تتفاقم أزمة سكن اللاجئين في ألمانيا مع زيادة عدد الأسر الوافدة إلى البلاد واستفادة مالكي العقارات من زيادة الطلب عليها لفرض شروطهم التي تصعب أحياناً
تأمين سقف للاجئين في ألمانيا يُعَدّ تحدياً كبيراً يصعب يوماً بعد يوم في ظلّ تزايد أعداد هؤلاء وكذلك الشروط التي يفرضها أصحاب الشقق. ولعلّ أبرز الأسباب التي تحول دون تحقيق ذلك هو قلّة المساكن المتوفّرة أساساً للإيجار في مقابل الطلب، بالإضافة إلى ارتفاع بدلات الإيجار بصورة كبيرة، فضلاً عن عوامل أخرى دخلت على خط الأزمة وهي تدفّق أعداد كبيرة من أجانب الاتحاد الأوروبي، من بينهم 780 ألفاً من رومانيا وبلغاريا وبولندا.
وتبرز لدى الوافدين الجدد معاناة إضافية تتمثّل في قيود عدّة، منها ما يتعلق بمساحة البيوت، خصوصاً بالنسبة إلى الأسر التي ما زالت تستفيد من الإعانة الاجتماعية، نظراً إلى أنّ ربّ المنزل ما زال عاطلاً من العمل بالإضافة إلى أنّ الدولة تحدد مبلغاً من المال مخصصاً لإيجار مسكن. ومع تزايد الأسر التي تصل الى ألمانيا تطبيقاً لمبدأ لمّ الشمل، ارتفع الطلب على الشقق ذات المساحات الأكبر في موازاة شروط أو مطالب أخرى على خلفيّات صحية على سبيل المثال، الأمر الذي يعرقل السكن في طبقات عليا خصوصاً في حال عدم توفّر مصاعد. كذلك فإنّ لعدد الأولاد الكبير في العائلات دوراً سلبياً، إذ يمتنع بعض المالكين عن توقيع عقود إيجار لتلك العائلات.
اقــرأ أيضاً
وزيادة الطلب على المساكن أدّت إلى فرض المالكين شروطهم. وفي مرّات كثيرة، قد يتفاجأ من يسعى إلى الحصول على منزل بعدد كبير من الأشخاص "المنافسين" عند لقائه مع المالك، لتكون الكرة في ملعب الأخير، فيختار في النهاية من يشاء منهم مع تفضيله الأشخاص المستقلين عن مراكز الإعانة الاجتماعية. ومن الأسباب التي تجعل هؤلاء يتبعون تلك السياسة تخوّفهم من عدم التزام اللاجئين بالقوانين المرعية الإجراء، نظراً إلى ضعف اللغة وعدم إلمامهم بالقوانين التي تبدأ بعملية فرز النفايات - بين عضوية وبلاستيكية وغيرها - ولا تنتهي بعدم إزعاج الجيران والتزام الهدوء بعد الساعة الثامنة مساءً، فضلاً عن التقيّد بعدم تنفيذ الأشغال في أيام العطل والآحاد. ويشمل الأمر كذلك التأمين المفروض على العقارات من أجل ضمان حق المالكين في حال تخريب الممتلكات، والخوف من التلكؤ في دفع فروقات المصاريف الثابتة المستحقة عن كل شقة سنوياً، منها ضريبة البلدية وجمع النفايات وفاتورة التدفئة وغيرها. يُذكر في سياق متصل أنّ اللاجئين يعمدون إلى نزع أجهزة الإنذار الخاصة بالتدخين من المساكن حتى يتمكّنوا من تدخين النرجيلة.
