سفاسف الأمور

20 فبراير 2015

"هافعصك زي الصرصار"

+ الخط -
* عندما تقوم بتحويل وسائل الإعلام إلى أذرع تعمل لمصلحتك، سيمكنك استبدال شعار "طول ما الدم المصري رخيص.. يسقط يسقط أي رئيس"، بشعار "طول ما الدم المصري رخيص، ادخل أول حرب وهيص".
* بعد أربع سنوات من القتل المجاني لشباب البلد، لم يعد العقلاء يستخدمون في مجاملاتهم العائلية تعبير "عقبال ما ابنك ياخد الشهادة".
* تستطيع أن تفهم تأثير أوبريت (الليلة الكبيرة) العميق في حياتنا، عندما تكتشف أن السياسة الخارجية المصرية تُدار بمنطق "يسترك هات حبّة بقرش".
* برغم كل شيء، ما زلنا نحافظ على كوننا "أمة وسطاً"، بدليل أن أغلب محاولات تبادل الآراء، تنتهي لدينا بتبادل الأصابع الوسطى.
* لم يعد دقيقاً بعد العمليات الإرهابية لها في ليبيا، اعتبار اسم (داعش) اختصارا لعبارة (دولة الإسلام في العراق والشام). لذلك، أقترح أن يتم اعتبار (داعش) اختصاراً لعبارة (دول أصلاً عالم شرا...).
* من عبث الحياة أننا نخجل، بل ونقرف من أكثر سائلين يرتبط وجودهما وانعدامهما بوجودنا وعدمنا: المنيّ ودم الحيض.
* حتى وقت قريب، كان كثيرون يرون أننا "محتاجين نفكر بره الصندوق". الآن، وبعد كل ما جرى، أصبحنا "محتاجين نفكر بره التابوت".
* لا أحد يجرؤ على إنكار نظرية المؤامرة بقوة، لكي لا يتم اتهامه بأنه جزء من المؤامرة.
* في البلاد التي يحكمها المستبدون، يصبح رأيك مجرد غاز، وغضبك في إعلانه يحوله إلى غاز جهير الصوت.
* ما بين أتعاب دكتور الولادة وأتعاب الحانوتي، تظل الحياة، بأكملها، تعباً تتخلله فترات من الراحة، يتحكم في طولها الحظ.
* نقول لأعدائنا كما قال محمود درويش "اتركوا حائطاً واحداً لحبال الغسيل"، لكي نشنق بها بعضنا البعض.
* إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتأكد من عدم وجود كاميرات مراقبة.
* كل مصابي الثورة تعرضوا لظلم فادح، لا شك فيه. لكنْ، هناك مصابو ثورة، لم يهتم بهم أحد كما يجب، هم المصابون في عقولهم.
* تكلمت كثيراً فندمت، أما عن الشخر فلم أندم أبداً.
* كن حذراً في ما تتمناه، فقد تحصل عليه، يعني من الممكن أن تتمنى من أعماق قلبك، أن تكون قريباً جداً بأي شكل من صدر مونيكا بيلوتشي، الناهض دائماً، فيستجاب دعاؤك ويسخطك الله "حَسَنة"، جنب ثديها الشمال، لتكون عندها قريباً جداً من صدرها. ولكن، من دون أن تكون أصلاً قادراً على رؤيته.
* لست مسؤولاً عن توقعاتك لما أكتبه، ألا تكفيني مسؤوليتي أن أكتبه.
* لا تستوحشوا طريق الحق، لكثرة حوادث الاغتصاب فيه.
* للأسف، كل مصائب الحب تنتج عن تقدير خاطئ للمسافات، لخّصه بيرم التونسي، حين قال في أروع أغانيه لأم كلثوم: "ما احسبش يوم هياخدني بعيد".
* كان صديقي يتحدث عن تفاؤله بمستقبل حرية التفكير في مصر. وفجأة، قرر أن يستشهد بتلك العبارة التي يحفظها من فيلم "المصير"، والتي تثير ضحكي كلما سمعتها: "الأفكار لها أجنحة ماحدش يقدر يمنعها من الطيران". قلت له، وقد اتخذت قراراً بالتسقيم عليه: "الصراصير أيضاً لها أجنحة، ومع ذلك، تستطيع أن تمنعها من الطيران، لو نشنت الشبشب صح". لم أستغرب اتهامه لي بالتفاهة. لذلك، عدت إلى التحلي بالعمق، قائلاً له: "يا سيدي، من العبث أن نربط مصير الأفكار بقدرتها على الطيران، الأفكار لو كانت أصيلة وقوية ونافعة للناس، حتى لو منعوها من الطيران، أو إذا لم يكن الجو ملائما للطيران، يمكن لها أن تزحف لكي تصل إلى الناس. حدث ذلك في التاريخ لأفكار كثيرة، وربما انضمت إليها هذه الأفكار يوماً ما إذا نجت ونجا صاحبها من ضرب الشباشب".
* بمناسبة الصراصير، عندما ترغب في تهديد أحد من أبناء وطنك، وإدخال الرعب إلى قلبه، لا تقل له تلك الجملة المبتذلة التي يرددها كثيرون، على سبيل التهديد، من دون وعي حقيقي بمعناها: "هافعصك زي الصرصار". صدقني، لن تقول تلك الجملة، حين تعرف أن الصرصار عاش 150 مليون سنة، وأنه الكائن الوحيد الذي يمكن أن ينجو من أي موجة إشعاع، تضرب الكرة الأرضية. وبناءً عليه، إذا أردت أن تكون صارماً ومخيفاً، في تهديدك أحداً، عليك أن تقول له "هافعصك زي الإنسان"، خصوصاً وأنت تعيش في بلاد يسهل فيها فعص الإنسان.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.