لم تكن "زينة" مجرد عاصفة ثلجية تضرب حوض البحر المتوسط، فقد كانت أداةً لكشف فظاعة المعاناة الإنسانية لملايين السوريين الهاربين من تحت براميل النار المتفجرة، إلى خيم العراء. 10 وفيات في مخيمات اللاجئين السوريين بينهم ستة أطفال ورضيعة عمرها أربعة أشهر، ماتوا نتيجة الصقيع الذي ضرب لبنان، ولا يزال مستمراً حتى اليوم.
الموت الأبيض
إذ أن الآلاف من السوريين يواجهون الموت برداً في ظل الظروف المناخية الصعبة الاخيرة التي تضرب لبنان. ويردد الكثيرون منهم عبارة "اللجوء مذلّة"، في ظل غياب المساعدات الدولية، وانهيار الخيم فوق رؤوس قاطنيها، خاصة في البقاع والشمال، وتحديداً في المناطق المرتفعة، كجرود منطقة عرسال.
كانت منطقة البقاع، الأشد مأساوية في إظهار حجم الكارثة التي تركتها العاصفة. وكأنه قدّر على السوري أن يكلّل بالكفن الأبيض في أرض اللجوء. حيث تسببت العاصفة في انقطاع الطرقات وإلحاق الضرر بآلاف اللاجئين الذين يعيش كثيرون منهم في مآوٍ مؤقتة ضمن تجمعات غير رسمية توزعت في مساحات خالية ومبانٍ مهجورة ومرائب سيارات وأكواخ وفي أراضٍ زراعية.
وأشارت تقارير المفوضية العليا للاجئين، الى أن الوضع في البقاع كان سيئاً بشكل خاص في عرسال وضواحيها التي يتراوح ارتفاعها بين 1.300 و1.400 متر. فقد تحولت مخيمات اللاجئين الى ما يشبه النكبة، بحسب مديرة البرامج في اتحاد جمعيات الاغاثة والتنمية في لبنان، جيهان القيسي، التي قالت إن العاصفة أدت الى تدمير أكثر من 1000 خيمة، "فالنازحون السوريون الموزعون في الخيم، يصل عددهم إلى 7000 عائلة، معظمهم مسجل، والبعض الآخر يقيم في مخيمات غير رسمية". وتابعت القيسي، لـ"العربي الجديد": "أدت العواصف الاخيرة الى إحداث أضرار كبيرة في المخيمات، تصل كلفتها الى عشرات ملايين الدولارات، بالاضافة إلى تسجيل حالات، وفيات بسبب شدة البرد، وغياب وسائل التدفئة". وأضافت: "غياب المساعدات الدولية، أدى الى تفاقم أزمة النازحين، والذين وصل عددهم الى مليوني نازح. في البقاع يوجد 900 ألف لاجئ، أو ما يقارب 5000 عائلة، أكثر من 75% منهم يسكنون الخيم، فيما يصل عدد النازحين في منطقة عرسال إلى 4000 عائلة، و2000 عائلة في جرود عرسال، تحتاج كل عائلة شهرياً إلى أكثر من ألف دولار لشراء مواد للتدفئة وسد الحاجات المعيشية".
أزمة النازحين والاقتصاد
ويواجه اقتصاد أي بلد يستضيف أعداداً هائلة من اللاجئين أزمات اقتصادية، خاصة البلدان النامية. إلا أن تكاليف التشرد لا تصيب الاقتصاد فحسب، بل تصل أيضاً إلى المجتمعات المتشردة. ووفق الخبير الاقتصادي، جاد شعبان، فإن الأزمة الاقتصادية الحقيقية التي يواجهها النازحون السوريون تتعلق بخسائر الرأسمال البشري، وغياب التنمية البشرية. وقال، لـ"العربي الجديد": "يواجه النازحون السوريون في لبنان، أزمة عميقة تتعلق بغياب التنمية المستدامة، إذ نلاحظ انخفاض نسبة الأطفال المسجلين في المدارس، والتحاقهم بسوق العمل لتأمين لقمة العيش، الأمر الذي يهدد جيلاً بأكمله". واعتبر أن ما يعانيه السوريون اليوم من خسائر يصل الى أضعاف ما يعانيه اقتصاد البلد المضيف. فقد انتشرت ظاهرة عمالة الاطفال، كما انتشرت ظاهرة التسول، بالاضافة إلى ذلك، فقد تسبب اللجوء بخسائر كبيرة في ممتلكات العديد من المواطنين السوريين، الامر الذي انعكس سلباً على أوضاعهم المعيشية اليومية.
