"أهل سيناء أدرى بشعابها"، كما يقول المثل العربي عن أهل مكة، لكن سيناء التي تصبح حديث الإعلام المصري والعالمي مرة شهريّاً على الأقل، لا أحد من أهلها يتحدث عما يجري فيها، وإنما يترك من يطلق عليهم "الخبراء"، سواء كانوا أمنيين أو استراتيجيين أو عسكريين، لترديد كثير من الأخبار والمعلومات المغلوطة.
وشهدت سيناء 47 هجوما إرهابيا، منذ ثورة يناير 2011، استهدف معظمها قوات الجيش والشرطة، وخلفت 168 قتيلا وعشرات المصابين، بحسب إحصائية لوكالة الأناضول استنادًا لبيانات رسمية ومصادر أمنية وطبية.
بينما قامت قوات من الجيش والشرطة بشن الكثير من الهجمات والعمليات على مناطق في شبه جزيرة سيناء، في إطار الحرب على الارهاب، راح ضحيتها العشرات، لكن تلك الأرقام غير موثقة.
ويحكي الصحافي السيناوي، أحمد الغول، عن سيناء التي شهدت، الجمعة، حادثاً كبيراً راح ضحيته أكثر من 30 جنديّاً: "نعيش خلال 3 سنوات مضت في شمال سيناء السيناريو المتكرر نفسه. تحدث كارثة وناس تموت، الناس تغضب وتشعر بالقهر، فتعلن الدولة حالة الطوارئ. تهدأ الأمور قليلاً، فتنسى الناس، نعيش أيام هدوء معدودة، دون أن نتطرق إلى إنهاء الأزمة الحقيقية، لنفوق مجدداً على كارثة جديدة، تموت ناس. يفرض حظر تجوال، نهدأ قليلاً، وننسى، دون التطرق إلى الأزمة الحقيقية أو محاولة إيجاد حل، ونفوق من جديد على كارثة جديدة. وهكذا دواليك. يستمر الغباء".
بينما يكتب الصحافي مصطفى سنجر: في الشيخ زويد ورفح لن نتأثر بحظر التجوال، من الساعة الخامسة مساء إلى السابعة صباحاً، لأنه مطبق فعليّاً منذ أكثر من عام.
وردّاً على دعاوى أطلقها إعلاميون ووسائل إعلام عن تهجير أهالي سيناء، يكتب سنجر: على خبراء التهجير "سبوبة اليومين دول" أن يذهبوا للشيخ زويد ورفح التى لا يعرفون عنها شيئاً قبل أن يتحدثوا.
بينما يكتب أحمد الغول: عدد الخبراء "البتنجانيين" الذين قالوا "نهجر أهالي سيناء وننظف البلد من الإرهاب وبعدين نرجعهم تاني" على شاشات التلفزيون تاريخي، فكرة قذرة يروج التلفزيون لها. وللأسف سمعت أناس في محافظات مختلفة يرددون الكلام نفسه. ثم يسخر مستنكراً: "شوية فراخ أحنا هتنقلونا من عشة لعشة، ما تبنولنا خيام وملاجئ بالمرة".
فصول المعاناة
ويتحدث الغول عن أهل الشيخ زويد: "إنهم يعانون من التضييق الأمني وحظر التجوال منذ فترة"، "أصدقاء للوالد من الشيخ زويد كانوا النهاردة (اليوم) في العريش يباركو لنا بمناسبة زواج أخي، كانوا يسلمون بسرعة ليتمكنوا من العودة لمنازلهم قبل العصر، كل ما يحكوه عن المعاناة التي يعيشونها لا أحد في مصر يعرف عنها شيئاً، حتى نحن في العريش".
ورصد الناشط السيناوي الشاب بعضاً من فصول المعاناة: "أهالي الشيخ زويد ورفح ممنوع أن يصابوا بالمرض بعد المغرب، لو تحركت بسيارتك مساء هناك، ستعرض نفسك لإطلاق النار المباشر، كما أن محطات بنزين الشيخ زويد ورفح مغلقة ولتموين سيارتك عليك الذهاب إلى العريش، مسافة ساعة بالسيارة في طرق بعيدة عن الطريق الرئيسية التي يمكن أن تتعرض فيها أيضا لإطلاق النار".
ويضيف: أهالي كثير من المناطق تركوا بيوتهم فعليا بسبب الحصار الغبي المفروض عليهم منذ سنة ونصف، وعشرات الأبرياء منهم مات برصاص القوات الأمنية. مثلما سقط أبرياء من الجيش والشرطة برصاص الإرهابيين.
"تعرف إننا جميعا في شمال سيناء متمرمطين من سنة ونصف ولا أحد منا نطق. ذقنا الذل والمرار والويل وكل الناس تموت بالبطيء وساكتين، وانت قاعد في بيتك وستديوهات تتهمنا بالخيانة شمال ويمين" على حد قوله.
وبينما الواقعة التي راح ضحيتها الجنود وقعت في الشيخ زويد، إلا أن قرار حظر التجوال شمل معها مدينتي العريش ورفح، وبحسب الصحفي السيناوي أحمد أبو دراع فإن القرار مزعج جدا لسكان العريش الذين اعترضوا عليه، ما دعا إلى "اجتماع أمني مع محافظ شمال سيناء لاستثناء العريش من مناطق حظر التجول" حسب قوله.
وتتكون شبة جزيرة سيناء التي يطلق عليها اسم "أرض الفيروز"، إدارياً من محافظتين شمال سيناء وجنوب سيناء. كما يتبع الساحل الشرقي لقناة السويس محافظات بور سعيد والإسماعيلية والسويس. وهناك نية لاستحداث محافظة ثالثة في وسط سيناء.
في أبريل/ نيسان 2013 بلغ عدد سكان سيناء 597 ألف نسمة، نحو 419.200 نسمة في محافظة شمال سيناء، 177.900 نسمة في محافظة جنوب سيناء، 98 في المئة منهم من البدو من عدة قبائل أبرزها قبيلة الترابين (القبيلة الأكبر في سيناء والنقب) وقبيلة السوراكة والتياها والعزازمة والحويطات وقبائل أخرى.