سنزرع رغماً عن الحرب

30 مايو 2016
عودة النشاط الزراعي في سورية(كرم المصري/ فرانس برس)
+ الخط -
خمسة أعوام والحرب في سورية لم تضع أوزارها بعد. وبعدما قتلت وشردت الآلاف من السوريين، ضيقت سبل العيش على من بقي منهم، إلا أن غريزة البقاء ما تزال موجودة عند هؤلاء الذين صمدوا أمام أصعب المحن المعنوية منها والمعيشية. ورغم كل التحديات الأمنية وشح الموارد والمحروقات، وغياب الخدمات، بدأ مزارعو المنطقة الشرقية السورية أي الحسكة، الرقة، ودير الزور، بالتحضير لموسم الصيف. بدأوا بتجهيز الأرض وحرثها وتحضير المواد الزراعية اللازمة مثل البذور والأدوية، وكذلك تأمين مادة الديزل لتشغيل المولدات ومضخات المياه الجوفية.
أبو خضر، مواطن سوري من ريف الحسكة يمتلك مشروعاً زراعياً مكونا من 20 ألف متر مربع، قام بتهيئته ليزرع فيه كافة أنواع الخضر لهذا الصيف. يقول لـ "العربي الجديد": "لا يخلو الأمر من المصاعب والتحديات الأمنية والمناخية، فسابقاً كنا نخشى غياب هطول الأمطار، أما اليوم فقد تعددت مخاوفنا، فهنالك لعبة السيطرة على المناطق. فمثلاً حين يزرع أحدنا في منطقة تحت سيطرة الجيش الحر، وفي حال استعادها النظام تصبح معرضة للنهب وذلك عبر إلقاء تهمة التعاطف مع الجيش الحر أو الفصائل المتشددة"، مشيراً إلى أن بعض المحاصيل مثل القمح والشعير والذرة معرضة للتلف بسبب الحرائق في أي لحظة بسبب القصف الجوي والمدفعي، مما يجعل من زراعة الأرض أمراً يشبه كثيراً لعبة القمار.

يؤكد أبو خضر أنه حرث الأرض لتكون جاهزة للزراعة، لافتاً إلى أنه يواجه مشكلة كبيرة تتعلق في كيفية تأمين مادة الديزل، والتي من دونها لا يستطيع استخراج المياه الجوفية لري المزروعات.
أما رياض الهرك، صاحب أرض زراعية في مدينة الميادين في دير الزور فيقول: "ستكون الأشهر الأربعة المقبلة صعبة، إذ إننا نخشى على محاصيلنا من عمليات النهب والحرائق وشح الأدوية الزراعية والمحروقات، ولكننا لا نستطيع العيش دون استثمار أراضينا بعدما ضيقت الحرب كل سبل العيش، وقطعت معظم مصادر الرزق على المواطنين". ويضيف:" نركّز بشكل أساسي على زراعة الخضار مثل البندورة، الكوسا، الباذنجان، الخيار، البطيخ، وما إلى ذلك، لأنها أطعمة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها وهي مطلوبة من قبل جميع فئات الشعب".
أما في ما يخص بيع وتصريف المحاصيل، فيقول الهرك: "لم تكن الدولة سابقاً وخاصة وزارة الزراعة، تكترث لما يخوضه المزارع والفلاح من مشقات، حتى يتم زرع الأرض، ولم تكن تمد لهم يد العون في حفر الآبار أو تقديم الجرارات الزراعية، ولم تبن لنا برادات من أجل حفظ المحاصيل، كما لم تسمح لنا ببنائها، وذلك للتضيق على الفلاحين والمزارعين، حتى يبقى الجميع مضطر لبيع المحاصيل بأسعار زهيدة خوفاً من كسادها".
كذا، يؤكد عبيدة الحسن (تاجر خضر) أنه يتعاقد مع عدد من المزارعين، حيث يقوم بشراء المحاصيل على دفعات، ومن ثم يشحنها ويوزعها على الأسواق الشعبية والمحال التجارية. ويقول: "نحن التجار، لا علاقة لنا بأسعار الخضر، إذ إن الأسعار تحددها الأوضاع الأمنية وسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، المواد الزراعية والأدوية والمحروقات تضاعفت أسعارها إلى نحو 20 ضعفاً وكل ذلك يقع على عاتق المزارعين، مما يضطرهم إلى رفع أسعار محاصيلهم".
المساهمون