سوق برقاش للجِمال

02 ديسمبر 2016
شهرة المكان جعلت منه مقصداً للسياح(دي أوغستين/ Getty)
+ الخط -
على قمة جبل برقاش بشمال محافظة الجيزة، يقع أكبر سوق لبيع الجمال في الشرق الأوسط. فمئات الآلاف من الإبل المحلية "البلدي” والمستوردة، المجلوبة من السودان والصومال وجيبوتي، تُعرض للبيع طوال العام في هذا السوق الذي تبلغ مساحته 25 فداناً، ويضم عشرات الأحواش. وكان السوق الذي نُقل إلى هذا المكان سنة 1995، يقع سابقاً في منطقة البراجيل، بالرغم من ارتباط برقاش قديماً بعائلات توارثت مهنة تربية الجمال وتجارتها.

يمثّل سوق برقاش قطعَةً حيّة من التراث الشعبي، فهو يفتح بوابته الحديدية الكبرى يومياً بعد صلاة الفجر، فيتكون بداخله مجتمع جديد، له أزياؤه الخاصة وملامحه السمراء التي تنتمي للجنوب، وفيه تعلو الأصوات باللهجات غير القاهرية، بعضها ينتمي للصعيد، وبعضها للسودان. والمصطلحات التجارية الشعبيّة وقواعد إدارة السوق؛ كلها مفردات تنتمي إلى عالم آخر لم تعد تعرفه المدينة الحديثة. وهناك، تسمع عن أنوع الجمال المختلفة؛ مثل البيشار والدنقلاوي والزمكلى والألعناني والعنافي وغيرها. كما تسمع ألفاظاً تعبر عن طبيعة الجمل وعمره وحالته. أي أن اللغة السائدة في السوق، تعبر عنه فقط، ولا تستخدم غالباً في الحياة اليومية خارج السوق.
شهرة المكان جعلت منه مقصداً للسياح الأجانب الذين يصلون بين الحين والآخر مع كاميراتهم لتصوير حركة السوق اليومية. تكون ذروة ازدحام السوق في يومي العطلة الرئيسية، أي الجمعة والأحد. وتكثر فيهما المزايدات. إذْ يُقبِل عموم الناس والجزارين، لفحص الجمال وشراء الذبائح. ويقدر بعض التجار، أن حركة البيع تتراوح بين 10 إلى 15 ألف قطعة أسبوعياً.
أما الدخول إلى السوق فلا يتم بصورة ارتجالية، بالرغم من وجود مئات التجار، فهناك عدة عائلات توارثت احتكار البيع في الداخل، ولكل عائلة مكتبها الخاص. وهي إما أن تحصل على الجمل الواحد أو صفقة الجمال التي يأتي بها التاجر عن طريق الشراء لنفسها، ثم إعادة بيعها للزبائن بمعرفتها الخاصة، أو أنها تترك البائع مقابل أن تحصل منه على عمولة تتراوح بين 1500 إلى 2000 جنيه في الجمل الواحد.
ولسوق برقاش طبيعة خاصة، فمعظم الجمال التي تعرض فيه يتم الترويج لها باعتبارها ذبائح، لذلك يفضل الزبائن، مثل الجزارين، أن تكون كبيرة الحجم وسمينة. وذلك على خلاف طبيعة الأسواق في أسوان بجنوب مصر، فهناك، يتم تفضيل الجمال القوية النحيفة، لأنها تُستخدَم في أعمال نقل القصب وغيره من المحاصيل الزراعية.
ويخدم رواد سوق الجمال في برقاش مجموعة من الأسواق الفرعية الملحقة، مثل سوق أدوات الجزارين، وسوق للأقمشة لتفصيل الزي الصعيدي السائد لدى رواد برقاش، إضافة إلى بعض "نَصْبات" المشروبات الساخنة وإعداد الوجبات السريعة.\
 
وبالقرب من السوق في داخل القرية، يقع قصر الكاتب الصحافي، محمد حسنين هيكل، ومزرعته، والذي قال عنه: "ما رأته برقاش وشهدته أعظم من أن يكون إرثاً تركه أب لأبنائه، وكانت الأطروحة تقول أن يتم تحويل هذا المكان إلى مؤسسة فكرية، تنفيذاً لمبادرتي الخاصة بشباب الصحافة العربية، واقترحوا أن تكون مقراً على غرار مؤسسات إنكلترا الخاصة مثل (ديكشلى)، وهي مكان ريفي له طابع تاريخي يمكن من خلاله أن يقدم رسالته حتى بعد رحيل أصحابه"!


المساهمون