وأقرّ البرلمان العراقي الأسبوع الماضي حزمة تعديلات جديدة على قانون الانتخابات منع بموجبها الترشح للبرلمان لمن لا يملك شهادة البكالوريوس، وهو ما أدى إلى استبعاد عشرات الوجوه السياسية الحالية التي ألف العراقيون أشكالهم وأسماءهم بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.
ويعتبر سوق مريدي أحد أبرز الأسواق العراقية التي يتم من خلالها تزوير المعاملات الرسمية كافة كجوازات السفر والبطاقات الشخصية والمخاطبات الرسمية بين الدوائر المختلفة، عدا عن الشهادات الجامعية وليس العراقية فقط، بل شهادات من لبنان وإيران وتركيا واليونان ومصر وتونس ودول كثيرة أخرى يتم تزويرها من هناك من خلال أختام تصنع محليا مستفيدة من مكائن ومعدات جهاز المخابرات العراقي السابق وهيئة التصنيع العسكري العراقي إبان نظام صدام حسين، حيث سرقت جميعا وتحولت إلى يد عصابات التزوير والتزييف.
ويروي لـ"العربي الجديد"، صاحب أحد مكاتب التزوير في سوق مريدي ببغداد، عن الطلبات الكثيرة التي تلقاها خلال هذه الأيام، من نواب، للحصول على شهادات جامعية، مبينا أنّ "أغلب النواب دفعوا أمولا طائلة للحصول على الشهادات، بغية الحصول على شهادات رسمية".
وأكد صاحب المكتب أنّه "لا توجد أي مشكلة في الحصول على الشهادات، لأنّها أمر متاح، وليس جديدا، لكن المشكلة تكمن في أنّ النواب القدامى، المعروف عنهم أنهم غير حاصلين على البكالوريوس، معروفون للجميع، ولا يمكن أن يحصلوا اليوم على شهادات، خصوصا أنّ الدراسة الجامعية تتطلب أربع سنوات لإكمالها".
وبين أنّ "أولئك النواب فشلوا بالحصول على الشهادات لضيق الوقت، الأمر الذي أشعرهم بالإحباط الكبير"، مشيرا إلى أنّ "المتقدمين الجدد، غير المعروفين سيحصلون على شهادات بكالوريوس ليتخطوا شرط التحصيل الدراسي".
وحمّلهم "مسؤولية التقصير في الحصول على الشهادات المزورة منذ عدّة سنوات"، مشيرا إلى أنّ "الكثير من البرلمانين الحاليين حصلوا على شهادات الإعدادية المزورة ولم يفكروا بالشهادات الجامعية حينذاك، كونها لم تكن شرطا لدخول الانتخابات".
ومن الجدل اليومي الدائر داخل كافتيريا البرلمان العراقي عقب كل جلسة، قال عضو في البرلمان إن لجنة الضبط داخل البرلمان سجلت مخالفة على نائب في إحدى الكتل السياسية المعروفة قال بعد إقرار تعديلات القانون الخاص بالانتخابات لزميل له استبعد من الترشح بسبب شرط الشهادة الجامعية "نرتب لك شهادة لا تهتم خلي يولون".
يأتي ذلك في وقت ردّت فيه المحكمة الاتحادية، طعن النواب المعترضين على شرط، التحصيل الدراسي في قانون الانتخابات.
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية، إياس الساموك، في بيان صحافي، إنّ "المحكمة العليا التي عقدت جلستها اليوم، ردّت الطعن في شرط التحصيل الدراسي للمرشح بأن يكون المرشح حاصلا على شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها".
وتؤكد مفوضية الانتخابات، أنّ "من الصعب جدا كشف الشهادات المزورة، بالنسبة إلى المرشحين للانتخابات".
وقال مسؤول في المفوضية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مكاتب التزوير في البلاد أصبحت محترفة للغاية في إصدار الشهادات والوثائق المزورة"، مبينا أنّ "الوقت المتبقي على فترة الانتخابات غير كاف لكشف الشهادات المزورة".
وأوضح أنّ "الإجراءات التحقيقية في صحة صدور الوثائق والشهادات مطبقة لدينا، لكنها تحتاج إلى وقت، إذ إنّ الكتب الرسمية والمخاطبات تتطلب وقتا لتصديقها من الدوائر، فضلا عن أنّ الشهادات المزورة تم تسجيلها بشكل يصعب كشفه ويكون أصعب بالنسبة للشهادات الصادرة من جامعات غير عراقية".
ويضم البرلمان العراقي عشرات النواب ممن يحملون شهادات مزورة، لكن لم يكشف أحد عنهم، إذ إنّ الكتل السياسية تغطي لبعضها بهذا الجانب حتى لا تكشف الأخرى عنها.
وقال النائب عن التحالف الوطني، موفق الربيعي، في تصريح صحافي، إنّ "عددا من أعضاء البرلمان العراقي يحملون شهادات مزورة، وإنّ نسبة كبيرة منهم فاسدة إداريا وماليا"، مؤكدا أنّ "الكثير من النواب تبين أنّ شهاداتهم الجامعية مزورة وصادرة من مريدي".
وأضاف، أنّ "هؤلاء لا يليق بهم أن يكونوا أعضاء في البرلمان، لكن المشكلة أنهم انتخبوا من قبل الشعب".