وقالت السلطات الليبية، في بيان الجمعة الماضية، إنها لا تستطيع تحديد موعد وصول المياه إلى العاصمة، وبررت ذلك بكثرة التجاوزات والتوصيلات غير الشرعية على طول مسارات أنابيب نقل المياه، مشيرة إلى أن الفاقد من المياه بسبب هذه التوصيلات يصل إلى 250 ألف متر مكعب يومياً، في حين أن متوسط استهلاك مدينة طرابلس يقدر بـ400 ألف متر مكعب يومياً، وفي باقي المدن 200 ألف متر مكعب يومياً.
وناشدت السلطات كافة المجالس البلدية والجهات الأمنية سرعة التحرك، ومتابعة المخالفين من أجل ضمان وصول المياه إلى مستحقيها الذين يدفعون مقابل الاستهلاك.
وتسبب احتجاج أهالي جنوب البلاد بوقف تشغيل محطات الكهرباء المشغلة لمحطات ضخ المياه في أبار جبل الحساونة، وهي من أكبر الآبار التي يعتمد عليها جهاز النهر الصناعي في تزويد مدن الشمال بمياه الشرب.
وأكد نشطاء بحراك "غضب فزان" سابقاً، أنهم سيستخدمون قطع المياه للضغط على السلطات التي لا توفر لهم الكهرباء، إذ دخلت المنطقة الجنوبية في ظلام تام عدة مرات خلال الأسبوعين الماضيين.
وليست تلك المرة الأولى التي تنقطع فيها المياه عن مدن شمال ليبيا، إذ قام مسلحون مجهولون بتهديد عمال آبار المياه في الجنوب من أجل وقف تشغليها، ويعتقد قطاع كبير من الليبيين أن أزمة المياه والكهرباء التي تشهدها البلاد منذ سنوات، تأثرت بشكل كبير بالصراع المسلح الذي تشهده البلاد حالياً.
وقال رمضان بومجيدة، الناشط بحراك غضب فزان، إنه "لم يعد هناك مجال للسكوت، فالمياه والكهرباء تستخدم لإسكات صوتنا وخفض مطالبنا إلى مستوى الحاجات الأساسية"، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "الإعلان عن تشغيل محطة أوباري البخارية في الجنوب لتعويض النقص الكبير في الكهرباء مجرد مسكن، فحتى الآن لا تزال مناطقنا تعيش في ظلام تام رغم تأكيدات بأن المحطة قادرة على تغطية احتياجات الجنوب بالكامل".
وانخفضت ساعات انقطاع الكهرباء عن العاصمة طرابلس والمدن المجاورة لها إلى 14 ساعة يومياً، بعد أن وصلت إلى 20 ساعة في أوقات سابقة، لكن عدداً من أحياء طرابلس شهد احتجاجات ليلية قام خلالها الأهالي بحرق إطارات السيارات وإغلاق بعض الطرقات.
وجدد المجلس البلدي لمنطقة سوق الجمعة بطرابلس، استنكاره لعدم تعاطي الحكومة مع أزمة الكهرباء، مطالباً بضرورة تغيير إدارة الشركة العامة للكهرباء، والتي تبرر الانقطاع بالمواجهات المسلحة التي تشهدها منطقة جنوب طرابلس، وتوقف وحدات توليد بسبب هجوم مسلح نفذه مجهولون نهاية الأسبوع الماضي على محطة الحرشة.
ولفت بيان سابق لبلدية سوق الجمعة، إلى وقوف أطراف سياسية وراء أزمة الكهرباء، وهو ما يؤيده المواطن رجب الطشاني، المقيم بمنطقة تاجوراء، قائلاً: "التضييق على الناس بلغ مداه، ففي السابق كنا نلجأ إلى مولدات الكهرباء الصغيرة لتعويض انقطاع الكهرباء، لكننا اليوم عاجزون عن ذلك بسبب نقص الوقود".
وأمام محطة تزود بالوقود في حي زاوية الدهماني، وسط طرابلس، تصطف سيارات المواطنين في طابور طويل، وقال الطشاني الجالس في سيارته في انتظار دوره للتزود بالوقود: "هذا المشهد يتكرر يومياً منذ شهر تقريباً، والحكومة لا تحرك ساكناً".
لكن شركة "البريقة" لتسويق النفط في طرابلس، أعلنت عن شروعها في تجهيز محطات وقود متنقلة للتقليل من الزحام على محطات الوقود داخل المدينة، وقالت الشركة إنّها بدأت فعلياً في توزيع الوقود مباشرة على المواطنين عن طريق صهاريج متنقلة موزّعة على عدد من المواقع بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي ستقوم بتأمين عمليات البيع وتنظيمها.
وعن مضاعفات أزمة المياه قال الطشاني إن "الأزمة تكررت في الأعوام السابقة، وكثير من سكان وسط العاصمة اشتركوا في حفر آبار داخل الأحياء كحل مؤقت. المواطن قد يتفهم أن يقطع مسلحو اللواء المتقاعد حفتر خطوط إمداد المياه، ولكن لا يمكن فهم أسباب استمرار أزمة الكهرباء والوقود".