سيميوني.. الثائر على احتكار البرسا والريال

20 مايو 2014
آخر مرّة فاز بها الأتليتي باللقب كان سيموني لاعباً(تويتر)
+ الخط -

لم يمل العالم على مدى العقود الماضية من ترديد مقولة المخترع الأميركي توماس إديسون والتي ارتأى فيها أنّ: "العبقرية قوامها 99% من العَرق، و 1% من الإلهام" ففي معظم قصص النجاح يُوجد عنصراً فارقاً يتعلق بالتفاني في العمل وبذل الجهد، فليس من المعقول أن يصل شخص ما إلى درجة عالية من النجاح من دون سعي أو اجتهاد، كما لا يمكن تحقيق الإنجازات سوى بالمجهود الجبّار.


وتنطبق هذه المقولة في الوقت الحالي أكثر من أيّ وقت مضى على المدير الفني لنادي أتلتيكو مدريد الإسباني، الأرجنتيني دييجو سيميوني، الذي نجح في قيادة فريقه لإحراز لقب الدوري الإسباني لكرة القدم، للمرة الأولى منذ 18 عاماً، ليُصبح ثالث مدرب في تاريخ "الروخي بلانكوس" يُتوج بالبطولة كمدربٍ بعد أن كان قد تُوج بلقبها كلاعبٍ.


وصاح "سيميوني" على مدار 38 مباراة هذا الموسم بصوت عالٍ في لاعبيه، ولم يكل ولا يمل عن إعطاء التعليمات، ولم يكن أمامه في بعض الأحيان سوى اجتياز الخط والمشاركة مع اللاعبين في تناقل الكرة والأداء كأحد اللاعبين، كيف لا؟ وقد عُرف عنه منذ أنّ كان لاعباً الصرامة الشديدة ورباطة الجأش منقطعة النظير.

مسيرة زاخرة بالألقاب

ولم يكن يُساور أكثر المتفائلين من عشاق فريق "الروخي بلانكوس" أدنى شك أنّ "سيميوني" سيُحقق هذا النجاح المبهر رفقة نادي العاصمة الإسبانية، وذلك في ظل المنافسة التقليدية الشرسة لقطبي الكرة الإسبانية (ريال مدريد، وبرشلونة) على لقب "الليغا"، ناهيك عن استلامه الفريق في حالة مزرية.


وكان المدرب الأرجنتيني قد استلم دفة قيادة "أتلتيكو مدريد" في يناير/ كانون الثاني من عام 2012 خلفاً لسلفه غريغوريو مانزانو، في حالة صعبة للغاية، بعد أن كان يقبع في المركز السادس من القاع في ترتيب الدوري المحلي، ناهيك عن خروجه من منافسات الكأس المحلية على يد فريق الدرجة الثانية ألباسيتي؛ و تفكك الفريق الذي أحرز لقب الدوري الأوروبي في 2010 بعد بيعه أبرز لاعبيه على غرار دافيد دي خيا وسيرجيو أغويرو ودييغو فورلان.


لكنّ المدرب الأرجنتيني -الذي يمتلك كاريزما خاصة وروح معنوية عالية قريبة من اللاعبين باعتباره لاعباً سابقاً قد نجح بعد ذلك في صنع فريق قادر على تحدي أفضل أندية القارة الأوروبية على رأسها ريال مدريد وبرشلونة.


وأعاد "التشولو" فريقه إلى سابق عهده الرائع عندما كان لاعباً في صفوف الفريق، وقدم أوراق اعتماده كمدرب كفء خلال موسمين ونصف فقط بعدما تمكن من التتويج بألقاب الدوري الأوروبي والسوبر الأوروبي وكأس ملك إسبانيا، فيما خسر بفارق الأهداف فقط السوبر الإسباني أمام العملاق برشلونة.

