سودانيّتان تترشحان للرئاسة

21 يناير 2015
هل تصوّت نساء السودان لصالح إحدى المرشّحتَين؟ (فرانس برس)
+ الخط -


"لن أعطي صوتي لامرأة. أرفض كلياً أن ترأسني امرأة في العمل، فما بالك برئاسة الجمهوريّة. النساء ناقصات عقل ودين"... بهذه الكلمات عبّر إبراهيم أحمد عن رأيه في طموح عدد من النساء السودانيات تسلّم مقاليد الحكم في البلاد.

لكن هذا الكلام لا يأتي من خارج سياق الأحداث في السودان. فأخيراً، أفتت هيئة علماء السودان بعدم جواز تولي امرأة منصب رئاسة الجمهوريّة، باعتبارها ولاية أهمّ شروطها "الذكورة". ولفتت الهيئة إلى أن "فقهاء الحنفيّة اشترطوا الذكورة في خليفة المسلمين، بينما فرضت المالكيّة الذكورة والفطنة والعلم، أما الشافعيّة فقالت بأن يكون حراً ذكراً عادلاً شجاعاً".

وكانت امرأتان قد تقدّمتا للمشاركة في السباق الرئاسي، مع فتح أبواب الترشّح للانتخابات العامة في الخرطوم المقرّر إجراؤها في أبريل /نيسان المقبل، وذلك في مواجهة 12 رجلاً.
وهذه الخطوة ليست سابقة، إذ كانت فاطمة عبد المحمود إحدى المرشحتَين الحاليتَين قد شاركت عن حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي في السباق الرئاسي في عام 2010. لكنها حلّت أخيرة فيه.

إلى ذلك، تُعدّ محاسن عبد الوهاب أول امرأة سودانيّة تترشّح لرئاسة الجمهوريّة بشكل مستقل من دون أن يدعمها حزب كما نظيرتها عبد المحمود.

ولأن المجتمع السوداني محافظ ومنغلق بمعظمه، ولأنه يوجّه إلى المرأة نظرة دونيّة، فإن حظوظ المرشّحتَين بالفوز تكاد تكون معدومة. فتقول عبد الوهاب: "أقدمت على خطوة الترشّح وأنا غير واثقة في فوزي، إذ إن بلوغ امرأة رئاسة السودان في الوقت الحالي بالذات صعبة، خصوصاً مع نظرة المجتمع". وتوضح أن "هدفي هو فتح المجال أمام المرأة لتخوض المنافسة في الأعوام المقبلة. هي قد تنجح في عام 2020 أو 2030".

وتتابع: "من خلال تجربتي الشخصيّة كأول امرأة سودانيّة تدخل مجال الشرطة في سبعينيات القرن الماضي، أيقنت أن الأمر ليس مستحيلاً". ففي ذلك الوقت، كانت عبد الوهاب ترتدي زيّ الشرطة وتنزل إلى الشارع بينما "تلاحقني سخرية بعض الناس. وعندما كنت أنظّم المرور، كان بعض آخر يضحك. لكنني نجحت، واليوم نساء كثيرات يعملن في سلك الشرطة ويحملن رتباً عالية أيضاً".

وكانت عائلة ومحيط عبد الوهاب التي يركّز برنامجها الانتخابي على قضايا المرأة والطفل، قد رحّبا بترشّحها. كذلك فعل أشخاص لم تكن تعرفهم من قبل، يناصرون المرأة ويرون أنها الأقدر على إدراة البلاد. لكنها تلفت إلى أن "ثمّة من ينظر إلى خطوتي بدهشة".

ويقول أحمد أبو سكين وهو مصوّر تلفزيوني، إنه "من سابع المستحيلات أن تنتخب امرأة لترأس البلاد. فلن تستطيع امرأة مهما علا شأنها أن تدير دولة كالسودان بكل تعقيداتها". وتؤيّد نفسية عبد المطلب وهي ربة منزل، أحمد سائلة: "كيف تكون رئيستنا امرأة؟ هذا عيب كبير. المرأة مكانها بيتها وتربية أولادها".

أما الشاعرة نهلة محكر، فتقول إن "التجارب أثبتت قدرة المرأة على القيادة. وحالياً ثمّة دول قويّة في العالم تديرها نساء، مثل ألمانيا والأرجنتين. وأنا شخصياً أفكر في الترشح يوماً ما".

وتشير رئيسة قسم الشؤون الاجتماعيّة في جامعة "النيلين" أسماء محمد جمعة إلى أن "المجتمع السوداني تطوّر كثيراً بالمقارنة مع ما كان عليه. وهو أصبح مستعداً لقبول فكرة تبوّء المرأة مواقع قياديّة. لكن المشكلة الأساسيّة في النظام السياسي الذي يعدّها مجرّد ديكور، ولا يسمح لها بالاضطلاع بمهام حقيقيّة تجعلها تتقدّم وتظهرها كمنافس حقيقي للرجل في الحياة العامة". تضيف: "نجد نساء وزيرات ونائبات في البرلمان، لكنهن لم يتركن بصمات تذكر".

وتستبعد جمعة أن يصوّت الناخب السوداني بشكل كبير للمرأة في انتخابات الرئاسة، "فذلك بحاجة إلى مشوار طويل وشاق. ونحن على الطريق، إذ بدأت نظرة المجتمع للمرأة تتغيّر".

تحت عباءة الرجل

بعيد ترشّح امرأتَين سودانيتَين لرئاسة الجمهوريّة، تقول الباحثة في علم النفس آمنة مختار إن "تقبّل المجتمع السوداني لفكرة امرأة في سدّة الرئاسة ما زال بعيد المنال، لا سيّما وأن الأمر متصل بمدى الوعي ومعدلات الأميّة". وتشدّد على أنه "لا يمكن إطلاقاً مقارنة الوعي في المدن مع ما هي الحال عليه في الريف، الذي ما زال يقيّد حركة المرأة وينظر إليها ككائن تحت عباءة الرجل".

المساهمون