تنتاب الطبيبة الجزائرية فاطمة العباسي، رئيسة مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية بمركز الاستشفاء الجامعي محمد لمين دباغين في باب الوادي بالعاصمة، مشاعر الحزن والأسف كلما تذكرت حالة الأربعيني محمد الحاج الذي توفي بجلطة دماغية نزيفية على مستوى البصلة السيسائية (medullary bulb)، إذ لم تستطع إنقاذه رغم تدخلها رفقة فريقها الطبي بكل الوسائل المتاحة والمستعملة في علاج من يصابون بالسكتة الدماغية، والتي لم تعد تهدد المسنين بل شباب الجزائر، الذين يتزايد عدد المصابين منهم بحسب الحالات التي تمر مؤخرا على البروفيسورة العباسي، والتي تمتد مسيرتها المهنية إلى 25 عاما، كما تقول لـ"العربي الجديد"، متابعة إنه يطلق على الجلطة الدماغية عدة مصطلحات كالحادث الدماغي أو السكتة الدماغية الإقفارية Ischemic stroke، وهي نوبة مفاجئة وقوية تُحدث نزيفا أو انسدادا في الأوعية الدموية الدماغية، وفي العادة تصيب كبار السن ويوجد نوع ثان منها هو الجلطة الدماغية النزيفية لكنها تصيب عددا أقل من المرضى.
70 ألف حالة إصابة
يتفق الدكتور هشام حمبلي المختص في جراحة القلب والشرايين والصدر بمستشفى جبل بلوى في ولاية تيزي وزو شرقي الجزائر، مع زميلته العباسي في أن الجلطة الدماغية صارت تصيب شباب الجزائر بشكل لافت وتحديدا الفئة العمرية بين 30 سنة و40 سنة، وفق ما رصده عبر الحالات التي تترد على مشفاه، ولا تتوفر وزارة الصحة الجزائرية على إحصاءات دقيقة بشأن حالات الإصابة بالجلطة الدماغية خلال عام 2017 حسب ما استقته "العربي الجديد" من خلية الاتصال بوزارة الصحة، وهو ما ترجعه الدكتورة لمياء علي باشا رئيسة مصلحة أمراض الأعصاب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي الواقع وسط العاصمة، إلى عدم وجود قاعدة بيانات وطنية ترصد الإصابات بالجلطة الدماغية على الرغم من مطالبة المختصين بذلك، لكن البروفيسور أحمد نخلة رئيس مصلحة جراحة الصدر والأوعية بمستشفى بلوى يؤكد أن آخر إحصاء صادر عن وزارة الصحة في عام 2015، كشف عن إصابة 60 ألف حالة جديدة بالجلطة سنويا في الجزائر، منها 15 بالمائة لدى فئة الشباب بناء على دراسة قام بها في مشفاه، قائلا "إصابة الشباب بالجلطة كانت نادرة قبل 18 عاما، المرض كان مقتصرا على الفئات كبيرة السن"، وهو ما يراه البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي (الفورام) منطقيا، لكنه يعتقد أن عدد المصابين بالجلطة يزيد إلى 70 ألف حالة، مرجحا أن ذلك يأتي مع التزايد المتواصل لعدد السكان الذي وصل في 2017 إلى 41.7 مليون نسمة حسب إحصاءات وزارة الصحة.
اقــرأ أيضاً
أنواع الجلطة الدماغية
لا تختلف نسب الإصابة بالجلطة الدماغية في الجزائر عما تحصيه منظمة الصحة العالمية كنسبة عالمية، إذ يصاب 80 بالمائة من المرضى بالجلطة الدماغية الإقفارية بينما 20 بالمائة من المصابين يعانون من الحادث النزيفي الدماغي Hemorrhagic stroke ويحدث هذا النوع عندما يتسرّب الدّم داخل أو حول الدّماغ مُحدثاً انتفاخاً وضغطاً على خلايا الدّماغ، ممّا يؤدّي إلى موتها.