سيميوني.. يسير على خطى دومينغو و أراغونيس

وسار اللاعب الأرجنتيني السابق -الذي دافع عن ألوان فريق أتلتيكو مدريد كلاعب لمدة ثمانية مواسم مقسمة على فترتين حيث لعب له من 1994 إلى 1997 ثم من 2003 إلى 2005 وكان أحد أبرز نجوم الفريق على خطى كل من مارسيل دومينغو، ولويس أراغونيس، بعدما بات ثالث مدرب في تاريخ "الروخي بلانكوس" يُتوج بالبطولة كمدربٍ بعد أن كان قد تُوج بلقبها كلاعب.


وأعاد "التشولو" فريقه إلى منصات التتويج بعد غياب دام 18 عاماً، حيث كان المدرب الأرجنتيني قد قاد فريقه لإحراز لقبه الأخير في "الليغا" كلاعب مع أتلتيكو مدريد في عام 1996.


وأصبح المدرب الأرجنتيني ثالث شخص في فريق "الروخي بلانكوس" يُحرز بطولة الدوري كمدربٍ ولاعبٍ، بعد "مارسيل دومينغو" الذي فاز بلقب الدوري كلاعب مرّتين، هما الأولان للنادي المدريدي، موسمي 1949 و1950، قبل أنّ يقود الفريق من مقعد المدير الفني للتتويج بالليغا موسم 1969، إضافة إلى " لويس أراغونيس" الذي قاد الفريق لتحقيق البطولة في الفترة التي لعب فيها لصالحه ثلاث مرّات، مواسم 1965 و1969 و1972، وذلك قبل أنّ يُتوج بها كمدرب للفريق موسم 1976.


وتبدو فرصة "سيميوني" في حصد المزيد من الألقاب "قائمة"، إذ لم يتولَ تدريب فريق العاصمة الإسبانية أيّ مدير فني يتمتع بنفس الشخصية الكاريزمية التي يتمتع بها سيميوني (43 عاماً) والمولود في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، لكن سيتعين عليه الحفاظ على الروح التي زرعها في نفوس لاعبيه من أجل مواصلة رحلة النجاح مع الفريق المدريدي.

ثورة ناجحة ضد احتكار البارسا والريال

ولعل الشيء الذي يُميز نجاح "سيميوني" مع فريق أتلتيكو مدريد هو نجاحه في كسر لهيمنة قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة على بطولة الدوري في السنوات العشر الماضية، وذلك رغم ضعف الإمكانيات المتاحة له مقارنة بالغريمين العريقين.


وسطّر المدرب الأرجنتيني اسمه بأحرفٍ من ذهب، بعدما نجح في كسر احتكار قطبي الكرة الإسبانية لبطولة "الليغا" التي لم تعرف خلال السنوات العشر الماضية بطلاً بخلاف الغريمين "البارسا والريال"، وبالتحديد منذ تتويج فريق "فالنسيا" بنسخة (2003-2004) تحت قيادة مدربه الأسبق رافائيل بنيتيز.


وشقَّ فريق "الروخي بلانكوس" تحت قيادة "سيميوني" طريقه بثبات، رغم الفارق المالي الشاسع بينه وبين الغريمين في قائمة أغنى أندية العالم، إذ اعتلى ريال وبرشلونة صدارة القائمة من حيث الإيرادات بعدما تجاوز دخل كل منهما 500 مليون يورو (687 مليون دولار)، في الوقت الذي شقَّ فيه أتلتيكو طريقه بصعوبة ضمن أغنى 20 نادياً بإيرادات بلغت 120 مليوناً.


ولم يجرؤ أي فريق على كسر هيمنة البارسا والريال لبطولة الدوري المحلي، حيث اتسعت الفجوة بشكل هائل بين الغريمين وباقي فرق البطولة بسبب تنامي قوتهما الاقتصادية، فيما عانى غيرهما من ويلات الأزمات المالية والضرائب المتراكمة، قبل أنّ يتمكن "سيميوني" من كسر هذا الاحتكار.

المساهمون