هذا الرجل السبعيني يتحدث وكأنه وُلد من جديد، والسبب أنه يرى بعينه منطقته الساحرة، التي عاشت سنوات عجافاً، من الدم والدموع، فأفسد العبث الإنساني الكثير من صورها الجميلة، يردد وهو يتحسر في كلامه لـ"العربي الجديد "، خصوصا وأن الشواطئ الجزائرية "باتت مرتعا للقمامة والنفايات"، يقول المتحدث.
وتعدّ النظافة حجر الزاوية في استقطاب السياحة، سواء الداخلية أو الخارجية بحسب محمد لحلو، وهو ما يتفق معه كثيرون من سكان المناطق الساحلية، فالمحيط هو جزء من حياتهم اليومية، ونظافته تجلب السياح والزوار من كل حدب وصوب، كما أن توفير الخدمات ينعش الحركة التجارية، لكن تراكم النفايات ينفرهم ويحرمهم من متعة الاستمتاع بالطبيعة الخلابة، "لا شيء هنا بالمال، الجبال والبحر والغابات، كلها من خلق الله، البشر يمكن أن يضيف اللمسات والبناءات والمرافق التي تستقطب الزوار ويمكنه لقلة وعيه أن يشوه المنظر العام"، يقول الكثيرون في تصريحات متفرقة لـ"العربي الجديد".
من هذا المنطلق، وسعيا نحو بيئة نظيفة، تعكف مجموعة من الشباب في الجزائر مع بداية كل موسم الاصطياف على حملات تنظيف للشواطئ تحت شعار "بيئة نظيفة" بالتنسيق والتعاون مع وزارتي السياحة والبيئة، خاصة أن العملية تستهدف تنظيف الشواطئ من النفايات والأكياس البلاستيكية والقارورات وغيرها من الأجسام والنفايات الصلبة، فيما يتكلف غطاسون بتنظيف أعماق الشط، بهدف استقبال السياح والمصطافين.
ويقود نور الدين، وهو شاب في مقتبل العمر ينشط تحت غطاء الكشافة الجزائرية، الحملة برفقة منخرطين من الأطفال والشباب لتنظيف الشواطئ ، وهي حملة "تربي الأجيال على ضرورة النظافة والحفاظ على روعة المحيط"، يقول المتحدث الذي وجه نداء عبر "العربي الجديد" للشباب والعائلات بأن يحافظوا على نظافة الشواطئ التي تعتبر ملكا عاما وفضاء يجلب الفرحة والسعادة والراحة للجميع، حسب تعبيره.
البيئة صديقة الأطفال
جمعيات ومنظمات تحفز الأطفال الصغار على غرس الأشجار، وكذلك على تنظيف الشواطئ كل موسم، لأنه مهما سخرت السلطات المعنية من وسائل وكادر بشري لتنظيف المحيط فلا يمكنها القيام بذلك، دون مشاركة المواطن العادي، بحسب تعبير الكثيرين.
ويرى البعض أنها "تحفز أيضا الأطفال على الاهتمام بمحيطهم" ، بحسب تصريح عبد الوهاب وهو من جمعية "ناس الخير" لـ"العربي الجديد"، قائلا :"وجب أن نجعل من الأطفال رجالا في المستقبل، لديهم مسؤولية المحيط، فضلا عن الاهتمام بعدم رمي النفايات في أي مكان، وترسيخ ذلك في الأذهان والعمل عليه يوميا وليس في بداية كل صيف".
وتحصي الجزائر سنوياً رمي أكثر من 20 مليار طن من النفايات بمختلف أنواعها، بحسب الخبير الاقتصادي عبد الإله زروق في تصريح لـ"العربي الجديد"، قائلا إن العالم تغير وصارت المداخيل من السياحة تدر الملايير، لهذا من الأجدر "على القائمين على البيئة والسياحة أيضا في الجزائر التفكير جديا في طرق استغلال النفايات في التدوير والحفاظ على المحيط والبيئة"، موضحا أنها تعتبر أهم مورد صحي للإنسان والمحافظة على استمراريته، وتمنحه فرصة قضاء عطلة مريحة وصحية في أجواء صحية ونظيفة.