سياسيّون عراقيون في عالم التأليف: أدباء وشعراء ومؤرّخون

01 سبتمبر 2019
أصدر بيان جبر صولاغ كتاباً بعنوان "تجربتي"(فيسبوك)
+ الخط -

يتوجه سياسيون عراقيون بعد تقاعدهم من العمل السياسي أو عقب فشلهم في الانتخابات إلى مغادرة البلاد أولاً، ثم الاعتكاف لكتابة أجناسٍ أدبية مثل القصص والشعر، إضافة إلى نشر مذكراتهم وتجاربهم، أو حتى إصدار كتب حول الدين والتاريخ والنظريات السياسية، لتكون مصدر سخرية واسعة على مواقع التواصل من جهة، ومحط نقد لاذع من أدباء العراق الذين لا يرحمون الساسة في نقد ودحض سطحيَّة أعمالهم من جهة أخرى.

ولعل أشهر ساسة العراق الذين توجهوا إلى الكتابة الأدبية عقب تركهم العمل السياسي، هم حميد الكفائي، الذي صدرت له مجموعة مؤلفات بعد تخفّيه عن عالم السياسة، وبيان جبر صولاغ الذي كتب كتاباً سماه "تجربتي"، لم تستقبله أيّ دار نشر عراقية، وانتهى به الأمر إلى طباعته على حسابه الخاص، وليس انتهاءً بنوري المالكي، وإبراهيم الجعفري، وحسين الشهرستاني، وموفق الربيعي.

وقد أكَّد، فائق الشيخ علي (محام وسياسي وبرلماني عراقي)، قبل فترة عبر حوارٍ مُتلفَز، بأنّه بصدد طباعة كتاب جديد، لم تُعرَف طبيعته لغاية الآن. كما ظهرت صورة أثارت انتباه ناشطين وأدباء، وهي عبارة عن غلاف لمجموعة شعرية بعنوان "نواميس الشجن" لرئيس أول برلمان للعراق عقب عام 2003، وهو محمود المشهداني. ويؤكّد متابعون بأنَّ محاولات ساسة العراق الدخول في عالم التأليف، هو هربٌ لائقٌ من الفشل وملفّات الفساد التي يُتهمون بها.

في ذات السياق، قال عضو ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي، إن "بعض السياسيين هم بالأصل شعراء. وقد كانوا يكتبون الشعر، إلا أن انشغالهم بالعمل السياسي أنساهم الموهبة القديمة، وقد عادوا إليها حالما استقرّت أوضاعهم، وباتوا يملكون الوقت الكافي لاستعادة النشاط الشعري". وأضاف المطلبي لـ"العربي الجديد"، أنه "كان من المفترض على بعض الأسماء من السياسيين الذين تقلدوا مناصب رفيعة في أوقات حرجة من تاريخ العراق، أن يتّجهوا إلى كتاب المذكرات السياسيَّة لكشف كواليس بعض الأمور التي ظلّت غامضة. وفي نفس الوقت، هي فرصة لتبرير بعض من أفعالهم السابقة غير المفهومة"، مشيراً إلى أن "الكتابة لا تُعتبر جُرماً، ولكن ما هو غريب، أن كثيراً منهم أُتهِم بالفساد خلال فترة عمله بالحكومة. ولكنهم حين خرجوا من وظائفهم، باتوا يتحدثون بالوطنية، ويتهمون أسماءً أخرى بالفساد، بل يلعنون المحاصصة الحزبية والطائفية التي كانوا هم جزءاً منها".

أما الصحافي العراقي، محمد شفيق، فقد اتَّفق مع المطلبي في أن "كثيراً من السياسيين لديهم هوايات ثقافية وفنية وبعضهم من عوائل ثقافية أصلاً. لذلك، فإنّ خروجهم من السياسة وفرَّ لهم فسحة للعودة إلى هواياتهم أو مهنهم الأصلية في كتابة الشعر أو القصة وحتى المقالة. وبعض السياسيين يرى في ذلك محاولة لتغيير الصورة النمطية التي رسمها الجمهور والشارع عنه"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "كتابة المذكرات السياسية هو أمرٌ تفتقده الساحة السياسية والفكرية في العراق. وربما يعود غيابها إلى قُصر تجربة الكثير من السياسيين".
من جهته، بيَّن الشاعر العراقي عبد العظيم فنجان، أن "الشعر هو فنٌ نخبوي، بمعنى أنه فقد صفة العمومية، وأصبح خاصاً لا يكتبهُ إلا القلة، وهي القلة المجروحة والمتألمة، التي أيقظ روحها الألم، فصارت أكثر شفافية ورقّة، حتى امتلكت أجنحة الطيران فوق الزمن وفوق الواقع، فتمكنت من الرؤيا، أو حازت الرؤيا التي تنتاب الأنبياء والمفكرين. لذلك، لا أعتبر الشعر من الأدب، بل هو الوسيط بين الأدب والفلسفة. وهذه الرؤيا غير متوفرة قطعاً لدى الدجّال أو المهرج، كما أن حقل السياسة أرفع مستوى من أن يضم سياسياً جاءت به الصدفة، أو صار نجماً نتيجة صفقات سرقة المال العام".
المساهمون