وقال أبو عبد الرحمن، وهو أحد السجناء المضربين لـ"العربي الجديد" في تسجيل صوتي من داخل السجن إن قائد شرطة السويداء اجتمع مع السجناء وأبلغهم أنه بناء على توجيه من وزير داخلية النظام، سيتم تشكيل لجنة قضائية لتسوية أوضاع المساجين خلال أيام قليلة، وطلب بالمقابل من السجناء مبادرة "حسن نية" بفك الإضراب، حيث جرى بعد مشاورات بين المعتقلين على التوافق على فك الإضراب لأيام محدودة، وفي حال لم تتم تلبية مطالب السجناء، سيعاد النظر في هذا القرار.
من جهته، أوضح المحامي فهد الموسى، وهو رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "نحو 500 سجين بدأوا إضرابا عن الطعام اعتبارا من تاريخ 25 احتجاجاً على ما يعانونه من أنواع الإذلال والإهانة والتعذيب النفسي والجسدي وبعدهم عن أهلهم وأطفالهم لعدم إمكانية زيارتهم من محافظات أخرى، وتعرضهم لمحاكمات صورية أمام المحكمة الميدانية ومحكمة الإرهاب لا ترقى لأي معايير قضائية حقيقية تستند إلى اعترافات أخذت منهم تحت التعذيب من قبل المخابرات السورية، أجبروا على البصم عليها من دون أن يتسنى لهم الاطلاع عليها".
وأضاف الموسى أن الجريمة الحقيقية الوحيدة التي تتم محاكمتهم عليها أنهم ينحدرون من بلدات ومدن الثورة السورية، مشيرا إلى أن من لم يحكم منهم بالإعدام، يتعرض لابتزاز مالي كبير حيث يتوجب عليه دفع مبالغ طائلة من الرشاوي لضباط المخابرات وقضاة المحكمة الميدانية ومحكمة الإرهاب عبر بعض السماسرة والمحامين لكي يحصلوا على أحكام دون الإعدام عن جرائم لم يرتكبوها.
وأشار المحامي الموسى الى أن النظام لم يف بكل الوعود التي قطعها لهم سابقا بإعادة التحقيق معهم ومحاكمتهم محاكمات عادلة، وهو يواصل احتجازهم كرهائن بشرية.
وأوضح أنه خلال المفاوضات بين المعتقلين وإدارة السجن وقائد الشرطة، أصر المعتقلون على مطالبهم بتشكيل لجنة أمنية وقضائية لإعادة النظر بالأحكام الصادرة بحقهم وإطلاق سراحهم أسوة بالمعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم من سجن حماه المركزي بتاريخ 10/4/2018 والذين كانوا موقوفين بموجب أحكام صادرة عن المحكمة الميدانية.
وتابع "نتيجة جدية المعتقلين بمتابعة الإضراب حضر في وقت متأخر من ليلة الأحد قائد شرطة محافظة السويداء والتقى مع المعتقلين، وأكد لهم أنه تلقى برقية من وزير الداخلية بالموافقة على طلبات المعتقلين بإرسال لجنة أمنية وقضائية خلال الأيام المقبلة لإعادة محاكمتهم والعمل على إطلاق سراحهم، وطلب منهم بالمقابل مبادرة حسن نية تجاه هذه الوعود والعمل على إنهاء الإضراب عن الطعام بالسجن. وبناء على هذا الوعد من قبل قائد شرطة محافظة السويداء ووزير داخلية نظام الأسد قرر المعتقلون اليوم صباح الاثنين تعليق الإضراب عن الطعام على أمل أن يفي النظام بهذه الوعود تجاههم، وإلا فإنهم أمام أي مماطلة في هذا الأمر سيعودون لإعلان إضراب جديد عن الطعام".
ويضم سجن السويداء حوالي خمسمائة معتقل من معتقلي الثورة من أغلب المحافظات السورية منهم ثلاثمائة معتقل لصالح المحكمة الميدانية، تتراوح أحكامهم بين الأشغال الشاقة المؤقتة والمؤبدة والإعدام. أما المعتقلون الموقوفون لصالح محكمة الإرهاب فيبلغ عددهم حوالي مئتي معتقل.
وسبق أن قامت بعض عناصر الدفاع الوطني والمخابرات منذ حوالي سنة بإطلاق الرصاص الحي على المعتقلين داخل سجن السويداء بتاريخ 17 /8/ 2017 من أجل إحداث فوضى أمنية داخل السجن و تهريب بعض السجناء من المحسوبين على لجان الدفاع الوطني في السويداء قتل على أثرها اثنان من السجناء وأصيب 27 آخرون.
وقال الموسى "إننا في الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين كمنظمة مجتمع مدني تعمل داخل الأراضي السورية نضم صوتنا إلى صوت المعتقلين في جميع السجون السورية السرية والعلنية ونؤكد على ما يعانيه المعتقلون من إرهاب الدولة الذي تمارسه، ما تسمى زوراً وبهتانا، محكمة الإرهاب والمحكمة الميدانية من أحكام و محاكمات صورية بعيدة كل البعد عن المبادئ القضائية والتي هي أداة من أدوات الجريمة بيد النظام، ونؤكد للعالم أجمع أن جميع هؤلاء المعتقلين هم معتقلين سلميين منذ بداية الحراك السلمي".
وطالب الموسى الأمم المتحدة والدول الضامنة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان والمبعوث الأممي للملف السوري ستيفان دي مستورا بتحمل مسؤولياتهم الإنسانية والعمل على حل قضية المعتقلين في سورية لإنقاذ ما لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين ألف معتقل يتعرضون لكافة أنواع الإبادة والمحارق الجماعية في المعتقلات السرية والعلنية.