سيزار 2020: جدل حول بولانسكي و"البؤساء" الفائز الأكبر

29 فبراير 2020
تغيّب بولانسكي عن الحفل (أرتور ويداك/نورفوتو)
+ الخط -
في ظلّ أزمة داخلية تعانيها "أكاديمية فنون السينما وتقنياتها"، وأحد جوانبها متمثّل بمنح "إنّي أتّهم" لرومان بولانسكي 12 ترشيحاً في فئات مختلفة من "سيزار"، المُعادِل الفرنسي لأوسكار هوليوود، أُقيمت النسخة الـ45 لتلك الحفلة السينمائية الفرنسية، مساء الجمعة 28 فبراير/ شباط 2020، في صالة "بلايال" في باريس، بالتزامن مع تظاهرات مختلفة لناشطات وناشطين في مسائل متعلّقة بالمرأة.

وتعاني الأكاديمية خللاً في إدارتها ومصاعب إدارية وتنظيمية وثقافية مختلفة، وبولانسكي متّهم بالتحرّش الجنسي والاغتصاب، وقضيته الأميركية (إقامة علاقة جنسية مع قاصر) تُطارده منذ عام 1977.

وإذْ تتراجع أزمة الأكاديمية في الحفلة الـ45، لصالح السينما، فإنّ قضية بولانسكي استأثرت بها، خصوصاً مع إعلان فوز مخرج "إنّي أتّهم"، المستند إلى قضية الضابط اليهودي درايفوس، المتّهم بالخيانة (1894 ـ 1906)، بجائزة أفضل إخراج.

وكان متظاهرون، معظمهم نساء يحملن قنابل دخانية، يحاولون الاقتراب من قاعة بلايال الباريسية التي كانت تستضيف الحفلة بحماية عدد كبير من الشرطيين والعوائق المعدنية، على وقع هتافات "اسجنوا بولانسكي". وتصدت الشرطة للأشخاص الذين كانوا يحاولون إزالة العوائق.

وأطلقت المتظاهرات شعارات مناوئة للسينمائي بينها "بولانسكي مغتصب، السينما مذنبة والجمهور متواطئ".

ولم يقل الصخب الخارجي عما وقع داخل الحفل، ومن ذلك مغادرة الممثلة آديل هاينيل، الناشطة النسوية، القاعة رافعة يدها إلى الأعلى وصارخة "هذا عار"، ومُقدِّمة الحفلة، فابيان راندان، لم تعد إلى خشبة المسرح بعد هذا الإعلان.

أما الصحافية مارين تورشي، فغرّدت قائلة إنّها كانت جامدة في مكانها و"مرتاعة ومشمئزة بشكلٍ شخصي للغاية"، وإنّها شعرت بالارتباك في معدتها وهي تُفكِّر بالنساء جميعهنّ اللواتي ينظرن إلى ضحايا هذا الرجل اللاذع بسبب عنفه الجنسي معهنّ.

وقرر بولانسكي عدم حضور هذه الحفلة السنوية الأبرز في السينما الفرنسية، على غرار كامل فريق فيلمه "إني أتهم"، منددا بما وصفه "الإعدام العلني" في حقه.

وأثار فيلم بولانسكي التشويقي التاريخي عن إحدى أشهر الفضائح السياسية في التاريخ الفرنسي المعاصر، جدلاً واسعا إثر الترشيحات الكثيرة التي نالها لجوائز سيزار (12 في المجموع) رغم الآراء المتباينة لدى النقاد حيال العمل.
واعتبر جزء من الرأي العام، إضافة إلى الناشطين النسويين، أن فكرة منح المخرج الفرنسي البولندي البالغ 86 عاما سيلاً من المكافآت في زمن حركة #مي_تو أمر غير مقبول البتة.

ولا يزال بولانسكي مطلوبا للقضاء الأميركي بتهمة اغتصاب فتاة قاصرة سنة 1977. كما أنه يواجه اتهاماً جديدا بالاغتصاب وجهته المصورة الفرنسية فالنتين مونييه التي تؤكد أن بولانسكي ضربها واغتصبها سنة 1975 في سويسرا عندما كانت في سن الثامنة عشرة. وتضاف شهادتها إلى اتهامات نساء كثيرات خلال السنوات الأخيرة في قضايا سقطت بالتقادم.

أما الممثلة والمخرجة إيمانويل بيركو، التي كان يُفترض بها منح تمثال "سيزار" إلى "أفضل مخرج"، رفقة المخرجة كلير دوني، فلم تلفظ اسم الفائز، مُكتفية بالقول إنّ "أكاديمية فنون السينما وتقنياتها" تمنح الجائزة إلى "من يهمّه الأمر" في نهاية هذه الحفلة.

بعيداً عن هذا الجدل كلّه، وفي غياب رومان بولانسكي والفريق العامل في فيلمه الأخير هذا عن الحفلة، حصل "إنّي أتّهم" على 3 جوائز، في فئات أفضل إخراج، وأفضل سيناريو مقتبس لبولانسكي وروبرت هارّيس (عن رواية D. لهارّيس، الصادرة عام 2013)، وأفضل أزياء لباسكالين شافانّ.

كما فاز "الزمن الجميل" لنيكولا بيدوس بثلاث جوائز أيضاً، في فئات أفضل ممثلة في دور ثانٍ لفاني آردان، وأفضل سيناريو أصلي لبيدوس نفسه، وأفضل ديكور لستفان روزنبوم.

أما "البؤساء" للادج لي، فيكون الفائز الأكبر بنيله أربعة تماثيل في فئات أفضل فيلم (التي يحصل عليها المنتجون) لتوفيق عيّادي وكريستوف بارّال، وأفضل أمل رجالي لألكسيس ماننتي، وأفضل مونتاج لفلورا فولبوليار، و"سيزار" الجمهور.

في الإطار نفسه، فاز "بابيشا" (إنتاج مشترك بين فرنسا والجزائر وبلجيكا وقطر) للجزائرية مونية مدوّر بجائزتي أفضل أمل نسائي للينا خُضري، وأفضل أول فيلم.

بينما فازت آناييس دوموستييه بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في "آليس والعُمدة" لنيكولا باريزر، ورشدي زيم بجائزة أفضل ممثل عن دوره في "روبي، ضوء" لأرنو ديبلشان ("روبي" اسم مدينة)، وسْوَان أرلو بجائزة أفضل ممثل في دور ثانٍ عن "بحمد الله" لفرنسوا أوزون.

إلى ذلك، فاز "فَقدتُ جسدي" لجيريمي كلابان بجائزتي أفضل فيلم تحريك لمارك دو بونتافيس، وأفضل موسيقى أصلية لدان ليفي. وLa Nuit Des Sacs Plastiques لغابريال هاريل حصل على جائزة أفضل فيلم تحريك قصير، وPile Poil للوريان إسْكافّر وإيفونِك مولّر نال جائزة أفضل فيلم قصير. بينما مُنح M ليولاند زوبرمان جائزة أفضل فيلم وثائقي، وParasite للكوري الجنوبي بونغ جون ـ هو جائزة أفضل فيلم أجنبي.

في التقنيات السينمائية الأخرى، فازت كلير ماتون بجائزة أفضل تصوير عن عملها في "لوحة لشابّة تشتعل" لسيلين سياما، وكلٌّ من نيكولا كانتان وتوماس ديجونكيار ورافايل موتار وأوليفييه غونّار وراندي توم بجائزة أفضل صوت عن عملهم في "أغنية الذئب" لأنتونان بودري.

دلالات
المساهمون