وأفادت وزارة الداخلية في بلاغ لها، مساء السبت، أن "رئيس الحكومة قرر إجراء حركة على سلك الولاة (المحافظين)، وتمّ بمقتضاها تعيين عدد من الولاة في 13 محافظة تونسية. وجاء ذلك بعد مناقشات دامت أشهراً، بين أعضاء الائتلاف الحاكم، الذي يضم حزب "نداء تونس"، و"حركة النهضة"، و"الاتحاد الوطني الحر"، و"آفاق تونس". وقد سعى كل حزب إلى نيل النصيب الأكبر من المناصب المُتاحة من المحافظين ومديري النواحي، لأهمية هذه المواقع في المرحلة المقبلة التي ستشهد استحقاقات انتخابية حيوية، تحديداً الانتخابات البلدية التي ستحصل في العام المقبل. وعدا عن الولاة، سيتم تعيين معتمدين، بعد البدء بدراسة ملف حوالي 80 معتمداً، ومن المنتظر أن تجتمع لجنة التنسيق والتشاور للأحزاب المشاركة في الحكومة قريباً، لمناقشة ملف المعتمدين ومنح حصة كل حزب وفقاً لتمثيله البرلماني.
في هذا الصدد، ذكر الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" المعارض، محمد عبو لـ"العربي الجديد"، أن "حزب النداء كان قد استغلّ ما قامت به الترويكا سابقاً من تعيينات على أسس حزبية لتنظيم حملته الانتخابية، وإقناع المواطنين بأنه البديل الأفضل".
وأضاف عبو: "اليوم هم أنفسهم يقومون بتعيينات حزبية"، وعلّل ذلك قائلاً: "نحن لا نعارض مبدأ التعيينات، فمن البديهي أن يكون النصيب الأكبر منها للحزب الفائز في الانتخابات، لكن ما يقلقنا هو أن بعض هذه التعيينات ينقصها شرط النزاهة والكفاءة، بالاستناد إلى المعلومات التي جمعناها".
أما القيادي المعارض في "الجبهة الشعبية" زياد الأخضر، فقد اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المحيّر في الأمر هو أنه تمّت مناقشة هذه التعيينات منذ شهرين في إطار الائتلاف الحاكم، وكأن الأطراف الحزبية الأخرى لا يعنيها هذا الأمر".
اقرأ أيضاً: تونس... القضاء في قلب العاصفة
وتابع: "لم تفاجئنا قائمة الولاة الجديدة لأننا اعتدنا من حكومة الصيد أن تختار نوعاً محدداً من الشخصيات، التي سبق لها أن مارست الحكم في العهد السابق، أو بالأحرى من كانوا ضمن حزب التجمّع أيام بن علي، رغم وجود كفاءات أخرى أكثر نزاهة". واعتبر الأخضر، أن "هذا الأمر يدعو إلى القلق الشديد، مما يجعلنا نلاحظ أن الفترة المقبلة ستُدار بنفس منهجية وأوامر العهد السابق، الذي خلنا أنه لن يعود".
حتى إن بعض القياديين من الحزب الحاكم ليسوا راضين عن التعيينات باعتبار أنها أبعدت العنصر النسائي. وقالت القيادية في "نداء تونس"، المناضلة النسوية سابقاً، بشرى بلحاج حميدة لـ"العربي الجديد، إن "رئيس الحكومة أظهر منذ البداية رغبة وحماسة في تعيين أكبر عدد ممكن من النساء، وهذا ما لاحظناه في تشكيلة الحكومة، غير أنه حصل تراجع مخيف اليوم، وهو غير مبرّر ولا نقبله".
وعن المحاصصة الحزبية في تعيينات الولاة، لفتت بن حميدة إلى أن "الإشكال القائم هو أن من حكم البلاد في الفترة السابقة، وأقصد الترويكا، هم من كرّسوا مبدأ المحاصصة الحزبية في الإدارة التونسية، أما بخصوص حركة الولاة الأخيرة، فلم نرَ أي شخص ينتمي لنداء تونس".
وفي سياق تركيز المعارضة على القول إن "أغلب من عُيّنوا هم من الوجوه التي عملت في عهد بن علي"، متسائلة عن "سبب إصرار رئيس الحكومة على مثل هذه التعيينات"، ذكرت بن حميدة أن "هذا خيار الحكومة، وما يهمنا حقاً هو أن تكون معايير التعيين واضحة". وشددت على أن "أغلب الكفاءات في الإدارة التونسية عملت في صلب النظام السابق قبل الثورة، ونحن نحارب منظومة سابقة، ولا نحارب أشخاصاً، خصوصاً اذا كان منهم من يريد خدمة تونس بنزاهة".
يُشار إلى أنه جرت العادة في تونس الإعلان عن الحركة السنوية للولاة خلال شهر يونيو/حزيران من كل عام، لكن ذلك تأخر بسبب عدم التوافق بين أحزاب الائتلاف الحاكم، وهو ما دفع رئيس الحكومة للقيام بجولة على الأحزاب. مع العلم أن منصب "المحافظ"، بات مهّمشاً إلى حدّ ما بعد الثورة، رغم أهميته وصعوبة ودقة الصلاحيات الموكولة إليه في هذا الظرف الحساس، إلى درجة أن بعض المواطنين طردوا بعض الولاة من مناصبهم، بسبب تأخر نسق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعدم قدرتهم على تغيير الأوضاع.
اقرأ أيضاً: هكذا ردّت تونس على الإرهاب... بالفنّ