وقبل الإصابة بالجلطة الدائمة يمكن أن يصاب المريض بما يعرف بـ"الجلطة العابرة"، وهي إنذار لإمكانية الإصابة بجلطة دائمة، والتي قد تكون مميتة عند كبار السن، كما يوضح المختصان مصطفى خياطي والدكتورة لمياء باشا، بينما تشير الطبيبة فاطمة العباسي إلى أن التعرض لجلطة دائمة هو الأكثر انتشارا في الجزائر، وتختلف خطورتها حسب قوة الإصابة ومساحة انتشارها ومكانها في الدماغ، فعلى سبيل المثال إذا وقع في الشق الأيسر يصبح المصاب غير قادر على الكلام لأن مركز التحكم في النطق موجود في هذه الجهة من الدماغ، إضافة إلى إمكانية تعرض أجزاء من جسمه للشلل.
أسباب الجلطة الدماغية لدى الشباب
يرجع البروفيسور أحمد نخلة ارتفاع تسجيل حالات الجلطة الدماغية لدى الشباب خلال الألفية الحالية إلى حالات القلق والغضب التي أصبحت تطبع حياة الجزائريين خاصة الشباب، ما ساهم في ارتفاع الضغط الدموي، إذ تكشف الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة، أن 26 بالمائة من سكان الجزائر الذين تتراوح أعمارهم بين 26 سنة و65 سنة يعانون من ارتفاع الضغط الدموي، وكذا توسع حالات الإصابة بداء السكري لدى الشباب والذي يمس 8.2 بالمائة من الفئة العمرية ذاتها، وفق ما كشفه الدكتور يوسف طرفاني المدير المكلف بالأمراض غير المتنقلة بوزارة الصحة لـ"العربي الجديد"، مبينا أن هذه الأمراض قد تحدث نوبات تتسبب في انسداد أو نزيف على مستوى شرايين الدماغ وبالتالي إمكانية وقوع الجلطة الدماغية.
وتنتج الجلطة الدماغية سواء لدى الشباب أو الفئات المسنة في الغالب عن انتفاخ في الشرايين تكون أسبابها مباشرة أو غير مباشرة، فالمصابون بمرض ضغط الدم والسكري والربو من أكثر المرشحين للتعرض لجلطة دماغية، إضافة إلى السمنة وزيادة الكولسترول، والتدخين الذي يتزايد بين الشباب، إذ تكشف إحصاءات وزارة الصحة أن 15.1 بالمائة من الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة فما فوق مدخنون، وكلها عوامل ترفع الإصابة بالجلطة الدماغية، حسب ما يذكر البروفيسور مصطفى خياطي.
من جانبه، يضيف الدكتور إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الاستعمال المكثف لحبوب منع الحمل يضاعف احتمالات التعرض للجلطة الدماغية، وفق ما توصلت له آخر الدراسات الطبية منها تحذير صادر في 2014 عن الوكالة الدولية للعقاقير الطبية في بريطانيا.
تكاليف باهظة
لا يستطيع الثلاثيني فيصل أحمد إحصاء ما أنفقته عائلته لاستعادة والدته النطق وحركة أعضاء جسمها، بعد تعرضها لجلطة في 2006، قائلا "لم تعد مختلف أجزاء جسمها إلى العمل بشكل طبيعي إلا في العام الماضي".
وتربط البروفيسورة العباسي التكاليف التي تنفق على علاج من يتعرضون للجلطات الدماغية بفترة التدخل الطبي بعد الجلطة، كونها من تحدد المضاعفات التي تنتج عن هذه الإصابة، موضحة لـ"العربي الجديد" إنه في حال كان التدخل الطبي في غضون 3 ساعات من تعرض المريض للجلطة تكون فرص الشفاء عالية جدا، وبإمكان المريض الخروج من المستشفى في الحالات العادية بعد 24 ساعة، وتكلفة علاجه لا تتعدى على أقصى تقدير مبلغ 100 ألف دينار (833 دولارا أميركيا)، أما إذا كان التدخل الطبي بعد 3 ساعات من التعرض للجلطة ففترة الشفاء تطول وتبلغ التكاليف على الأقل مليون دينار (8333 دولارا)، وهو ما يجعل أغلب المصابين يتوجهون إلى المستشفيات العمومية التي تقدم العلاج بالمجان، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد" المختصان لمياء باشا وأحمد نخلة.
