نُصب الجندي المجهول في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان) بات محاطاً بسفينة، ترمز إلى الرحلة المتأهبة دوماً للعودة إلى فلسطين.
في مدخل الشارع الفوقاني للمخيم، بُني هذا النصب بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982. لكنّ الحرب دمرته بشكل شبه كامل، قبل أن تبادر جمعية "ناشط" إلى ترميمه أخيراً.
وعن ذلك يقول مدير الجمعية، ظافر الخطيب: "هذا النصب تربطه علاقة حميمة بمن فكّر ونظّم وبنى المقاومة، وهم مناضلون فلسطينيون، قاوموا 14 يوماً في مخيم عين الحلوة. وكان 40 بالمائة من المعتقلين في معتقل أنصار (الإسرائيلي جنوب لبنان) من أبناء المخيم".
دمّرت معظم الأبنية والبيوت عام 1982. وأعيد بناء المخيم بعد فترة. وتحملت النساء عبئاً كبيراً في إعادة الإعمار. كما نظمت العديد من المجموعات الشبابية نفسها في خلايا للعمل، في إطار المقاومة ضد الاحتلال.
وبعد الإفراج عن المعتقلين، ورجوعهم إلى المخيم كان هناك نوع من الرفض لوجود الجواسيس فيه. وتأسست في صيدا وعين الحلوة محكمة الشعب، وتحددت مهامها في مواجهة الجواسيس وتصفيتهم، وتوجيه ضربات للعدو.
يقول الخطيب: "في هذه المحكمة لعب شخص دوراً كبيراً، وهو أبوصلاح الرفاعي. كان مقاولاً في البناء، قوي الإرادة. وعند اندحار الصهاينة وإنهاء الاحتلال وتحرير المخيم، تبرع بموارده الشخصية، ووظّف كل طاقاته لبناء نصب على مدخل مخيم عين الحلوة، ليكون نصب الجندي المجهول، تخليداً للشهداء الذين سقطوا خلال الاحتلال".
ويتابع: "نحن في جمعية ناشط، قررنا أن نعيد الاعتبار لهذا النصب، خاصة أن هذه المنطقة كانت مركز اشتباكات داخلية، عرضت النصب للتهديم والإهمال. فلا يعرف الجيل الجديد تاريخ هذا النصب. وهدفنا في ذلك توجيه رسالة مفادها أنّه بالرغم من كل ما يحدث، وبالرغم من الحرمان والحالة الاقتصادية السيئة، إلا أنّ هناك من يريد البناء والاستمرار والصمود في المخيم. وفضلنا شكل السفينة حول النصب، لترمز إلى أنّ وجودنا في لبنان مؤقت، وبوصلتنا فلسطين والعودة إليها".
ويأتي ترميم النصب، في إطار عمل الجمعية الدائم في الأعمال العامة في المخيم عبر متطوعيها. وجاءت فكرة ترميم النصب عام 2011، لتنفذ في العام التالي، بمساهمة الفنان الفلسطيني أسامة زيدان، الذي صمم المشروع من أجل الشهداء الذين سقطوا في سبيل الدفاع عن المخيم وأهله. وكان النصب في البداية يتخذ شكل نصف سفينة، لكنّه استكمل لاحقاً ليصبح سفينة كاملة محاطة بالأشجار والأزهار، تتأهب للعودة إلى فلسطين مع أهل مخيم عين الحلوة.