ما زالت أكثر من 456 ألف خريجة جامعية سعودية، عاجزات عن الخروج من دوامة البطالة، التي تطاول أكثر من 33% من السعوديات، على الرغم من مرور سبع سنوات وأكثر على حصول أكثرهن على شهاداتهن. وهذا العدد الهائل من حاملات الشهادات الجامعية اللواتي يلازمن بيوتهن، يجعل البطالة النسائية في السعودية الأسوأ عالمياً. وبحسب تقرير للبنك الدولي، ترزح أكثر من 33.2% من السعوديات تحت البطالة، وهي النسبة الرسمية نفسها في تقارير وزارة العمل ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات المحليتين.
لا يبدو أن ثمّة حلولاً ممكنة في الأفق، فالعدد يرتفع سنوياً بمقدار أكثر من 36 ألف امرأة، بينما لا يتجاوز حجم التوظيف خمسة آلاف امرأة. وهذا يعني أن نسبة البطالة ترتفع سنوياً بين الخريجات الجامعيات، خصوصاً اللواتي نلن شهاداتهنّ منذ زمن، بمعدل 10% سنوياً.
تقرّ وزارة العمل بأنها تواجه مشكلة، لكنها تعجز عن حلها، إذ إن وزارة الخدمة المدنية المعنية بالتوظيف الحكومي لا تستطيع استيعاب أكثر من ثلاثة آلاف خريجة سنوياً، بينما الوظائف التي تقدمها وزارة العمل في القطاع الخاص لا تناسب حملة الشهادات الجامعية.
بحسب الإحصائيات الرسمية، من المتوقع أن يرتفع عدد حاملات الشهادات الجامعيات العاطلات من العمل نحو 1.5 مليون بحلول عام 2025. أكثر من 1.9 مليون طالبة جامعية أو في المرحلة الثانوية سوف يدخلن سوق العمل خلال ثماني سنوات، تدريجياً ابتداءً من هذا العام. ويؤكد الناشط الحقوقي والمختص في مجال التوظيف زيد الحسن، على أن "البطالة النسائية بين اللواتي نلن شهاداتهن الجامعية قبل زمن، هي الأسوأ عالمياً"، محملاً خطط وزارتَي الخدمة المدنية والعمل المسؤولية. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "البطالة النسائية ارتفعت بمقدار 36 ألف امرأة، أي بنسبة 10% في عام واحد، وهذا هو المهم. حتى الموظفات منهن يعملن في الغالب، في مهن لا تناسبهن". ويوضح: "لدينا أكثر من 796 ألف موظفة في مهن ذات مداخيل متدنية، فقط لملء الفراغ. أما معدّل رواتبهن الشهرية فلا يتعدى 800 دولار أميركي".
ويشدّد المحسن على أن "المشكلة الأكبر تكمن في سوء مخرجات التعليم، التي لا تخرّج نساء قادرات على العمل في مختلف المجالات. وعلى أكثرهنّ إما العمل في التدريس أو في المهن الطبية أو تلازم منزلها". يضيف: "أكثر النساء يتخرجن من الجامعات ويصنّفن غير كفؤات".
من جهته، يقرّ وزير الخدمة المدنية بالخلل وكذلك بالضرر الذي وقع على الخريجات اللواتي نلن شهاداتهن قبل زمن، ويتحدّث عن محاولات لإيجاد حلول وعن اجتماعات مع معنيّين. لكن مختصين يوضحون بأن الوضع لا يحتاج إلى كل هذه الاجتماعات والتعقيدات. المشكلة ليست في عدم توفّر وظائف، فهي موجودة لكن معطلة. ويلفتون إلى أنه بحسب تقرير رسمي لوزارة الخدمة المدنية، ثمة أكثر من 319 ألف وظيفة حكومية شاغرة، أكثرها في مجالَي الصحة والتدريس. ولو تمّ إشغالها، فمن الممكن خفض نسبة بطالة النساء إلى أقل من 14%.
ويشير المتخصص في شؤون التعليم وليد الزيد إلى إمكانية استيعاب آلاف الخريجات اللواتي نلن شهاداتهن قبل زمن، في مجال التعليم، وذلك من خلال منح المدرّسات اللواتي قضين أكثر من 25 عاماً في العمل، تقاعداً مبكرا. وهؤلاء يتجاوز عددهن 120 ألف مدرّسة. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "هذا الأمر سوف يتيح فرصاً وظيفية كبيرة للخريجات". ويحمّل الزيد "عدم اتفاق الوزارات المعنية على خطط عمل واضحة، المسؤولية، والضحية في نهاية المطاف هنّ نساء قضين أكثر من 17 عاماً في الدراسة، لتعلقن شهاداتهن في غرفهن".
ويتابع أن "بين عامَي 2010 و2013، تخرّجت أكثر من 175 ألف طالبة مع درجة بكالوريوس، في مقابل نحو 95 ألف طالب. لكن التعيين في تلك الأعوام الثلاثة، كان من نصيب 41 ألف مدرّس في مقابل 22 ألف مدرّسة، أي أن الضعفَين لصالح الذكور".
وفي السياق نفسه، تؤكد نورة الحزيمي التي تحمل شهادة ماجستير وعاطلة من العمل، على أن "ثمّة معاناة في تعيين النساء في وظائف التعليم". وتقول لـ "العربي الجديد": "لو وُجدت رغبة جادة في حل المشكلة، لحصل ذلك قبل فترة طويلة. لدينا نقص يتجاوز 54% في الوظائف، ومع ذلك نجد أن البطالة في السعودية هي الأسوأ عالمياً. أما السبب فهو أن مخرجات التعليم غير مناسبة للوظائف المتاحة، بالإضافة إلى القيود على عمل المرأة لدى كثير من الجهات. بالتالي وجدت نفسها محصورة بين التعليم والصحة، وهما نطاقان لا يستوعبان كل الخريجات، ولا المتخصصات في القانون والهندسة وإدارة الأعمال مثلاً".
اقرأ أيضاً: السعوديات مرهقات من تأخير القضايا الأسريّة