سوريّو الزعتري على دراجات هوائية

23 يوليو 2016
أكثر من 10 آلاف دراجة في المخيم (العربي الجديد)
+ الخط -
تجلس اللاجئة السورية العشرينية حاملةً طفلها على المقعد الخلفي للدراجة الهوائية التي يقودها زوجها بسرعة كبيرة. تقول على عجل: "ذاهبون إلى المستشفى.. ابني مريض". ليس المشهد فريداً، فالدراجات الهوائية تبرز كوسيلة نقل حيوية في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن.

لا فكرة لدى اللاجئين عن هوية أول من استخدم الدراجة الهوائية في المخيم الذي افتتح في يوليو/ تموز 2012. كما لا يتذكرون تاريخ ذلك. لكنهم يجمعون اليوم على صعوبة الحياة من دون توفر الدراجة، خصوصاً أنّها تختصر المسافات الطويلة داخل المخيم المقام على قرابة 7 كيلومترات مربعة.

الفتى اللاجئ زكريا ذيب (15 عاماً) كان يخوض سباق دراجات هوائية مع صديقة اللاجئ عصام خليل (13 عاماً). ليس سباقاً عادياً، فالفائز هو من يقود على عجلة واحدة أطول مسافة. فاز زكريا بفارق أمتار قليلة. حصلت عائلة زكريا على الدراجة الهوائية قبل أكثر من عامين: "اشتراها والدي بمزاد نظمه مالكها السابق. وفاز بالدراجة المستعملة بمبلغ 75 ديناراً (105 دولارات أميركية)".

يعلّق: "منذ ذلك النهار، باتت حياتنا أسهل". يشير إلى الفوارق: "بعد شرائنا الدراجة، بتّ أصل إلى المدرسة خلال دقائق. قبلها كنت أمشي أكثر من ربع ساعة". وبعدما كان يتذمّر من الذهاب إلى السوق التجاري الذي يتوسط المخيم، والمعروف باسم "الشانزليزيه" لشراء احتياجات العائلة، ها هو اليوم يبادر من تلقاء نفسه إلى عرض خدماته "مع الدراجة لم يعد هناك مكان بعيد".

عائلة صديقه عصام كانت محظوظة أكثر بالحصول على دراجة بسعر أقل. يقول عصام: "اشترى والدي الدراجة قبل أشهر بـ 40 ديناراً (56 دولاراً) فقط". يعتقد الطفل أنّه سعر عادل للدراجة المستعملة التي لا تختلف عن دراجة صديقه. يشير عصام، وهو أكبر أخوته الأربعة، إلى أنّ علاقته أصبحت أفضل مع والدته: "لم أعد أعارضها. بتّ أنقل كلّ طلباتها من السوق أو أيّ مكان آخر في أي وقت".

مع ذلك، يكشف عن مشاحنات تحدث مع والده نتيجة المنافسة بينهما على استخدام الدراجة: "أحياناً يأخذها والدي ويذهب بها إلى مركز توزيع المساعدات أو إدارة المخيم، فيغيب وقتاً طويلاً. أشعر بالملل في انتظاره. أحياناً أهرب بالدراجة قبل أن يصل إليها عندما أعرف أنّه ذاهب بها". وهو ما يجعله عرضة للعقاب.

انتشار الدراجات الهوائية داخل المخيم شجّع على فتح محلات متخصصة ببيعها وتأجيرها وصيانتها. اللاجئ يونس الحوراني، الذي يمتلك أحد تلك المحال، يقول: "قبل سنوات، كانت أسعار الدراجات مرتفعة جداً وكانت تباع في مزاد. أحياناً كان يصل سعرها في المزاد إلى ضعفي السعر الذي دفعه اللاجئ لدى شرائها. اليوم أسعارها باتت عادية". يرجع الحوراني ارتفاع الأسعار في البداية إلى الطلب الكبير على الدراجات القليلة التي كان يحضرها اللاجئون من خارج المخيم.



اليوم، يقدر عدد الدراجات الموجودة داخل المخيم الذي يقطنه نحو 80 ألف لاجئ بأكثر من
10 آلاف دراجة. يشير الحوراني إلى أنّ المنظمات الدولية باتت توزع الدراجات على اللاجئين ضمن المساعدات، ما ساهم في انخفاض أسعارها. يشتري الحوراني الدراجات من اللاجئين، ويعرضها في محله. كما يستثمر في تأجير الدراجات لمن لا يمتلكونها. يقول: "يوجد عدد كبير من العائلات لا تستطيع شراء دراجة خاصة لكنها تستطيع استئجار دراجة بأسعار معقولة لقضاء حوائجها". يعتقد أنّ التأجير كاستثمار أفضل من البيع. كما يوفر الحوراني كذلك الزينة والإكسسوارات للدراجات التي يشتريها من خارج المخيم.

وقد سهّل انتشار الدراجات الهوائية تعبيد الطرق الرئيسية داخل المخيم، كما يقول الحوراني الذي يتندّر: "المطلوب الآن تنصيب إشارات مرور منعاً للحوادث".
يشار إلى أنّ الدراجات ليست وسيلة نقل شخصية في المخيم، فغالباً ما يجهزها اللاجئون في الورش المنتشرة هناك لتضمن ركوب عدد أكبر منهم عليها، عبر تركيب مقاعد خلفية وسلال للأطفال. كما تبرز أيضاً كوسيلة نقل للبضائع فتجهز من أجل ذلك عربات تلتصق بها من الخلف.

اللاجئان الشقيقان فادي وحسن عجاج يقودان دراجة ألحقا بها عربة محملة بالخضار. يقول أحدهما: "اشترينا الخضار من السوق، وسنذهب بها إلى البيت كي تعدّ منها والدتي المخلل، لنعود فنبيعه". يشيران إلى أنّ دراجتهما قبل التعديل لم تكن مناسبة لنقل كميات كبيرة من الخضار، وليس كحالها اليوم".

دلالات