اقرأ أيضاً: ميونيخ السوري: روسيا تضغط لوقف نار بشروطها والمعارضة ترفض
وتقدّر مصادر المعارضة عدد المدنيين المحاصرين في مناطقها من قبل القوات النظامية والمليشيات الموالية لها بنحو مليوني مدني.
وكانت قد اتفقت مجموعة الدعم الدولية ليل الخميس، على أنّه يجب على مختلف أطراف الحرب السورية، تأمين إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، بغض النظر عن سريان اتفاق وقف إطلاق النار من عدمه، والذي قالت إنه يسري خلال أسبوع. كما أشار البيان إلى أن تقديم الأغذية والمستلزمات الأولية يبدأ هذا الأسبوع، إلى المناطق التي تعاني أكثر من غيرها من الأزمة الإنسانية، وهي مدينة دير الزور وبلدات الفوعة وكفريا في ريف إدلب ومضايا والمعضمية في ريف دمشق، لافتاً إلى وجود 18 منطقة تخضع للحصار، وفي الأغلب من قبل القوات النظامية.
وترى مصادر معارضة أنّ قرار مجموعة دعم سورية، وخصوصاً برمي المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة عبر الطيران، ذو فعاليه محدودة، إذ سيضطر الطيران، إن كان يريد إسقاط المواد في مناطق محددة، للتحليق على مسافات منخفضة. وهذا الأمر يتطلب ضمانات بعدم استهدافها من القوى العسكرية المحاصرة لتلك المناطق، وإلا سيجبرها على رمي المساعدات من مسافات مرتفعة، ما قد يتسبب في هبوطها خارج المناطق المحاصرة، ما يحول دون تحقيق الهدف المرجو.
وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ هذا القرار لا يعتبر تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، القاضي بفك الحصار عن المناطق المحاصرة وضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر معابر آمنة، كخطوة في تهيئة الأجواء الإيجابية لإطلاق المسار السياسي لحل المشكلة السورية.
وتحاصر القوات النظامية العديد من المناطق، في العاصمة دمشق وريفها وحمص وحماة وحلب، حيث تعتبر الأكثر تضرراً على الصعيد الإنساني، إذ قد تصل إلى كارثة إنسانية جراء سياسة التجويع الممنهج التي يطبقها النظام.
كما تحاصر قوات النظام وحزب الله اللبناني مناطق مضايا وبقين والزبداني في ريف دمشق منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأُحيطت هذه المناطق بالأسلاك الشائكة وآلاف الألغام الفردية من قبل هذه القوات، ما جعل أكثر من 40 ألف مدني محاصر بداخلها، يعانون من أوضاع إنسانية غاية في السوء، الأمر الذي تسبب بموت أكثر من 60 مدنياً جراء نقص التغذية الشديد.
وأفادت مصادر معارضة من داخل مضايا، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأنّ "المساعدات الإنسانية التي تم إدخالها قبل شهر نفذت منذ أيام، وباتت منازل مضايا والزبداني وبقين خالية من أي شيء يسدّ الرمق"، لافتين إلى أن "الأوضاع الإنسانية تتدهور، مع ازدياد حالات الإغماء، وارتفاع حالات سوء التغذية، في وقت لم تكن فيه مكونات السلة الغذائية مناسبة لحالات الجوع الشديد، إذ تغيب عنها الخضار والفواكه، إضافة إلى المستحضرات الطبية من المقويات والفيتامينات".
كما يفرض النظام على كل من معضمية الشام وداريا، في الغوطة الغربية لريف دمشق، حيث يرزح نحو 55 ألف مدنياً تحت حصار خانق، بحيث منع عن الساكنين مختلف أنواع المواد الغذائية والطبية والتدفئة، والخدمات الأساسية من كهرباء وماء واتصالات، في محاولة لإرضاخهم، ما تسبب بتسجيل عدد من حالات الوفاة جراء الجوع. ويعيش سكان معضمية الشام وداريا في ظل هذا الحصار حالة مشابهة لحالة مضايا وبقين والزبداني، لكن يزيد عليها أنهم يتلقون يومياً عشرات البراميل المتفجرة والغارات الجوية إضافة إلى القصف بمختلف الأسلحة الثقيلة، من قبل القوات النظامية.
ومن المناطق التي يحاصرها النظام أيضاً في دمشق وريفها: الهامة وقدسيا ووادي بردى التل برزة وجوبر وخان الشيح والغوطة الشرقية وضمير، وجنوب دمشق من القدم والعسالي ومخيم اليرموك والتضامن والحجر الأسود وببيلا ويلدا وبيت سحم وبعض البلدات المجاورة لها.
وفي حمص، يحاصر النظام كلاً من حي وعر في المدينة، إضافة إلى ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، المتلاصقين. وترافق هذا الحصار مع عمليات عسكرية جوية للطيران الروسي، والذي يسقط يومياً العشرات من القنابل العنقودية والصواريخ الفراغية، مرتكباً المجازر.
كما تمكّن النظام من فرض حصار على ريف حلب الشمالي بمساعدة الروس، وأقدم على فصل المنطقة إلى نصفين، ما تسبب بتهجير نحو 60 ألف مدني، هرباً من القصف العنيف، وهم يعانون اليوم من ظروف إنسانية غاية في السوء، في ظل عجز المنظمات الإنسانية المحلية عن تقديم المساعدات لهم.
من جهة ثانية، تخضع ثلاثة أحياء في مدينة دير الزور إلى جانب المطار العسكري، تعدّ في قبضة النظام، إلى حصار من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والذي يمنع دخول أي من المواد الغذائية والطبية إليها. إلا أن النظام لديه جسر جوي مع دمشق يحضر عبره مختلف الاحتياجات الغذائية والطبية ومواد التدفئة، ورغم ذلك يعاني الأهالي من أوضاع صعبة. ويمنعهم النظام من مغادرة مناطقه، إلا مقابل مبالغ مالية كبيرة جداً، في الوقت الذي يتعاون فيه مع مجموعة من تجار الذين يحتكرون تلك المواد ويرفعون أسعارها. كما يشنّ النظام في مناطق سيطرته، حملات اعتقال واسعة بين الشباب بهدف إجبارهم على القتال إلى جانب قواته ومليشياته الموالية.
وفي ريف إدلب يحاصر "جيش الفتح"، المكون من "جبهة النصرة" وعدد من الفصائل الإسلامية والمعارضة المسلحة، بلدتي الفوعة وكفريا، اللتين يقدر عدد سكانهما بنحو 12 ألف شخص. وأُبرمت قبل أشهر هدنة سُمح بموجبها بدخول مواد غذائية وطبية للبلدتين، في حين يدأب النظام على رمي المساعدات لها عبر الطيران ما يؤمن لها جزءاً من احتياجاتهم الأساسية.
اقرأ أيضاً: مليون سجين سوري في 52 منطقة محاصرة