بينما تتأهب أسواق النفط لما قد يسفر عنه الاجتماع النفطي الذي دعت إليه فنزويلا قبل أسابيع، والمقرر عقده، اليوم الأربعا، في فيينا، تصدر عدة إشارات متباينة بشأن صراع الحصص السوقية بين المنتجين.
فعلى الرغم من إعلان روسيا استعدادها لخفض إنتاجها على المدى القصير والمتوسط، وما تُشير إليه البيانات شبه الرسمية حول خفض السعودية إنتاجها بحدود 100 ألف برميل يوميا منذ أغسطس/آب الماضي، تلقت السوق، أمس الثلاثاء، أنباء حول زيادة إنتاج أنغولا وإيران، مع بقاء احتمال زيادة الإنتاج في ليبيا والعراق.
وتعتقد شركة "فيتول"، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، أن الخام سيجد صعوبة في تخطي مستوى 60 دولارا للبرميل العام المقبل، إذ إن عودة الإنتاج الإيراني للسوق، وربما الليبي، ستؤدي إلى تفاقم تأثير تباطؤ الطلب العالمي.
ونزل سعر النفط إلى النصف على مدى 12 شهرا مضت، ويرجع ذلك في الأساس إلى مستويات إنتاج غير مسبوقة من عدد من الدول الكبرى المصدرة للخام، إلى جانب تباطؤ الطلب من الصين ودول أخرى مستهلكة للسلع الأولية، مثل البرازيل وروسيا.
وأغلق خام برنت، أمس الثلاثاء، بارتفاع عشرة سنتات عند التسوية إلى 48.71 دولار للبرميل، لكنه ظل دون 50 دولاراً للبرميل.
وقال ايان تايلور، الرئيس التنفيذي لفيتول، إن الشركة تتوقع نمو الطلب العالمي على النفط بواقع 1.35 مليون برميل يوميا في 2015، انخفاضا من 1.7 مليون في العام الجاري.
وشجعت أسعار النفط المنخفضة المصافي على بلوغ مستويات تشغيل قياسية، ولكن لم يكن هذا كافيا لامتصاص الفائض في السوق، ولذا استقر السعر دون 50 دولارا للبرميل في معظم فترات النصف الثاني من العام الجاري.
وتوقع تايلور، نمو الاستهلاك في الصين العام المقبل، ولكنه رجح أن تقل وتيرة نمو الطلب العالمي عن المستويات التي شهدها العام الحالي.
وتابع قائلا في قمة رويترز السنوية للسلع الأولية: "هل سنحصل على 1.7 مليون برميل يوميا في 2016؟ لا أعتقد ذلك، وهذه أحد الأسباب التي تدعو إلى القلق؛ إذ حصلنا على نمو 1.7 مليون برميل يوميا في 2016 بوسعنا بلوغ 60 دولارا للبرميل بسهولة".
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب بواقع 1.21 مليون برميل يوميا في 2016.
واستبعد تايلور، أن يسفر اجتماع أوبك، في أوائل ديسمبر/كانون الأول، عن أي تغيير في موقف المنظمة الرامي إلى الحفاظ على حصتها في السوق من خلال ضخ كميات قياسية من النفط، وأدت الاستراتيجية إلى تفاقم تخمة المعروض في السوق العالمية.
وأكثر ما يثير حيرة شركات تجارة السلع الأولية مدى سرعة عودة إيران إلى الأسواق العالمية حينما ترفع العقوبات الدولية عليها.
ويجمع مسؤولون في القطاع على أن صادرات إيران سترتفع ما بين 300 و500 ألف برميل يوميا بحلول الربيع المقبل.
وقال تايلور، "سيدور صراع للفوز بحصة في السوق، لاسيما في آسيا والشرق الأوسط إلى حد ما. سيكون من الصعب بيع النفط الإيراني. أعتقد أن الأمر سيتوقف إلى حد كبير على مدى تراجع الإنتاج الأميركي في ذلك الحين".
وتكبد منتجو النفط الصخري الأميركي أفدح الخسائر في الحرب التي شنتها أوبك للحافظ على حصتها في السوق على مدى العام المنصرم، ويتوقع أن تعلن الولايات المتحدة عن أكبر خفض للإنتاج على الانطلاق في نوفمبر/تشرين الثاني.
الخطر الذي يحدق بالتوازن في السوق أن الفراغ الذي يخلفه تراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي يمكن أن تسده سريعا إيران وليبيا التي تنتج 400 ألف برميل يوميا، وهو يمثل قدرا ضئيلا مقارنة بالذروة التي سجلها قبل عام 2011 حين بلغ 1.6 مليون برميل يوميا، ورجّح تايلور، أن تفسح السوق مجالا لإيران، لكن ذلك مرهون بعدم ارتفاع إنتاج النفط الليبي.
اقرأ أيضاً: بوادر تفاهم سعودي روسي لرفع أسعار النفط