صبحي لاجئ سوري مقيم في هامبورغ، يحكي لـ"العربي الجديد" معاناته في البحث عن منزل أكبر لعائلته المؤلفة من ستّة أفراد بعدما كان قد استأجر منزلاً من غرفتَين بهدف الانتقال من مركز الاستقبال الأوّلي عند حصوله على حقّ اللجوء قبل ثلاثة أعوام. يضيف أنّ "الأمور اليوم زادت تعقيداً وصعوبة لجهة العثور على شقة أكبر للإيجار، الأمر الذي يضطرني إلى البحث عن منزل عند أطراف الولاية". والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة إلى أبي عماد الذي درس التمريض في سورية ويخضع اليوم لتدريب في أحد مستشفيات بريمن. يقول لـ"العربي الجديد": "أنا مضطر إلى استئجار غرفة في مقابل 475 يورو بعدما تعذّر عليّ الحصول على شقة صغيرة بسعر مقبول، بعيدة نسبياً عن مكان عملي، وهو الأمر الذي سوف يزيد صعوبة تنقلاتي ويهدر الوقت صباحاً ومساءً عند الذهاب إلى المستشفى وعند العودة منه".
أزمة السكن تلك استدعت تدخلاً على المستوى السياسي، بعد تظاهرات شهدتها مدن ألمانية عدّة. فقد طالب حزب الخضر بمصادرة وحدات سكنية تملكها شركات خاصة حتى تتملّكها البلديات أو الدولة، واستند رئيس حزب الخضر روبرت هابك (يتزعّم الحزب بالاشتراك مع أنالينا بابوك) في مطلبه على الدستور، قائلاً في حديث إلى شبكة التحرير الصحافي الألمانية إنّ "للملكية العقارية التزامات وتبعات قانونية ولهذا فإنّ المطالبة بعودتها إلى المجتمع نابعة من صلب نظام اقتصاد السوق المرتبط عادة بآليات اجتماعية معمول بها في ألمانيا، وموضوع الإيجارات بات ملفاً اجتماعياً بامتياز". وقد برزت في السياق مطالبات بإجراء تعديلات قانونية تسمح بنزع الملكية، وذلك وسط حديث عن شبه احتكار من قبل تلك الشركات وطريقة تعاملها مع المستأجرين. في المقابل، رأى الاتحاد الاجتماعي المسيحي أنّ فكرة نزع الملكية نابعة من الإرث الاشتراكي وهي لم تحلّ مشكلة السكن في الماضي ولن تحلّها اليوم. وقد رفضت المستشارة أنجيلا ميركل في هذا الإطار طرح حزب الخضر بشكل قاطع مؤكد أنّ مصادرة (نزع الملكية) أملاك شركات الإسكان الكبيرة التي تقدّر بأكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية وشراء الولايات تلك الشقق عنوة يمثّلان توجّهاً خاطئاً تماماً، مشدّدة في الوقت عينه على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات المحددة في مجال إنشاء الوحدات السكنية وإيجاد سبل للتعامل مع أراضي البناء.
في سياق متصل، بيّنت دراسة عرضتها القناة الأولى للتلفزيون الألماني أخيراً أنّ بدل إيجار منزل مع التكاليف الإضافية، من مياه وتدفئة وكهرباء تقضم في برلين نحو 41 في المائة من دخل الفرد، وذلك على الرغم من أنّ الاستثمار العقاري يُعَدّ آمناً في ألمانيا بفضل عاملَي الاستقرار السياسي والاقتصادي. ويأتي ذلك في ظلّ ما يُحكى عن هروب مستثمرين كثيرين من بريطانيا بفعل اتفاق "بريكست" وتوجّههم إلى مدن أخرى حول العالم، منها فرانكفورت وميونخ الألمانيتان، بالإضافة إلى إحجام المستثمرين عن تطوير العقارات في المدن الكبرى، وذلك على خلفية التكلفة الباهظة وغياب القدرة لدى الفرد للالتزام بالمصاريف الثابتة المرتفعة من بينها بدل إيجار شقة على المدى الطويل.
تجدر الإشارة إلى أنّ لاجئين كثيرين لا يرغبون في الإقامة بالولايات الألمانية الشرقية حيث يعيش فقط ما نسبته ثمانية في المائة منهم، بحسب ما ذكرت صحيفة "دي فيلت"، لأنّ خطر الوقوع ضحية جرائم الكراهية والعنف فيها أعلى بعشرة أضعاف بالمقارنة مع الولايات الغربية. ويعود ذلك أساساً إلى عدد الأجانب المنخفض فيها وخبرة أهلها المحدودة مع المهاجرين بالإضافة إلى عدم تعزيز التواصل بين هؤلاء والسكان المحليين. وبيّنت "دي فيلت" كذلك أنّ الأفغان يعيشون بمعظمهم في ولاية هامبورغ، فيما تعيش مجموعات كبيرة من السوريين في ولاية شمال الراين - فيستفاليا، أمّا العراقيون والإيرانيون فيختارون بمعظمهم ولاية سكسونيا السفلى خصوصاً عاصمتها هانوفر.
