سوق الألف في صيدا يساعد الفقراء

19 يناير 2020
يختارون ما يناسبهم (العربي الجديد)
+ الخط -

تكثر المبادرات الفرديّة لمساعدة الفقراء في مختلف المناطق اللبنانية، منها مدينة صيدا، جنوبي لبنان. وكانت هدى رحيل، التي يعمل زوجها حمّالاً في منطقة الكولا في بيروت، ولا يكفيه المال الذي يجنيه لتأمين الطعام وبدل إيجار البيت الذي لا يتجاوز الغرفتين وتغمره مياه الأمطار، إحدى المستفيدات اللواتي حصلن على ملابس من مبادرة سوق الألف. تقول: "ابني في الرابعة من عمره. أما ابنتي فقد بلغت الخامسة من العمر. تزوجت قبل تسع سنوات وأعيش في بيت صغير في منطقة حي البعاصيري في صيدا. لكن منزلنا احترق ولم يبق منه شيء. وحين علمت بهذه المبادرة، علماً أنني من اللواتي يشاركنَ في الاعتصام في ساحة الثورة، ساحة إيليا في المدينة، منذ بدء انطلاقة الانتفاضة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وبعدما احترق منزلي ولم يعد لدي شيء من ملابس وأغطية وسجاد، استفدت من مبادرة سوق الألف واستطعت الحصول على ملابس لأولادي". 

وحول هذه المبادرة، تقول غنى صالح، وهي إحدى النساء المتطوعات فيها: "أنا من مدينة صيدا، وقد أطلق هذه المبادرة مجموعة من المتطوعين، بهدف جمع الملابس من الناس". تضيف: "نشرنا إعلاناً ووزعناه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. هكذا، تكون فكرتنا قد وصلت إلى أكبر عدد من الناس الذين يودون التبرّع. وبالفعل، استطعنا الحصول على كمية كبيرة من الملابس، وعملنا على فرزها وتوضيبها بشكل لائق. ونظمنا سوق الأحد في أواخر العام الماضي، وصرنا نبيع أية قطعة بألف ليرة لبنانية. وبالفعل، شهدنا حركة كبيرة".

لماذا سمي سوق "الألف"؟ تقول صالح إن سعر أي قطعة هو ألف ليرة لبنانية (أقل من دولار أميركي واحد). "ومن خلال المال الذي جمعناه، اشترينا مواد غذائية من أحياء عدة في مدينة صيدا لتوزيعها على المحتاجين. بالطبع، وإذ أجرينا مسحاً لتلك العائلات، حققنا ثلاثة أهداف في آن واحد؛ الهدف الأول هو إعطاء ملابس للناس، والثاني هو تحريك العجلة الاقتصادية في الأحياء السكنية الفقيرة، وتأمين مواد غذائية للفقراء، وثالثاً ساعدنا عدداً من الفقراء بتأمين مواد غذائية لهم".



أما هدى وردة، وهي من مدينة صيدا وتسكن في منطقة الراهبات في غرفة صغيرة مع زوجها الذي يعمل حارساً لأحد المباني، وطفليهما، (فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً وهي في مدرسة أجيال صيدا الخاصة باليتامى والمحتاجين، والصبي يبلغ من العمر أربع سنوات، وهو في مدرسة الإصلاح الرسمية). تقول: "يتقاضى زوجي راتباً لا تتجاوز قيمته 250 ألف ليرة لبنانية (نحو 165 دولارا بسعر صرف الدولار الرسمي)، وليس لدينا دخل آخر. كما أننا لا نتقاضى الراتب كاملاً، إذ إن زوجي يقدم الخدمة لأربع شقق، وكل أسبوع يعطيه أصحاب إحدى الشقق بعضاً من راتبه".

تتابع وردة: "لا نحصل على مساعدات من أية مؤسسة على الإطلاق، والنتيجة أن مياه الأمطار تتسرّب إلى الغرفة التي نسكنها، ما يؤدي إلى تبلّل الفراش". تضيف: "لم أكن أستطيع شراء الملابس لأولادي. لكنني علمت بسوق الألف، وأخبرني أحدهم أن ما زال هناك بعض الملابس، وقد قرر القيمون على المبادرة تقديمها للناس مجّاناً. توجهت إلى السوق علني أحصل على بعض الملابس التي تناسب أعمار أولادي، واستطعت الحصول على بعضها". وتشير إلى أنها كانت ترغب في الحصول على سجادة، "إلا أن ذلك لم يكن موجوداً". تتابع: "أحياناً، أضطر إلى مساعدة زوجي في العمل".

وتشرح وردة أن لكل شخص من المستفيدين قصته المؤلمة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع نسبة البطالة. تحكي عن سناء التي تعاني لأن زوجها لا يستطيع العمل بسبب مرضه. كما أن ابنها فلسطيني الجنسية لا يستطيع إيجاد عمل نتيجة الظروف في البلاد، إضافة إلى القرارات التي اتخذتها وزارة العمل اللبنانية بحق العمال غير اللبنانيين في ما يخص إجازة العمل".



سناء التي كانت تذرف الدموع قهراً وخجلاً في الوقت نفسه، تقول: "قدمت إلى هنا أكثر من مرة للحصول على بعض المساعدات. لكنني لم أفلح في الحصول على شيء. إحدى القنوات التلفزيونية طلبت منا الحضور إلى أحد المتاجر الكبرى لتقدم لنا الملابس. جئنا في الوقت المحدد وطلبوا منا العودة لاحقاً. وعندما عدنا مرة ثانية وجدناهم قد غادروا، ولم أتمكن من الحصول على الملابس".
دلالات