سورية: "ظلام النظام" ينعش أسواق المولدات الكهربائية

27 يوليو 2014
أزمة الكهرباء تدفع السوريين إلى الإقبال على المولدات(فرانس برس/getty)
+ الخط -
دفع الانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي، الذي يصل إلى نحو 20 ساعة يومياً، في عدة مناطق في سورية، إلى انتعاش تجارة المولدات، لتسجل أسعارها قفزات قياسية تتعدى 500 في المائة، بفعل الإقبال عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة واستغلال التجار حاجة المواطنين إليها.

ويتراوح سعر المولدات الكهربائية بين 30 ألف ليرة سورية (الدولار يعادل 149 ليرة) إلى نحو 200 ألف ليرة، بحسب القدرة التشغيلية وبلد المنشأ وما تحتاجه من الوقود.

ويواصل نظام بشار الأسد سياسة الحصار بحق المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، منذ اندلاع الثورة في 2011، مستهدفا محطات وأبراج الكهرباء.  

تجارة الأزمات 

وطالت ممارسات الاحتكار سوق المولدات، حيث يتحكم بعض التجار في أسعار بيعها في ظل غياب الرقابة عن الأسواق. 
وأصبح اقتناء المولدات، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، التي يعانيها السوريون، سمة أساسية للأغنياء، الذين يصبح في مقدروهم اقتناص سبل حياة طبيعية.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف سكان سورية أصبحوا تحت خط الفقر، بسبب حرب النظام ضد المعارضة، وتدمير البنية التحتية للبلاد.
ويقول المواطن، فراس حمروني، من العاصمة دمشق:" تبدلت برامج عملنا ونشاطنا، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يومياً، وغدا البحث عن طريقة لتأمين الكهرباء حاجة أساسية حياتية توازي الطعام والشراب".

ويضيف الحمروني لـ"العربي الجديد":"استغلت محال بيع المولدات حاجة السوريين، ورفعت الأسعار أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب، فالمولد الصغير ذو الاستعمال المنزلي 1000 شمعة، قفز سعره من 5 آلاف ليرة إلى أكثر من 15 ألفاً، وهو لا يكفي للإنارة وتشغيل ثلاجة، أما المولدات ذات السعة الأكبر أي 5000 شمعة وما فوق، فسعرها لا يقل عن 50 ألف ليرة، وذلك بحسب بلد الصنع واستهلاك الوقود ومستوى الضجيج".

مولدات مقلدة 

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار المولدات، تجتاح السوقَ السورية مولداتٌ مقلدة بأسعار تنافسية، لكن جودتها تبقى على المحك.
ويقول المهندس الكهربائي، خليل يوسف، من دمشق:" ظهرت ماركات وأسماء محولات جديدة في السوق السورية، بعد الاقبال الكبير على سوق المولدات، والتي يغلب على معظمها الصناعة الصينية أو التايوانية والكورية، إلى جانب المحولات الإيطالية والألمانية.
ويضيف يوسف: "يتفاوت سعر المحولات بحسب بلد الصنع، ووجود قطع تبديل أو وكلاء للعلامة في دمشق، لكن السوريين يتجهون إلى المولدات رخيصة الثمن، ومن جهة أخرى، فإن عدم مطابقة المولدات للمواصفات، يؤدي إلى انبعاث غاز أول أكسيد الكربون، بدلاً من ثاني أكسيد الكربون، وهذا الغاز خطير وسامّ جداً، ويساهم الخلل في إحراق الوقود إلى انبعاث بعض الغازات الهيدروكربونية الحلقية الضارة".
ويقول :" تتوفر المولدات الأوروبية رغم الحصار، لكن أسعارها المرتفعة جعلت الإقبال عليها محدوداً، فالمولد الصيني 200 شمعة لا يزيد سعره عن 8 آلاف ليرة، في حين يبلغ سعر المولد الأوروبي أكثر من 13 ألف ليرة، كما أن استهلاك المولدات ذات العلامات المقلدة يتطلب وقودا أكثر من الأصلي، فالمولد الأوروبي يستهلك ليتر بنزين لكل ساعة، في حين أن المولد الصيني أو مجهول المنشأ يستهلك نحو لتري بنزين، ويصل سعر الليتر، حسب العرض والطلب، إلى 120 ليرة سورية".

