سعوديون يهربون من البطالة إلى الكويت

31 يناير 2019
مساواة راتب السعودي بالكويتي (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
بسبب تداخل المجتمعين الكويتي والسعودي، يعيش كثير من سعوديي المناطق الحدودية ويعملون في الكويت، لكنّ السنوات الأخيرة شهدت زيادة في عدد السعوديين الهاربين إلى الكويت من بطالة بلادهم

لا إحصائية رسمية لعدد الموظفين السعوديين في قطاعات الدولة العامة والخاصة في الكويت، فهؤلاء، خصوصاً أهل المناطق الحدودية، منذ القدم يعملون في الكويت، ويعيش كثيرون فيها. لكنّ مسؤولاً في ديوان الخدمة يفضّل عدم الكشف عن اسمه، يقول لـ"للعربي الجديد" إنّ هناك أكثر من 15 ألف سعودي وسعودية يعملون في الوظائف الحكومية والخاصة في الكويت، من أصل 150 ألف سعودي مقيم في الكويت، ويعتبر السعوديون في الكويت أكبر جالية تعيش في الخليج العربي بعد موطنها الأصلي.

يعمل 60 ألفاً من هؤلاء في القطاع العسكري، إذ تسمح القوانين في الكويت للخليجيين أبناء المواطنة الكويتية بالعمل في وزارة الداخلية. ويخدم السعوديون في الكويت كرجال شرطة أو عسكريين في القوات الخاصة وقوات مكافحة الشغب. كذلك، تبلغ نسبة المعلمين السعوديين في وزارة التربية ومدارس الدولة الحكومية أكثر من 25 في المائة من مجموع الموظفين، فيما يتوزع الباقون على وظائف حكومية أخرى.

تعود أسباب زيادة عدد الموظفين السعوديين في الكويت إلى قرار أصدرته الحكومة الكويتية عام 2014 يقضي بمساواة راتب العاملين الخليجيين في القطاع الحكومي برواتب المواطنين الكويتيين، بالإضافة إلى سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقشفية التي وجهت ضربة إلى رواتب كثير من المعلمين والموظفين الحكوميين السعوديين العاملين في القرى الحدودية المتاخمة للكويت.

أحد هؤلاء الذين اتخذوا قراراً بالرحيل نحو الكويت عام 2015 هو عبد الله الشمري، المعلم في إحدى المدارس الحكومية الكويتية، جنوبي البلاد، بعدما فشل في الحصول على وظيفة في مدينة حفر الباطن الحدودية، شمالي السعودية. يروي الشمري لـ"العربي الجديد": "أنا من سعوديي الكويت (لقب يطلق على السعوديين الذين ولدوا وعاشوا في الكويت) وحصلت على الدرجة الجامعية من كلية التربية في جامعة الكويت، وبعدها قررت الذهاب إلى مدينتي الأصلية وهي حفر الباطن المتاخمة للحدود الكويتية لكنني انتظرت طوال ثلاث سنوات ولم أحصل فيها على أيّ وظيفة بالرغم من الوعود الحكومية هناك، واضطررت للعمل سائق شاحنة".



يتابع: "سمعت بقرار حكومي في الكويت يسمح للمعلمين السعوديين والخليجيين بالعمل في مدارس الحكومة، فقررت العودة إلى الكويت وتقدمت بطلب للوظيفة، ولم أكن أعلم أنّ راتبي يساوي راتب الكويتي حتى قالت لي موظفة القبول إنّ هذا القرار قد تم إقراره بشكل رسمي منذ عام 2014 فكدت أطير من الفرحة". ويتقاضى الشمري 1100 دينار كويتي (3600 دولار أميركي) شهرياً وهو مبلغ لم يكن ليتقاضى نصفه في السعودية لو نجح في الحصول على وظيفة معلم هناك.

لم يكن الشمري الوحيد من عائلته الذي قرر العودة إلى الكويت والاستقرار فيها، إذ إنّ شقيقته التي كانت معلمة في إحدى مدارس القرى التي تحيط بمدينة حفر الباطن قررت الاستقالة من وظيفتها للعمل في الكويت.

تسببت سياسات التقشف التي يقودها محمد بن سلمان، وزيادة معدلات الفقر في المناطق الحدودية في المملكة العربية السعودية وارتفاع نسبة البطالة التي وصلت بحسب أرقام رسمية إلى 12.9 في المائة، في هجرة مزيد من السعوديين نحو البلدان الخليجية وأبرزها الكويت.

أحد هؤلاء ممن قرروا الهجرة إلى الكويت بالرغم من عدم وجود أقارب له فيها، على العكس من بقية السعوديين، هو خالد عطية. يقول لـ"العربي الجديد": "لا وظائف في السعودية. هناك شح في الوظائف والفقر بدأ يزحف نحونا بسبب انخفاض أسعار النفط ورفع الدعم عن الكثير من السلع بالإضافة إلى الضرائب. وكشاب في الخامسة والعشرين كان أمامي خياران إما أن أبقى في السعودية وأعمل حارس أمن براتب لا يتجاوز 4000 ريال (نحو 1000 دولار) بالرغم من أنّي أحمل شهادة في الرياضيات، أو أن أذهب إلى أحد بلدان الخليج، فوقع خياري على دبي والكويت". يتابع: "في دبي تبدو الحياة غالية ومكلفة وتبدو المدينة غريبة وغير عربية ما يشعرني بالغربة، أما في الكويت فالمجتمع متشابه مع المجتمع السعودي، بل متطابق، كما أنّ رواتب المعلمين عالية هنا، وأوقات العمل مريحة جداً وتكلفة المعيشة منخفضة ولا تقارن بما يحدث في السعودية من غلاء الآن".



يعلّق أحمد العنزي، وهو شاب سعودي ولد وعاش في مدينة الجهراء، شمالي الكويت، ويعمل ممرضاً في مستشفى هناك، لـ"العربي الجديد": "كثيرون من أقاربي وأبناء قبيلتي الذين يحملون الجنسية السعودية ويعيشون في الحدود الشمالية بدأوا يسألونني عن أسلوب الحياة في الكويت وكيفية التقدم إلى الوظائف، بل إنّ ابن عمي الذي لم يزر الكويت في حياته ذهب للدراسة الجامعية في الأردن كي يحصل على شهادة تمكّنه من العمل في الكويت في ما بعد".

يضيف: "البطالة باتت شبحاً كبيراً يؤرق السعوديين. وفي المدن الشمالية تحديداً، قليل من الشباب هم الذين حصلوا على وظائف في السنوات الأخيرة، وحتى الجيش السعودي بات مكتفياً بالرغم من الحرب القائمة، بسبب تدافع الشباب عليه هرباً من شبح الفقر. لذلك، فإنّ سعوديين كثيرين يأتون إلى الكويت، وهو بلد ليس غريباً عنهم، فالعادات والتقاليد متشابهة. وهنا في الجهراء لا تكاد تشعر أنّك في مدينة تختلف عن مدينتي الخفجي وحفر الباطن الحدوديتين، فالعادات واللهجة والتقاليد واحدة".