تَبرُز الطبيعة وعناصرها في معظم أعمال الفنّانة التشكيلية المصرية سعاد عبد الرسول (1974)، ضمن عالم خاص تصنعه على نحو غرائبي، لتُترجم من خلاله أفكارها التي تتنوّع من تجربة إلى أخرى، لكنها تتناول ثيمات أساسية تتّصل بالجسد الإنساني وحضوره وتفاعله في هذه الطبيعة التي يساهم في تشويهها.
"حديقة افتراضية" عنوان معرضها الجديد الذي افتُتح في "قاعة مشربية للفن المعاصر" بالقاهرة الأحد الماضي، ويتواصل حتى الرابع عشر من شباط/ فبراير المقبل، وقد استغرق العمل على لوحاته الثلاثين سنواتٍ عدّة.
تطرح عبد الرسول مجموعة تساؤلات حول ماهية الجسد، وأين تكمن المشاعر فيه. وفي سياق بحثها، تُقدّم مجموعة مقترحات بصرية عبر شطر أجساد لوحاتها إلى نصفين أو جزئيات صغيرة، أو دمجها مع حيوانات عدّة أحياناً، أو حبسها في داخله أحياناً أخرى، فتجد امرأة مسجونة داخل رئة أو رحم مثلاً، ومرّة يتحوّل الجسد إلى شجرة، فينبت ويخضرّ ويُزهر.
"مسحة تبدو سوريالية لكنها تُصوّر الواقع الذي تعيشه"، هذا ما تقوله الفنّانة المصرية في حديثها إلى "العربي الجديد"، عن لوحات المعرض، مشيرة إلى أنها تُركّز فيها على "قهر المرأة وأحلامها المجهضة؛ حيث تظهر على جسدها علامات التاريخ كلّه من اضطهاد عبّرت عنه بأجساد عارية لكنها ليست مثيرة ولا تهدف إلى استعراض فتنتها".
الشغف بالجسد بدأ منذ مشروع التخرّج، بحسب عبد الرسول، والذي تناولت فيه الحمّامات الشعبيات من منظور غير جمالي، إذ لم تكن حريصة على إظهاره بشكل مثالي، بل نزعت إلى إبراز الفقر والإنهاك والاستسلام والأمنيات الضائعة، فبدت النساء بدينات وساكنات ووحيدات في أجواء ضبابية غامضة.
كانت عبد الرسول تعتقد أن التجربة انتهت عند هذا الحد، وأنها ستكتفي بذلك المشروع وتكفّ عن البحث، لكنها وجدت نفسها - كما تُضيف - تغوص أكثر فأكثر في عالم المرأة: "لم أكن أبحث في اكتشاف الآخر، إنما في اكتشاف ذاتي بكل متناقضاتها ونقصها ووجعها ومسرّتها أيضاً، ولم يكن بحثي عن الشكل مطلقاً"، وتوضّح: "أنا أرسمني طوال الوقت، مهما كان الشكل الذي أرسمه".
تُضيف: "عنصر النبات يأخذ مكانة مختلفة من مشروع إلى آخر، وهو يُحيل إلى القيود الاجتماعية التي تبدو مقبولة ويتعامل معها الناس بسهولة جدّاً، لكنها في النهاية قيود تكبّلنا وتحدّ من أحلامنا ومن حركتنا، وقد يبدو شكلها بسيطاً مثل الوصاية الأبوية أو سيطرة الزوج، كما أطّرتُ اللوحات للتأكيد على فكرة الحدود التي تحاصرنا، وليس لغاية جمالية".
أما عن توظيفها للأسطورة، فتلفت عبد الرسول إلى أن الأخيرة تسرّبت إلى أعمالها بلا وعي منها، لافتةً إلى أن مصدرها الأساسي هو دراستها في الماجستير والدكتوراه تاريخَ الفن، حيث تُشكّل الميثولوجيا عنصراً بارزاً تعود إليه على الدوام، وهي تظهر في معظم لوحاتها، وخاصة أسطورة "الأميرة النائمة" التي تحضر في هذا المعرض.