سياسيون عراقيون اختفوا عن واجهة الأحداث منذ اندلاع التظاهرات

25 نوفمبر 2019
غابت في الفترة الأخيرة تعليقات ومواقف سياسيين عراقيين (Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي يواصل فيه العراقيون تظاهراتهم للشهر الثاني على التوالي، والتي خلّفت أكثر من 340 ضحية وأكثر من 19 ألف مصاب، بفعل القمع المفرط للقوات الأمنية في بغداد ومدن وسط البلاد وجنوبها، تغيب تعليقات ومواقف سياسيين عراقيين كانوا في فترات سابقة في مناصب حساسة، وبعضهم ممن يُعرف بـ"قيادات الصف الأول".
والتظاهرات التي تطالب بحلّ الرئاسات الثلاث وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد تحت إشراف أممي، وتشكيل محكمة عليا مختصة بقضايا الفساد منذ عام 2003 ولغاية الآن، وتعديل الدستور وسنّ قانون جديد للانتخابات، لم تستثنِ أياً من رؤساء أو وزراء الحكومات السابقين والحاليين من تحميلهم المسؤولية في الحال الذي وصلت إليه البلاد.
ويفتقد مدنيون، بسخرية، مواقف وآراء السياسي العراقي موفق الربيعي، المقرب من زعيم حزب "الدعوة" نوري المالكي، الذي توارى عن الأنظار هو الآخر، كذلك الوزير الأسبق حسين الشهرستاني، ومحمود المشهداني، وإبراهيم الجعفري، وسليم الجبوري، ورئيس الجمهورية السابق فؤاد معصوم، وعلي الأديب، وعلي العلاق، ووزير العدل السابق حيدر الزاملي، وغيرهم، خصوصاً أن بعضهم خسر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبعضهم من غادر العراق إلى بلدان أوروبية وأميركا وأخرى عربية.
وقال الناشط السياسي وعضو "الحزب الشيوعي العراقي" في بغداد أيهم رشاد، إن "من المعروف أنّ كل قادة الأحزاب الذين وفدوا إلى العراق بعد الاحتلال الأميركي، لا يملكون من ثقافة العمل السياسي أي شيء، لكنّ بعضهم عمل في القتال ضدّ الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الإيرانية، وبالتالي فإنّ غالبيتهم مقاتلون ويتعاملون مع الأحداث السياسية والميدانية بطريقة الرجل العسكري، لذلك فشلوا فشلاً ذريعاً بالعمل السياسي وقيادة العراق إلى بر الأمان، بل ساهموا بشكلٍ كبير بتنمية الشعور بالطائفية والمذهبية".
ولفت إلى أن "من يُعرفون بساسة ما بعد 2003، اعتبروا أن العراق ما هو إلا ساحة أو معسكراً للعمل، وبالتالي فقد غادروا البلاد إلى بلدان أخرى، بعد انتهاء فترة استيزارهم أو فشلهم في الحصول على مناصب أو الخسارة بالانتخابات"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "كثيرين منهم لم يهتموا لبلادهم الأصلية وهي تمرّ بأزمة شعبية كبيرة، ولم يساندوا التظاهرات، كما لم يعارضوها، ففي الواقع هم لا يهتمون أصلاً بما يحدث".

من جهته، انتقد عضو مجلس النواب العراقي علي البديري ما وصفه بـ"صمت المسؤولين السابقين والحاليين عمّا يجري ويتعرض له المتظاهرون في ساحات الاحتجاج من قمعٍ وعنف وقتل"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "بعض المسؤولين السابقين، والذين عملوا في مجال السياسة وخدموا في مناصب حكومية، يقطنون حالياً في الخارج، وكان من الأجدر، لو أنهم فعلاً مناضلون كما يدّعون، أن يباشروا بحملات من أجل إخبار العالم والمنظمات الدولية والحقوقية بما يجري في الداخل العراقي، ولكنّ بعضهم أقل من أن يقدم على مثل هذه المشاريع التي تخدم العراقيين، وهم على استعدادٍ تام للعودة إلى العراق بشرط توفر مناصب هامة لبعضهم، وهذه المناصب ليست أكثر من صيد ثمين بالنسبة إليهم".
أما العضو السابق في البرلمان العراقي جوزيف صليوا، فقد بيَّن لـ"العربي الجديد"، أن "سياسيين غابت مواقفهم وآراؤهم عن التظاهرات والوحشية التي تعرض لها المحتجون، لأنهم من دون أي جماهير تتأثر بتعليقاتهم أو تغريداتهم وبياناتهم، فضلاً عن أنهم لا يجيدون قراءة الشارع والأحداث هذه كلها من جهة، وبات الشعب العراقي أصلاً لا يريد تدخلهم ولا يريد سماع آرائهم من جهة أهم، لأن هذه الشلة من السياسيين كانت الجسر الذي من خلاله عبرت دول إقليمية، وتسلطت على العراق والعراقيين".

إلى ذلك، رأى الصحافي العراقي والمراقب للشأن المحلي علي الحياني، أن "غالبية السياسيين الحاليين الذين يشغلون مناصب رفيعة في الحكومة، لا يعرفون كيفية التصرف مع الغضب الشعبي الذي يحدث في العراق، فكيف بالسياسيين الطاعنين بالسن الذي تركوا البلاد منذ سنوات؟"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "النقمة الشعبية الحالية كبيرة على السياسيين، وبالتالي فإن أي تعليق من أي شخصية سيزيد الطين بلة، وإن شخصيات تصدت للعمل السياسي على شاكلة محمود المشهداني، وعلي الأديب، وموفق الربيعي، الذين اعتزلوا الظهور الإعلامي حتى يبقوا بعيدين عن الأنظار، وهم يأملون في أن ينساهم الشعب العراقي، ويدركون أن أي ظهور لهم عبر التلفاز أو كتابة بيان بشأن أي حادثة سياسية أو غيرها، سيؤدي إلى تعرضهم إلى سخرية كبيرة وشتائم من الشباب الغاضب من خراب البلاد".