تخل عن الطب الوقائي
تدرج وزارة الصحة الجزائرية الجلطة الدماغية ضمن قضايا الصحة العمومية كونها صارت من الأمراض التي تهدد حياة مواطنيها وتعرف انتشارا لافتا، وفق ما قالت خلية اتصال الوزارة التي يرأسها سليم بلقسام لـ"العربي الجديد"، لكن رغم ذلك تبقى عمليات التحسيس بخطورة هذا المرض دون المستوى المطلوب، كما أوضح لـ"العربي الجديد" مصطفى خياطي الذي يرى أن العنصر الأساس في التقليل من الإصابات بالسكتة الدماغية هو تكثيف العمل التوعوي، قائلا "نلاحظ تخلي السلطات عن الطب الوقائي".
وعلى الرغم من أن 29 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، يعد اليوم العالمي للجلطة الدماغية والذي يشهد عالميا فعاليات متنوعة للتوعية بخطورة المرض، إلا أنه مر مرور الكرام على وزارة الصحة، والتي أوضحت خلية اتصالها، "أنها لم تنظم أي ندوات أو نشاط يعرف بهذا المرض"، كما رفضت تقديم تفسير أو مبرر لعدم احتفالها بهذا الموعد العالمي، لكن الأمر بالنسبة للدكتور الياس مرابط لا يتعلق بالتحسيس بالمرض في يومه العالمي فقط إنما يجب أن يكون طوال العام، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد".
وترى البروفيسورة العباسي أن العديد من المصابين الذين تعالجهم يكونون في الغالب لا يعلمون إصابتهم بالأمراض التي تؤدي للجلطة الدماغية والتي لا يعرفون عنها شيئا، أما البروفيسورة لمياء علي باشا فقالت إن التحسيس بخطورة الجلطة الدماغية التي صارت مشكلة صحية عمومية في الجزائر موجود لكنه غير كاف، خاصة في بعض الولايات التي قد لا تتوفر على مراكز لعلاجه.
بدوره، يعتبر البروفيسور أحمد نخلة أن نقص التحسيس بهذا المرض، جعل العديد من المصابين لا يعلمون أنه في حالة القدوم إلى المستشفى بعد التعرض لجلطة دماغية مباشرة يمكن معالجة المرض في الحال بإخضاعه للعلاج من خلال تقنية إذابة الجلطة الشريانية الدماغية "ترومبولير" التي تسمح بإذابة التصلبات لدى حدوث انسداد في الأوعية الدموية.
غير أن التكفل بمرض الجلطة الدماغية بالنسبة للدكتور مرابط وفقا لمعايير كافية لعلاج المرضى يبقى مؤجلا في البلاد إلى حين، نظرا للعجز الكبير المسجل في التكفل بالمصابين الذين يحتاجون إلى مصالح التخدير والإنعاش، والتي يبقى عددها غير كاف، إضافة إلى حاجتهم للترويض والتأهيل الحركي والتكفل النفسي، خاصة وأن حالات الإصابة رغم تسجيلها عند الشباب يعاني منها كبار السن في الغالب، والمنظومة الصحية الجزائرية حتى اليوم تفتقد لاختصاص طب المسنين رغم وجود هذا التخصص منذ 40 عاما عالميا.
70 ألف حالة إصابة
يتفق الدكتور هشام حمبلي المختص في جراحة القلب والشرايين والصدر بمستشفى جبل بلوى في ولاية تيزي وزو شرقي الجزائر، مع زميلته العباسي في أن الجلطة الدماغية صارت تصيب شباب الجزائر بشكل لافت وتحديدا الفئة العمرية بين 30 سنة و40 سنة، وفق ما رصده عبر الحالات التي تترد على مشفاه، ولا تتوفر وزارة الصحة الجزائرية على إحصاءات دقيقة بشأن حالات الإصابة بالجلطة الدماغية خلال عام 2017 حسب ما استقته "العربي الجديد" من خلية الاتصال بوزارة الصحة، وهو ما ترجعه الدكتورة لمياء علي باشا رئيسة مصلحة أمراض الأعصاب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي الواقع وسط العاصمة، إلى عدم وجود قاعدة بيانات وطنية ترصد الإصابات بالجلطة الدماغية على الرغم من مطالبة المختصين بذلك، لكن البروفيسور أحمد نخلة رئيس مصلحة جراحة الصدر والأوعية بمستشفى بلوى يؤكد أن آخر إحصاء صادر عن وزارة الصحة في عام 2015، كشف عن إصابة 60 ألف حالة جديدة بالجلطة سنويا في الجزائر، منها 15 بالمائة لدى فئة الشباب بناء على دراسة قام بها في مشفاه، قائلا "إصابة الشباب بالجلطة كانت نادرة قبل 18 عاما، المرض كان مقتصرا على الفئات كبيرة السن"، وهو ما يراه البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي (الفورام) منطقيا، لكنه يعتقد أن عدد المصابين بالجلطة يزيد إلى 70 ألف حالة، مرجحا أن ذلك يأتي مع التزايد المتواصل لعدد السكان الذي وصل في 2017 إلى 41.7 مليون نسمة حسب إحصاءات وزارة الصحة.