وتبرز لدى الوافدين الجدد معاناة إضافية تتمثّل في قيود عدّة، منها ما يتعلق بمساحة البيوت، خصوصاً بالنسبة إلى الأسر التي ما زالت تستفيد من الإعانة الاجتماعية، نظراً إلى أنّ ربّ المنزل ما زال عاطلاً من العمل بالإضافة إلى أنّ الدولة تحدد مبلغاً من المال مخصصاً لإيجار مسكن. ومع تزايد الأسر التي تصل الى ألمانيا تطبيقاً لمبدأ لمّ الشمل، ارتفع الطلب على الشقق ذات المساحات الأكبر في موازاة شروط أو مطالب أخرى على خلفيّات صحية على سبيل المثال، الأمر الذي يعرقل السكن في طبقات عليا خصوصاً في حال عدم توفّر مصاعد. كذلك فإنّ لعدد الأولاد الكبير في العائلات دوراً سلبياً، إذ يمتنع بعض المالكين عن توقيع عقود إيجار لتلك العائلات.
وزيادة الطلب على المساكن أدّت إلى فرض المالكين شروطهم. وفي مرّات كثيرة، قد يتفاجأ من يسعى إلى الحصول على منزل بعدد كبير من الأشخاص "المنافسين" عند لقائه مع المالك، لتكون الكرة في ملعب الأخير، فيختار في النهاية من يشاء منهم مع تفضيله الأشخاص المستقلين عن مراكز الإعانة الاجتماعية. ومن الأسباب التي تجعل هؤلاء يتبعون تلك السياسة تخوّفهم من عدم التزام اللاجئين بالقوانين المرعية الإجراء، نظراً إلى ضعف اللغة وعدم إلمامهم بالقوانين التي تبدأ بعملية فرز النفايات - بين عضوية وبلاستيكية وغيرها - ولا تنتهي بعدم إزعاج الجيران والتزام الهدوء بعد الساعة الثامنة مساءً، فضلاً عن التقيّد بعدم تنفيذ الأشغال في أيام العطل والآحاد. ويشمل الأمر كذلك التأمين المفروض على العقارات من أجل ضمان حق المالكين في حال تخريب الممتلكات، والخوف من التلكؤ في دفع فروقات المصاريف الثابتة المستحقة عن كل شقة سنوياً، منها ضريبة البلدية وجمع النفايات وفاتورة التدفئة وغيرها. يُذكر في سياق متصل أنّ اللاجئين يعمدون إلى نزع أجهزة الإنذار الخاصة بالتدخين من المساكن حتى يتمكّنوا من تدخين النرجيلة.
صبحي لاجئ سوري مقيم في هامبورغ، يحكي لـ"العربي الجديد" معاناته في البحث عن منزل أكبر لعائلته المؤلفة من ستّة أفراد بعدما كان قد استأجر منزلاً من غرفتَين بهدف الانتقال من مركز الاستقبال الأوّلي عند حصوله على حقّ اللجوء قبل ثلاثة أعوام. يضيف أنّ "الأمور اليوم زادت تعقيداً وصعوبة لجهة العثور على شقة أكبر للإيجار، الأمر الذي يضطرني إلى البحث عن منزل عند أطراف الولاية". والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة إلى أبي عماد الذي درس التمريض في سورية ويخضع اليوم لتدريب في أحد مستشفيات بريمن. يقول لـ"العربي الجديد": "أنا مضطر إلى استئجار غرفة في مقابل 475 يورو بعدما تعذّر عليّ الحصول على شقة صغيرة بسعر مقبول، بعيدة نسبياً عن مكان عملي، وهو الأمر الذي سوف يزيد صعوبة تنقلاتي ويهدر الوقت صباحاً ومساءً عند الذهاب إلى المستشفى وعند العودة منه".
