تواصل معظم المحال التجارية بدمشق إغلاقها أو امتناعها عن البيع، بعد الاحتجاج الذي انفردت بنقله "العربي الجديد" وخروج مظاهرة احتجاجية على تهاوي سعر صرف الليرة إلى ما دون الـ500 للدولار، بسوق الحريقة وسط دمشق، السبت الفائت، سرعان ما فرقها رجال أمن بشار الأسد، بعد وعود وترك خيار الإغلاق للباعة والتجار.
ونقلت مصادر خاصة من دمشق اليوم الثلاثاء، أن الإضراب ما زال يشل حركة الأسواق، بسبب امتناع المحال المفتوحة عن بيع السلع والمنتجات الغذائية، وفق التسعيرة السابقة، وذلك بسبب خسارتهم بعد استمرار تهاوي سعر صرف الليرة، الذي سجل بالعاصمة السورية اليوم، 505 ليرات للدولار الواحد.
ووصف سمير الزاقوت من دمشق الأسعار بالجنونية بعد ارتفاعها بأكثر من 25% خلال خمسة أيام، ما جعل من تسعيرة السلع القديمة التي تحاسب وفقها وزارة حماية المستهلك، خسارة للباعة الذين يشترون سلعهم وفق سعر الصرف الجديد.
وأضاف الزاقوت -الذي يعمل بمؤسسة حكومية – لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع الأسعار طاول أولاً السلع الغذائية فارتفعت أسعار الخضروات والفواكه أولاً بأكثر من 20% وسعر السكر من 280 إلى 350 ليرة بنسبة 25% ووصل سعر كيلو الأرز بدمشق نحو 600 ليرة وسعر لتر زيت دوار الشمس 675 ليرة وارتفع سعر علبة المتة من 385 إلى 520 ليرة سورية، لافتاً أن ارتفاع الأسعار لم يشمل المواد الغذائية فحسب، بل طاول مواد البناء والمفروشات والكهربائيات، فسعر الغسالة وصل إلى 925 ألف ليرة سورية، وفرن غاز منزلي خمس رؤوس مبلغ 595 ألف ليرة سورية.
من جهته، يقول مصدر خاص من غرفة تجارة دمشق "لا يمكن لوم التجار أو أصحاب المحال لإغلاق متاجرهم أو امتناعهم البيع بالسعر القديم، لأن المستوردين يحاسبوننا على الدولار لحظة بلحظة والنظام خصص الاستيراد ببعض التجار ومنح الإجازات لنحو 20 تاجراً مقرباً منه فقط " .
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: تلاحق وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصحاب المحال وتطالب بتنفيذ القرارات، بل وأغلقت خلال شهر آذار الجاري فقط، 210 منشآت تجارية وآلاف المحال، دون أن تأخذ بالحسبان أن التجار والباعة يشترون بحسب الدولار، ولا يمكن أن يتاجروا بالخسائر.. لذا كان إضراب بعض المحال هو الحل الأمثل.
ضعف ثقة
ويشهد سعر صرف الليرة السورية تراجعاً كبيراً منذ انسحاب القوات الروسية قبل أسبوعين، لتخسر الليرة أكثر من 20% من قيمتها، بعد تخطيها حاجز 500 ليرة للدولار، علماً أن سعر الدولار وقت انسحاب الروس لم يزد عن 420 ليرة وسعر الدولار مطلع الثورة عام 2011 نحو 50 ليرة سورية.
ويرى الخبير النقدي علي الشامي أن رفع الغطاء الروسي عن نظام بشار الأسد، زاد من تأثير العامل النفسي لدى السوريين، وزاد من فقدان الثقة بالليرة السورية، فضلاً عن الأسباب الاقتصادية المهمة والمعروفة، سواء من توقف تصدير النفط أو تبديد الاحتياطي النقدي بالمصرف المركزي أو حتى الإنتاج والتصدير والتحويلات الدولارية التي كانت تأتي من المغتربين.
وفي حين لم يستبعد الشامي أن ثمة ضغطاً دولياً على الأسد من خلال سعر العملة، توقع خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن يركز نظام بشار الأسد على تحسين سعر الصرف، عبر جلسات التدخل المباشر وبيع الدولار، ولكن ذلك، لن يجدي السوق العطشى أي نفع، بل ستستمر الليرة بالتدهور، وربما يتعدى سعر الدولار 700 ليرة خلال شهر، إن لم تعد روسيا وإيران للتدخل المباشر، سواء لانتصارات الأسد على الأرض التي تعزز من ثقة المكتنز والمدخر، أو بتمويل الأسد ليضخ دولارات ويحافظ على سعر الليرة المتهاوي، لأن تحسين سعر الصرف مضيعة للمال والوقت.
اقرأ أيضاً: مظاهرة بدمشق احتجاجا على تهاوي سعر الليرة