أنواع الجلطة الدماغية
لا تختلف نسب الإصابة بالجلطة الدماغية في الجزائر عما تحصيه منظمة الصحة العالمية كنسبة عالمية، إذ يصاب 80 بالمائة من المرضى بالجلطة الدماغية الإقفارية بينما 20 بالمائة من المصابين يعانون من الحادث النزيفي الدماغي Hemorrhagic stroke ويحدث هذا النوع عندما يتسرّب الدّم داخل أو حول الدّماغ مُحدثاً انتفاخاً وضغطاً على خلايا الدّماغ، ممّا يؤدّي إلى موتها.
وقبل الإصابة بالجلطة الدائمة يمكن أن يصاب المريض بما يعرف بـ"الجلطة العابرة"، وهي إنذار لإمكانية الإصابة بجلطة دائمة، والتي قد تكون مميتة عند كبار السن، كما يوضح المختصان مصطفى خياطي والدكتورة لمياء باشا، بينما تشير الطبيبة فاطمة العباسي إلى أن التعرض لجلطة دائمة هو الأكثر انتشارا في الجزائر، وتختلف خطورتها حسب قوة الإصابة ومساحة انتشارها ومكانها في الدماغ، فعلى سبيل المثال إذا وقع في الشق الأيسر يصبح المصاب غير قادر على الكلام لأن مركز التحكم في النطق موجود في هذه الجهة من الدماغ، إضافة إلى إمكانية تعرض أجزاء من جسمه للشلل.
أسباب الجلطة الدماغية لدى الشباب
يرجع البروفيسور أحمد نخلة ارتفاع تسجيل حالات الجلطة الدماغية لدى الشباب خلال الألفية الحالية إلى حالات القلق والغضب التي أصبحت تطبع حياة الجزائريين خاصة الشباب، ما ساهم في ارتفاع الضغط الدموي، إذ تكشف الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة، أن 26 بالمائة من سكان الجزائر الذين تتراوح أعمارهم بين 26 سنة و65 سنة يعانون من ارتفاع الضغط الدموي، وكذا توسع حالات الإصابة بداء السكري لدى الشباب والذي يمس 8.2 بالمائة من الفئة العمرية ذاتها، وفق ما كشفه الدكتور يوسف طرفاني المدير المكلف بالأمراض غير المتنقلة بوزارة الصحة لـ"العربي الجديد"، مبينا أن هذه الأمراض قد تحدث نوبات تتسبب في انسداد أو نزيف على مستوى شرايين الدماغ وبالتالي إمكانية وقوع الجلطة الدماغية.
وتنتج الجلطة الدماغية سواء لدى الشباب أو الفئات المسنة في الغالب عن انتفاخ في الشرايين تكون أسبابها مباشرة أو غير مباشرة، فالمصابون بمرض ضغط الدم والسكري والربو من أكثر المرشحين للتعرض لجلطة دماغية، إضافة إلى السمنة وزيادة الكولسترول، والتدخين الذي يتزايد بين الشباب، إذ تكشف إحصاءات وزارة الصحة أن 15.1 بالمائة من الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة فما فوق مدخنون، وكلها عوامل ترفع الإصابة بالجلطة الدماغية، حسب ما يذكر البروفيسور مصطفى خياطي.
من جانبه، يضيف الدكتور إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الاستعمال المكثف لحبوب منع الحمل يضاعف احتمالات التعرض للجلطة الدماغية، وفق ما توصلت له آخر الدراسات الطبية منها تحذير صادر في 2014 عن الوكالة الدولية للعقاقير الطبية في بريطانيا.
تكاليف باهظة
لا يستطيع الثلاثيني فيصل أحمد إحصاء ما أنفقته عائلته لاستعادة والدته النطق وحركة أعضاء جسمها، بعد تعرضها لجلطة في 2006، قائلا "لم تعد مختلف أجزاء جسمها إلى العمل بشكل طبيعي إلا في العام الماضي".
