سلاح أميركا القاتل

03 ديسمبر 2015
يصلون للضحايا (Getty)
+ الخط -

أعادَ الهجوم الذي استهدف مركزاً للخدمات الاجتماعية في مدينة سان بيرناردينو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، أول من أمس، وأدى إلى مقتل 14 شخصاً وجرح 18 آخرين، الجدال المعتاد حول ضرورة تغيير قوانين حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة، والتهجم على الجمهوريين الذين يعارضون تعديل هذه القوانين. من جهته، كرر الرئيس باراك أوباما دعوته الدائمة إلى إصلاح قوانين حمل السلاح بهدف الحد من انتشارها. وقال إن "التحقيقات لم تقطع حتى الآن بالدافع وراء إقدام رجل وزوجته على قتل 14 شخصاً رمياً بالرصاص في ولاية كاليفورنيا"، متعهداً بأن يصل مكتب التحقيقات الاتحادي وجهات إنفاذ القانون إلى الحقيقة. أضاف: "من الممكن أن يكون لهذا الأمر علاقة بالإرهاب، لكننا لا نعرف. من الممكن أيضاً أن يكون الأمر حادثا يتعلق بمكان العمل".

​ويقول عدد من الناشطين الحقوقيين إن حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة تعادل عدد أيام السنة، وذلك بسبب توفر السلاح لمن يريد. في الوقت نفسه، يرى معارضون لتشديد القوانين إن حمل السلاح حق دستوري لا يمكن تغييره إلا من خلال تعديل الدستور وليس سن قوانين مخالفة.

وقال قائد الشرطة في المدينة جارود بورغوان إن المشتبه بهما قتلا، وكانا يرتديان سترة واقية للرصاص. وقبل أن تشارك الممرضة السابقة طاشفين مالك (27 عاماً) مع زوجها فاروق رضوان سعيد (28 عاماً) في تنفيذ الهجوم على مركز الخدمات الاجتماعية، كان عليهما البحث عن مكان لوضع طفلهما الرضيع البالغ من العمر ستة أشهر فقط. ووفقاً لما رواه مقربون من العائلة، وقياديون في مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير"، فقد وجد الزوجان الحل لدى أسرة فاروق سعيد، بحجة أن لديهما موعدا مع طبيب الأسنان.

لم تعرف أسرة الزوج بهدفهما الحقيقي إلا مساءً، بعدما تأخر الزوجان في المجيء لاستعادة الطفل، وقد رددت بعض القنوات الأميركية اسم فاروق سعيد كمشتبه به محتمل في الهجوم الذي أفزع أسرته. مع ذلك، أملت عودة الأم على الأقل للعناية برضيعها.
توجه الزوجان بسيارتهما رباعية الدفع إلى مقر عمل الزوج في مركز الخدمات الاجتماعية الذي يقدم خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، بمن فيهم الأطفال. كان يفترض أن يحضر اجتماعاً، يليه احتفال بمناسبة قرب عيد الميلاد. وتردد أنه حضر الاجتماع وخرج منه غاضباً إثر جدال لم تعرف تفاصيله بعد، فيما قالت مصادر أخرى إنه طرد من الاجتماع. ولم تمر فترة طويلة على خروجه قبل أن يعود بصحبة امرأة وشخص ثالث، كانوا يرتدون ملابس شبه عسكرية ويحملون أسلحة رشاشة. وكما نقلت محطات التلفزة الأميركية، فإن المهاجمين الثلاثة كانوا يبحثون عن أشخاص بعينهم لإطلاق النار عليهم.

وفي وقت قالت مصادر أميركية إن الزوج ولد في الولايات المتحدة، ويعمل في المركز الذي هاجمه، ما زال هناك غموض حول هوية الزوجة، وإذا ما كانت أميركية أم باكستانية أم هندية. كذلك، تساءلت عدد من وسائل الإعلام عن حقيقة العلاقة بينهما، وإذا ما كانا زوجين أم صديقين؟ كذلك، فإن بعض المحققين السابقين في مكتب التحقيقات الفدرالية، أشاروا إلى أن مجرد مشاركة سعيد في حفلة خاصة بعيد الميلاد، ينفي عنه احتمال الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

إلى ذلك، تشير المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر خاصة إلى أن الزوجين ينتميان إلى الطائفة الإسماعيلية. فيما قالت صحف ومواقع أميركية إن الزوجين كانا قد عادا قبل أشهر من السعودية، وقد تعرفا على بعضهما بعضاً من خلال الإنترنت. وتضاربت الأنباء حول وجود زوجة أخرى لسعيد أو طليقة له، من دون الجزم بعد.
وعلى الرغم من تداول خبر حدوث خلاف خلال الاجتماع، إلا أن خبراء متخصّصين في متابعة جرائم كهذه أجمعوا على أن الجريمة كان مخططا لها سلفاً، وقد اشترى المجرمون الأسلحة والذخائر منذ مدة طويلة.
ويرجّح عدد من المتابعين للحادث أن المهاجمين ركنا سيارتهما المليئة بالأسلحة الرشاشة قبيل حضور سعيد الاجتماع، والمدة القصيرة التي احتاجها للخروج من قاعة الاجتماعات والعودة لإطلاق النار، تشير إلى أنه لم يذهب إلى المرآب أو إلى منزله لجلب السلاح، ما يعني أن الجريمة كان مخططا لها.

وقالت الشرطة في بيان إن "منفذي الهجوم يعملان في المركز نفسه الذي يقدم الرعاية للمعوقين، والذي نفذا الهجوم المسلح عليه". وأكدت أن "سعيد كان يعمل في المبنى المذكور منذ خمس سنوات، وهو خبير في مجال الصحة والبيئة"، موضحة أنه وزوجته "كانا يرتديان ملابس عسكرية، واستخدما مسدساً أتوماتيكياً وبندقية، أثناء الهجوم المسلح". وأشارت إلى أن "العثور على ثلاث قنابل في مبنى الرعاية".
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للأسلحة الفردية في العالم، وتحقّق الشركات أرباحاً كثيرة جراء بيع السلاح داخلياً وتصديره إلى الخارج. وتستعين شركات السلاح بجماعات ضغط قوية في واشنطن لمعارضة سنّ أي قوانين قد تحد من مكاسب هذه الشركات. وتشير إحصائيات رسمية لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) إلى أن نحو 13 ألف أميركي قتلوا بأسلحة نارية مختلفة بين عامَي 2008 و2012.
إلى ذلك، أعلنت السلطات في "سان بيرناردينو" أنها علّقت التعليم في المدراس، حتى يوم الإثنين المقبل، كما سمحت لهيئات الصحة والخدمات الأساسية بالعمل اليوم وغداً فقط، وعلقت العمل في الدوائر الأخرى.

اقرأ أيضاً: طالبة سعودية ضحية الإسلاموفوبيا في أميركا