كهرباء الفقراء

راجت سوق المحولات الكهربائية في سورية إلى درجة إنشاء ناشطين وتجار صفحات على موقع التواصل الاجتماعي،" الفيسبوك"، تشير إلى "سوق سورية لبيع وشراء المولدات"، يقدمون خلالها الترويج للسلعة والتعريف بمواصفاتها وسعرها، ووصلت عدوى المولدات إلى المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الثوار، ولكن على نحو بسيط ولساعات تشغيل محددة لملء خزانات المياه وشحن المدخرات، كما يقول الناشط، عبد الله أبو محمد، من سرمين، في ريف ادلب شمالي سورية.

ويضيف الناشط، أبو محمد، لمراسل "العربي الجديد":" أرسل لنا بعض المغتربين السوريين ثمن المحولات، واشترينا أربعة مولدات كبيرة تعمل على المازوت، حيث نشغل المحول في كل حي أو منطقة لأربع ساعات نهاراً، وأربع ساعات ليلاً، مقابل 3 آلاف ليرة شهرياً، وهو أقل من سعر الوقود الذي تستهلكه المحولة". 

أرباح طائلة

الأرباح من جراء استخدام المولدات مرتفعة جداً، فقد أفادت دراسة سورية أنه من بين كل ثلاثة منازل في سورية، هناك منزل يملك مولدا كهربائيا يعمل على البنزين، وبين كل خمسة محلات تجارية هناك أربعة محال تملك مولدا كهربائيا على البنزين أو المازوت، بحسب حجم المحل التجاري، وبين كل عشرة مصانع هناك ثمانية مصانع تملك مولدة ضخمة تعمل على المازوت.

نتيجة هذا الانتشار غير المسبوق للمولدات الكهربائية على مستوى سورية، أصبح اقتناء المولد حاجة أساسية للمواطن السوري، ومن المعلوم أن المولدات الكهربائية الأعم والأشمل استعمالاً في سورية هي الصينية ومجهولة المنشأ، التي تظهر في الأسواق.

وأشارت الدراسة إلى أن مجموع ما دخل على سورية من مولدات، خلال العامين الماضيين، يزيد على مليون ومائة وخمسين ألف مولد توزع بين العامل على البنزين، والعامل على المازوت، بقدرات تتراوح بين 1000 شمعة و25000 ألف شمعة.

وتشير تقديرات المراقبين إلى أن قيمة المولدات المباعة، خلال السنوات الماضية، تصل إلى 345 مليون دولار، على أساس أن متوسط سعر المولد يبلغ نحو 300 دولار.

وحسب التقديرات، فإن هناك ما يقرب من مليون مولد منزلي يعمل بالبنزين، تبلغ تكاليف تشغيلها 960 مليون ليرة يوميا، على اعتبار أنها تعمل على مدى ثماني ساعات، فيما يستهلك المولد لترا واحدا من البنزين في الساعة بقيمة 120 ليرة، وتصل تكلفة تشغيل المولدات الصناعية المقدرة بنحو 150 ألف مولد، إلى 576 مليون ليرة يوميا، بافتراض استهلاك المولد 4 لترات في الساعة، فيما تعمل لمدة ثماني ساعات يومياً.

وبإضافة الرقمين، نجد أن كلفة ما يتحمله المواطن نتيجة استهداف القطاع الكهربائي في سورية، تبلغ نحو 1.5 مليار ليرة يومياً، تمثل كلفة تشغيل هذه المولدات بخلاف مصاريف صيانتها.

المساهمون