 روبلاً حالياً، لم تعد شركات المحمول تحقق أرباحًا كبيرة، لأنها تجني إيرادات بالروبل وتستورد المعدات اللازمة مقابل الدولار.

المساهمون