أما بالنسبة إلى الخسائر التي مني بها السوريون خلال الايام الماضية، فأوضح شعبان أن حجم الدمار في المخيمات كان كبيراً، وتقدّر الخسائر بعشرات ملايين الدولارات، إذ إن مخيمات برمتها في مناطق البقاع تعرضت للدمار بسبب العاصفة.
من جهته، لفت الخبير الاقتصادي، سعيد عيسى، إلى وجود أبعاد اقتصادية واجتماعية لأزمة اللاجئين السوريين. وقال، لـ"العربي الجديد": "تثير مشكلة النزوح في لبنان أمران في غاية الأهمية، الاول يتعلق بالاقتصاد اللبناني وتأثره سلباً، أما الثاني، فيتعلق بالأوضاع الاقتصادية للاجئين. فالمساعدات الدولية لا تكفي لتأمين مسلتزمات الحياة الاساسية، بالاضافة إلى غياب فرص العمل، ما يؤثر سلباً على حجم إنفاقهم". ووفق عيسى، فإن هذه الازمة تفتح المجال واسعاً لدفع اللاجئين نحو العمل بطريقة غير مشروعة، ما يشجع نمو اقتصاد الظل في بلد يعاني من العشوائية وضعف التنظيم.
أرقام
مخيم للاجئين في لبنان، معظمهم مسجل بشكل رسمي في دوائر الأمم المتحدة، والبعض الأخر ينتشر في المناطق بشكل عشوائي. 212 مليون دولار هي حاجة برنامج الأغذية العالمي لدعم العمليات الإغاثية في سورية والدول المجاورة للأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015. 5 ملايين دولار هو حجم الخسائر المقدّرة التي خلّفتها العاصفة في قطاع غزة، خصوصاً في بيوت الصفيح وخيم النازحين. 17 حالة وفاة طالت الأطفال بسبب موجة البرد والثلوج في مخيمات النازحين في مختلف مناطق العراق.
إذ أن الآلاف من السوريين يواجهون الموت برداً في ظل الظروف المناخية الصعبة الاخيرة التي تضرب لبنان. ويردد الكثيرون منهم عبارة "اللجوء مذلّة"، في ظل غياب المساعدات الدولية، وانهيار الخيم فوق رؤوس قاطنيها، خاصة في البقاع والشمال، وتحديداً في المناطق المرتفعة، كجرود منطقة عرسال.
كانت منطقة البقاع، الأشد مأساوية في إظهار حجم الكارثة التي تركتها العاصفة. وكأنه قدّر على السوري أن يكلّل بالكفن الأبيض في أرض اللجوء. حيث تسببت العاصفة في انقطاع الطرقات وإلحاق الضرر بآلاف اللاجئين الذين يعيش كثيرون منهم في مآوٍ مؤقتة ضمن تجمعات غير رسمية توزعت في مساحات خالية ومبانٍ مهجورة ومرائب سيارات وأكواخ وفي أراضٍ زراعية.