أزمة السكن تلك استدعت تدخلاً على المستوى السياسي، بعد تظاهرات شهدتها مدن ألمانية عدّة. فقد طالب حزب الخضر بمصادرة وحدات سكنية تملكها شركات خاصة حتى تتملّكها البلديات أو الدولة، واستند رئيس حزب الخضر روبرت هابك (يتزعّم الحزب بالاشتراك مع أنالينا بابوك) في مطلبه على الدستور، قائلاً في حديث إلى شبكة التحرير الصحافي الألمانية إنّ "للملكية العقارية التزامات وتبعات قانونية ولهذا فإنّ المطالبة بعودتها إلى المجتمع نابعة من صلب نظام اقتصاد السوق المرتبط عادة بآليات اجتماعية معمول بها في ألمانيا، وموضوع الإيجارات بات ملفاً اجتماعياً بامتياز". وقد برزت في السياق مطالبات بإجراء تعديلات قانونية تسمح بنزع الملكية، وذلك وسط حديث عن شبه احتكار من قبل تلك الشركات وطريقة تعاملها مع المستأجرين. في المقابل، رأى الاتحاد الاجتماعي المسيحي أنّ فكرة نزع الملكية نابعة من الإرث الاشتراكي وهي لم تحلّ مشكلة السكن في الماضي ولن تحلّها اليوم. وقد رفضت المستشارة أنجيلا ميركل في هذا الإطار طرح حزب الخضر بشكل قاطع مؤكد أنّ مصادرة (نزع الملكية) أملاك شركات الإسكان الكبيرة التي تقدّر بأكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية وشراء الولايات تلك الشقق عنوة يمثّلان توجّهاً خاطئاً تماماً، مشدّدة في الوقت عينه على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات المحددة في مجال إنشاء الوحدات السكنية وإيجاد سبل للتعامل مع أراضي البناء.
في سياق متصل، بيّنت دراسة عرضتها القناة الأولى للتلفزيون الألماني أخيراً أنّ بدل إيجار منزل مع التكاليف الإضافية، من مياه وتدفئة وكهرباء تقضم في برلين نحو 41 في المائة من دخل الفرد، وذلك على الرغم من أنّ الاستثمار العقاري يُعَدّ آمناً في ألمانيا بفضل عاملَي الاستقرار السياسي والاقتصادي. ويأتي ذلك في ظلّ ما يُحكى عن هروب مستثمرين كثيرين من بريطانيا بفعل اتفاق "بريكست" وتوجّههم إلى مدن أخرى حول العالم، منها فرانكفورت وميونخ الألمانيتان، بالإضافة إلى إحجام المستثمرين عن تطوير العقارات في المدن الكبرى، وذلك على خلفية التكلفة الباهظة وغياب القدرة لدى الفرد للالتزام بالمصاريف الثابتة المرتفعة من بينها بدل إيجار شقة على المدى الطويل.
تجدر الإشارة إلى أنّ لاجئين كثيرين لا يرغبون في الإقامة بالولايات الألمانية الشرقية حيث يعيش فقط ما نسبته ثمانية في المائة منهم، بحسب ما ذكرت صحيفة "دي فيلت"، لأنّ خطر الوقوع ضحية جرائم الكراهية والعنف فيها أعلى بعشرة أضعاف بالمقارنة مع الولايات الغربية. ويعود ذلك أساساً إلى عدد الأجانب المنخفض فيها وخبرة أهلها المحدودة مع المهاجرين بالإضافة إلى عدم تعزيز التواصل بين هؤلاء والسكان المحليين. وبيّنت "دي فيلت" كذلك أنّ الأفغان يعيشون بمعظمهم في ولاية هامبورغ، فيما تعيش مجموعات كبيرة من السوريين في ولاية شمال الراين - فيستفاليا، أمّا العراقيون والإيرانيون فيختارون بمعظمهم ولاية سكسونيا السفلى خصوصاً عاصمتها هانوفر.