"التسرّع في اتخاذ القرارات تحت ضغط الشعور بالحاجة إلى تحريك الجبهات، هو حال فصائل المعارضة السورية في الجبهة الجنوبية، إذ تم في الآونة الأخيرة، الإعلان عن بدء معارك عدة، لكن من دون إنجازات تذكر سواء في درعا أو القنيطرة". هكذا يلخّص قائد عسكري في أحد الفصائل الجنوبية، المشهد في الجبهة الجنوبية لـ "العربي الجديد"، مشيراً إلى أنّ "الجبهة تنتظرها تطورات مهمة، لكن لم تنضج ظروفها بعد".
ويصف الضابط (فضّل عدم ذكر اسمه)، القرارات، سواء بالإعلان عن معارك أم تشكيل ائتلافات عسكرية جديدة، بـ"المتسرّعة وغير المدروسة"، وآخرها الإعلان عن تشكيل "جيش الفتح" في المنطقة الجنوبية، الذي "وُلد ميتاً"، بسبب غياب فصائل أساسية، محذّراً من أن "كثرة الإعلانات مع محدودية النتائج ستفقد الثقة بالجبهة الجنوبية التي تتمتع بسمعة جيدة، لكن تنقصها القيادة الموحدة، والإخلاص لأهداف الثورة".
واعتبر ناشطون أن تشكيل "جيش الفتح" جنوبي البلاد، "لم يكن بالمستوى المطلوب، ويجب أن يكون على غرار "جيش الفتح" في محافظة إدلب، يضم جميع الفصائل الفاعلة على الأرض"، مشيرين إلى أنّ "جيش" الجنوب اقتصرت عضويته على "جبهة النصرة" وبعض المجموعات الصغيرة، مؤكدين أن حركة "أحرار الشام" وجودها محدود، وليس كما هو عليه في إدلب والشمال السوري.
واستبعدت من "جيش الفتح" قوى أساسية في الجنوب، مثل "الجيش الأول" و"جيش الفرقان" و"فرقة الحمزة" و"جيش اليرموك"، معتبرين أنّه لا يمكن لأي عمل عسكري أن ينجح في الجنوب من دون مشاركة هذه القوى، لأنّها تشكل ما يعرف بـ"الجبهة الجنوبية"، وتعتبر القوة الضاربة في جنوب سورية. ويضم "جيش الفتح" كلاً من "أحرار الشام"، "جبهة النصرة"، تحالف "فتح الشام"، وألوية "إحياء الجهاد"، "مجاهدو نوى"، "أسود التوحيد"، "أنصار الحق"، و"العمرين".
اقرأ أيضاً معركة القنيطرة: تعقيدات ميدانية واستغلال إسرائيلي
وقال متحدث ظهر في شريط الفيديو الذي تضمن إعلان "جيش الفتح"، أنه سيكون "رأس حربة لدفع قوات الأسد ومليشياتها، ونصرة المظلومين، وفك الأسرى والأسيرات من سجون الطغاة"، داعياً بقية الفصائل للالتحاق بصفوفه.
وكان "جيش الفتح" قد شنّ يوم السبت، بعد ساعات على تشكيله، هجوماً على النقاط العسكرية التابعة للنظام في جباتا الخشب بريف القنيطرة، إذ تمكّن من السيطرة على نقطة كانت تتمركز فيها القوات الدولية وتقع على الطريق الذي يصل بين منطقة حضر ومزرعة بيت جن بريف دمشق الغربي في القرب من التلول الحمر التي كان الثوار سيطروا عليها في وقت سابق.
وذكرت مصادر ميدانية أن "المواجهات التي لا تزال مستمرة، أسفرت عن مقتل عدد من قوات النظام بالإضافة إلى تدمير ثلاث دبابات". ويسعى "جيش الفتح" إلى السيطرة على ما تبقى من اللواء 90 وعلى تل "الشعار" الاستراتيجي ومدينتي خان أرنبة والبعث، بغية وصل غوطة دمشق الغربية بريف درعا.