وأشارت تقارير المفوضية العليا للاجئين، الى أن الوضع في البقاع كان سيئاً بشكل خاص في عرسال وضواحيها التي يتراوح ارتفاعها بين 1.300 و1.400 متر. فقد تحولت مخيمات اللاجئين الى ما يشبه النكبة، بحسب مديرة البرامج في اتحاد جمعيات الاغاثة والتنمية في لبنان، جيهان القيسي، التي قالت إن العاصفة أدت الى تدمير أكثر من 1000 خيمة، "فالنازحون السوريون الموزعون في الخيم، يصل عددهم إلى 7000 عائلة، معظمهم مسجل، والبعض الآخر يقيم في مخيمات غير رسمية". وتابعت القيسي، لـ"العربي الجديد": "أدت العواصف الاخيرة الى إحداث أضرار كبيرة في المخيمات، تصل كلفتها الى عشرات ملايين الدولارات، بالاضافة إلى تسجيل حالات، وفيات بسبب شدة البرد، وغياب وسائل التدفئة". وأضافت: "غياب المساعدات الدولية، أدى الى تفاقم أزمة النازحين، والذين وصل عددهم الى مليوني نازح. في البقاع يوجد 900 ألف لاجئ، أو ما يقارب 5000 عائلة، أكثر من 75% منهم يسكنون الخيم، فيما يصل عدد النازحين في منطقة عرسال إلى 4000 عائلة، و2000 عائلة في جرود عرسال، تحتاج كل عائلة شهرياً إلى أكثر من ألف دولار لشراء مواد للتدفئة وسد الحاجات المعيشية".
أزمة النازحين والاقتصاد
ويواجه اقتصاد أي بلد يستضيف أعداداً هائلة من اللاجئين أزمات اقتصادية، خاصة البلدان النامية. إلا أن تكاليف التشرد لا تصيب الاقتصاد فحسب، بل تصل أيضاً إلى المجتمعات المتشردة. ووفق الخبير الاقتصادي، جاد شعبان، فإن الأزمة الاقتصادية الحقيقية التي يواجهها النازحون السوريون تتعلق بخسائر الرأسمال البشري، وغياب التنمية البشرية. وقال، لـ"العربي الجديد": "يواجه النازحون السوريون في لبنان، أزمة عميقة تتعلق بغياب التنمية المستدامة، إذ نلاحظ انخفاض نسبة الأطفال المسجلين في المدارس، والتحاقهم بسوق العمل لتأمين لقمة العيش، الأمر الذي يهدد جيلاً بأكمله". واعتبر أن ما يعانيه السوريون اليوم من خسائر يصل الى أضعاف ما يعانيه اقتصاد البلد المضيف. فقد انتشرت ظاهرة عمالة الاطفال، كما انتشرت ظاهرة التسول، بالاضافة إلى ذلك، فقد تسبب اللجوء بخسائر كبيرة في ممتلكات العديد من المواطنين السوريين، الامر الذي انعكس سلباً على أوضاعهم المعيشية اليومية.
أما بالنسبة إلى الخسائر التي مني بها السوريون خلال الايام الماضية، فأوضح شعبان أن حجم الدمار في المخيمات كان كبيراً، وتقدّر الخسائر بعشرات ملايين الدولارات، إذ إن مخيمات برمتها في مناطق البقاع تعرضت للدمار بسبب العاصفة.
من جهته، لفت الخبير الاقتصادي، سعيد عيسى، إلى وجود أبعاد اقتصادية واجتماعية لأزمة اللاجئين السوريين. وقال، لـ"العربي الجديد": "تثير مشكلة النزوح في لبنان أمران في غاية الأهمية، الاول يتعلق بالاقتصاد اللبناني وتأثره سلباً، أما الثاني، فيتعلق بالأوضاع الاقتصادية للاجئين. فالمساعدات الدولية لا تكفي لتأمين مسلتزمات الحياة الاساسية، بالاضافة إلى غياب فرص العمل، ما يؤثر سلباً على حجم إنفاقهم". ووفق عيسى، فإن هذه الازمة تفتح المجال واسعاً لدفع اللاجئين نحو العمل بطريقة غير مشروعة، ما يشجع نمو اقتصاد الظل في بلد يعاني من العشوائية وضعف التنظيم.
أرقام
مخيم للاجئين في لبنان، معظمهم مسجل بشكل رسمي في دوائر الأمم المتحدة، والبعض الأخر ينتشر في المناطق بشكل عشوائي. 212 مليون دولار هي حاجة برنامج الأغذية العالمي لدعم العمليات الإغاثية في سورية والدول المجاورة للأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015. 5 ملايين دولار هو حجم الخسائر المقدّرة التي خلّفتها العاصفة في قطاع غزة، خصوصاً في بيوت الصفيح وخيم النازحين. 17 حالة وفاة طالت الأطفال بسبب موجة البرد والثلوج في مخيمات النازحين في مختلف مناطق العراق.