رفع الطلاب الأعلام الفلسطينية عالياً، وارتدوا قمصاناً كتب عليها "الأسرى" ورددوا هتافات لأبناء شعبهم المعتقلين خلف القضبان، بتهم مختلفة أساسها الدفاع عن الوطن، سار من خلفهم ممثلو الفصائل الفلسطينية، وشخصيات رسمية، حضرت لتؤكد حق الأسرى ومساندتهم، وذوو الأسرى، آباؤهم وأمهاتهم الذين يحملون صورهم رافعينها عالياً، علّ الحرية تكون قريبة.
الطفل مصطفى، في الصف التاسع الأساسي بمدرسة العامرية بالمدينة، ترك الدوام المدرسي هذا اليوم هو وأبناء صفه، وحضروا للمشاركة في السلسلة البشرية وفعالية الأسرى، وقال لـ"العربي الجديد": أنا هنا اليوم كي أقف مع أبناء شعبي وهم يخوضون إضرابهم عن الطعام، إن شاء الله عن قريب بنيالوا الحرية، أنا لا أقارب لي في الأسر، لكن كل الأسرى هم أقاربي وأبناء شعبي وسنخرج في كل يوم يكون فيه نشاط للوقوف معهم".
سوار (9 أعوام) حضرت إلى فعالية الأسرى، لتقف مع جدها الأسير فتحي الخطيب المحكوم 29 مؤبداً، وجهت له رسالة خلال كلمة ألقتها في المهرجان الذي أقيم في خيمة الاعتصام، قائلة: "السلام على جدي الذي لم أعرفه إلا من خلال الصور، جدي الحبيب لم تكتحل عيناي برؤيتك، ولم تشفع لي طفولتي أن أمضي إلى حضنك الدافئ، وكل ما أعرفه عنك الصور التي تغطي مساحتها ابتسامتك، وكل ما أعرفه عنك، حكايات يسردها لي أبي وجدتي عن ذكرياتك الجميلة.. جدي، اليوم هو الرابع في معركة الأمعاء في أجسادكم العندية، أشعر بوجعها في داخلي، فأرمي لعبتي الصغيرة، أشم رائحة الطعام في مطبخنا فتطير مشاعري معكم، وأنتم تقاتلون بجوعكم، فتتوقف شهيتي عن الطعام".
وخلال حديث الطفلة سوار مع "العربي الجديد"، قالت: "سنبقى مع أسرانا حتى ينالوا الحرية ويعودوا لنا سالمين".
داخل خيمة الاعتصام التي ألصقت عليها صور الأسرى القابعين خلف القضبان، وامتلأت بالمتضامنين مع قضيتهم، وكذلك أمهات الأسرى اللواتي يحملن بين أيديهم صوراً لهم وأسماءهم ومدة حكمهم، يجلسن في الخيمة ليؤكدن أن أبناءهن ليسوا وحدهم من يخوضون هذه المعركة، فهن معهم بقلوبهن ومشاعرهن.
والدة الأسيرين رياض ومحمد مرشود، تجلس في الخيمة حاملة ملصقا عليه صور أبنائها، لتعلن تضامنها معهم، وتقول: "إبني رياض محكوم 28 سنة أمضى منها 14 عاما ونصف، ومحمد أمضى 11 عاما من أصل 12 عاما، وهما الآن في سجن النقب، لا نعرف إذا كانا قد التحقا بالإضراب أم لا، فالاتصال بهما منقطع، وآخر مرة زرتهما قبل نحو شهرين".
وتتابع:" أتيت هنا اليوم لأن كل الأسرى داخل السجون هم أبنائي، وما يطالبون به من خلال إضرابهم هو حق وكرامة، يوما ما سيأخذونها من الاحتلال".
ودعت مرشود ربها أن ينصر الأسرى ويحقق مطالبهم. كما أشارت إلى أن عائلتها قدمت شهيدين للوطن، أحدهما مراد، جثمانه محتجز في مقابر الأرقام منذ 15 عاما، وعلاء الذي اغتيل عندما كان مطاردا من قبل قوات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى الثانية.
إلى جانبها، كانت أم الأسير صالح القني من بلدة كفر قليل جنوب مدينة نابلس، تحمل صور ابنها متضامنة معه، يقبع في سجن "هدريم" ويقضي حكما بالسجن المؤبد مكرر و25 عاما، وهو الآن مع المضربين عن الطعام، كون كافة الأسرى في "هدريم" التحقوا بالإضراب، وفق ما تقوله والدته.
بدورها، وجهت والد الأسير رائد عبد الجليل رسالة للعالم العربي بتسليط الضوء على قضية الأسرى، وتوجيه الأنظار تجاه قضيتهم العادلة، خاصة في ظل إضرابهم عن الطعام من أجل حقوقهم، كما لامت الفصائل والمؤسسات الرسمية بسبب تقصيرهم بقضية الأسرى، قائلة: "الأسرى حقهم ضائع، وحتى أهالي الأسرى لا أحد يلتفت إليهم، واجب الفصائل أن تتوجه للعائلات وتقف بجانبهم وترفع من معنوياتهم على الأقل، ونحن لا نشعر بأن هناك من يهتم بقضية الأسرى ويحترمها بشكل جدي".
الأسير عبد الجليل يقضي حكما بالسجن المؤبد لأربع مرات بالإضافة إلى أربعين عاما، حيث اعتقل بعد إصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي عام 2002، وهو معتقل في سجن جلبوع.
وأبرقت والدته رسالة لابنها تمده بالعزيمة والصبر والثبات، وبأن باب السجن لن يغلق على أحد، وسينال الحرية يوما ما، قائلة: "المهم أن تبقى صامدا برغم الظروف الصعبة، وكل شيء في البداية صعب، ولكن انتصاركم على المحتل أصبح قريبا".