وتربط البروفيسورة العباسي التكاليف التي تنفق على علاج من يتعرضون للجلطات الدماغية بفترة التدخل الطبي بعد الجلطة، كونها من تحدد المضاعفات التي تنتج عن هذه الإصابة، موضحة لـ"العربي الجديد" إنه في حال كان التدخل الطبي في غضون 3 ساعات من تعرض المريض للجلطة تكون فرص الشفاء عالية جدا، وبإمكان المريض الخروج من المستشفى في الحالات العادية بعد 24 ساعة، وتكلفة علاجه لا تتعدى على أقصى تقدير مبلغ 100 ألف دينار (833 دولارا أميركيا)، أما إذا كان التدخل الطبي بعد 3 ساعات من التعرض للجلطة ففترة الشفاء تطول وتبلغ التكاليف على الأقل مليون دينار (8333 دولارا)، وهو ما يجعل أغلب المصابين يتوجهون إلى المستشفيات العمومية التي تقدم العلاج بالمجان، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد" المختصان لمياء باشا وأحمد نخلة.
تخل عن الطب الوقائي
تدرج وزارة الصحة الجزائرية الجلطة الدماغية ضمن قضايا الصحة العمومية كونها صارت من الأمراض التي تهدد حياة مواطنيها وتعرف انتشارا لافتا، وفق ما قالت خلية اتصال الوزارة التي يرأسها سليم بلقسام لـ"العربي الجديد"، لكن رغم ذلك تبقى عمليات التحسيس بخطورة هذا المرض دون المستوى المطلوب، كما أوضح لـ"العربي الجديد" مصطفى خياطي الذي يرى أن العنصر الأساس في التقليل من الإصابات بالسكتة الدماغية هو تكثيف العمل التوعوي، قائلا "نلاحظ تخلي السلطات عن الطب الوقائي".
وعلى الرغم من أن 29 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، يعد اليوم العالمي للجلطة الدماغية والذي يشهد عالميا فعاليات متنوعة للتوعية بخطورة المرض، إلا أنه مر مرور الكرام على وزارة الصحة، والتي أوضحت خلية اتصالها، "أنها لم تنظم أي ندوات أو نشاط يعرف بهذا المرض"، كما رفضت تقديم تفسير أو مبرر لعدم احتفالها بهذا الموعد العالمي، لكن الأمر بالنسبة للدكتور الياس مرابط لا يتعلق بالتحسيس بالمرض في يومه العالمي فقط إنما يجب أن يكون طوال العام، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد".
وترى البروفيسورة العباسي أن العديد من المصابين الذين تعالجهم يكونون في الغالب لا يعلمون إصابتهم بالأمراض التي تؤدي للجلطة الدماغية والتي لا يعرفون عنها شيئا، أما البروفيسورة لمياء علي باشا فقالت إن التحسيس بخطورة الجلطة الدماغية التي صارت مشكلة صحية عمومية في الجزائر موجود لكنه غير كاف، خاصة في بعض الولايات التي قد لا تتوفر على مراكز لعلاجه.
بدوره، يعتبر البروفيسور أحمد نخلة أن نقص التحسيس بهذا المرض، جعل العديد من المصابين لا يعلمون أنه في حالة القدوم إلى المستشفى بعد التعرض لجلطة دماغية مباشرة يمكن معالجة المرض في الحال بإخضاعه للعلاج من خلال تقنية إذابة الجلطة الشريانية الدماغية "ترومبولير" التي تسمح بإذابة التصلبات لدى حدوث انسداد في الأوعية الدموية.
غير أن التكفل بمرض الجلطة الدماغية بالنسبة للدكتور مرابط وفقا لمعايير كافية لعلاج المرضى يبقى مؤجلا في البلاد إلى حين، نظرا للعجز الكبير المسجل في التكفل بالمصابين الذين يحتاجون إلى مصالح التخدير والإنعاش، والتي يبقى عددها غير كاف، إضافة إلى حاجتهم للترويض والتأهيل الحركي والتكفل النفسي، خاصة وأن حالات الإصابة رغم تسجيلها عند الشباب يعاني منها كبار السن في الغالب، والمنظومة الصحية الجزائرية حتى اليوم تفتقد لاختصاص طب المسنين رغم وجود هذا التخصص منذ 40 عاما عالميا.