من جهتها، أعلنت غرفة عمليات "عاصفة الحق" التابعة للجبهة الجنوبية بقيادة "الجيش الأول"، يوم السبت، عن مواصلة معاركها في ريف القنيطرة بهدف استكمال السيطرة على طريق بيت جن ــ جباتا من خلال السيطرة على مواقع "السرية 160، سرية المشاة، حاجز الشرطة العسكرية". وتضم غرفة عمليات عاصفة الحق، فصائل "الجيش الأول"، ألوية "سيف الشام"، جبهة "أنصار الإسلام". وتهدف المعركة إلى فتح طرق الإمداد اتجاه مناطق المعارضة في ريف دمشق الغربي.
اقرأ أيضاً: المعارضة السوريّة تشكّل "جيش الفتح" جنوب البلاد
وكان مقاتلو المعارضة المسلحة في محافظة القنيطرة قد أطلقوا، الأسبوع الماضي، معركتين للسيطرة على بعض المواقع والبلدات التي لا تزال تحت سيطرة قوات النظام، خصوصاً في مناطق جبا وقرب بلدة خان أرنبة وتل كروم والصمدانية. إلّا أن المعركة الأهم والتي تحمل حساسية مذهبية تجري في محيط بلدة حضر التي يشكل المواطنون الدروز غالبية سكانها، إذ حذّرت قوات المعارضة السكان من "جعل منطقتهم منطلقاً لعمليات قوات النظام"، وطالبتهم بالوقوف على الحياد.
ووفق سيناريو مشابه لما حدث في مطار الثعلة قرب محافظة السويداء، تصطدم جهود مقاتلي المعارضة لطرد قوات النظام من محافظة القنيطرة بوجود بعض القرى الدرزية التي تشكل كيفية التعامل معها مشكلة لفصائل المعارضة، وكان لافتاً، الدخول المبكر لإسرائيل على الخط بحجة حماية دروز القنيطرة.
وبينما ادّعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه أعطى "تعليمات لمساعدة دروز سورية"، حذّرت حكومته مقاتلي المعارضة من اجتياح قرية حضر ذات الغالبية الدرزية، وقالت إنها تحضر "لإنشاء منطقة عازلة على الشريط الحدودي لاستيعاب اللاجئين المحتملين نتيجة احتدام المعارك في المنطقة".
وكانت تقارير ذكرت أن إسرائيل تتعاون مع الصليب الأحمر الدولي لإقامة منطقة عازلة لاستقبال اللاجئين الدروز داخل الأراضي السورية بمحاذاة الحدود من أجل تلقي مساعدات إنسانية. ووفق هذه التقارير فإن اتصالات تُجرى حول الموضوع بضغط من بعض الدروز في إسرائيل بدعوى خوفهم على مصير إخوانهم داخل سورية من قيام تنظيمات إسلامية بارتكاب مذابح ضدهم.
ونقل موقع "واي نت" الإخباري عن محافل عسكرية إسرائيلية قولها، إنّ "الدروز الموالين لنظام الأسد، يفبركون قصصاً حول قيام التنظيمات الجهادية بالتخطيط لتنفيذ عمليات إبادة ضدهم، بهدف دفع إسرائيل إلى التدخل".
وحذرت المصادر نفسها من خطورة الاستجابة للضغوط التي تمارسها أوساط من الطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة للتدخل لصالح الدروز في سورية، مدّعية أن معظم دروز سورية موالون لنظام الأسد، وأن كل ما يعنيهم هو أن تتدخل إسرائيل بشكل مباشر في الحرب السورية من أجل إنقاذ النظام ومنع تقدم المعارضة إلى دمشق.
اقرأ أيضاً: المعارضة تهدف لإعلان القنيطرة أول محافظة سوريّة محررة